منطقة المثلث مجددًا إلى دائرة النار والهدف جر المعارضة إلى سوتشي



أكدت مصادر عسكرية من (الجبهة الجنوبية)، لـ (جيرون)، وجود تعزيزات عسكرية ضخمة لقوات النظام وميليشيات طهران، في منطقة المثلث شمالي محافظة درعا، تحضيرًا لعمل عسكري وشيك، معتبرة أن البعد السياسي لمثل هذا الهجوم -إن حصل- هو الضغط على قوى الثورة للقبول بمؤتمر سوتشي، كمدخل وحيد لإنتاج حل سياسي في البلاد.

جاءت هذه التأكيدات تزامنًا مع معلومات، تناقلتها وسائل إعلام إيرانية مؤخرًا، تُفيد بتجهيزات كبيرة تعمل قوات الأسد وميليشيات إيرانية عليها للبدء بهجوم واسع، في منطقة المثلث، بهدف طرد مقاتلي المعارضة منها، والسيطرة على التلال الاستراتيجية هناك، على الرغم من أن منطقة الجنوب السوري عمومًا دخلت في مناطق خفض التصعيد، منذ تموز/ يوليو الماضي.

يقول أبو عبدو الزرقان، قائد لواء (أبو القاسم) التابع للفرقة 46 مشاة: إن “هناك تحركات نشطة، ووفق عمليات الرصد والاستطلاع لكتائبنا وتشكيلاتنا في منطقة المثلث، توجد مؤشرات عديدة عن تحضير النظام السوري والميليشيات الإيرانية لعمل عسكري وشيك، ومعظم التعزيزات تتمركز في دير العدس وتل قرين، إضافة إلى وجود عدد كبير من قوات الحرس الثوري في محيط بلدة جدية”، مضيفًا لـ (جيرون): “نحن نعتقد أن الهدف العسكري للهجوم القادم، في حال حدوثه، هو السيطرة على تل الحارة الاستراتيجي، إضافة إلى فصل مناطق القنيطرة عن درعا، وتأمين الحزام الجنوبي الغربي للعاصمة دمشق، بشكل نهائي”.

قال العميد إبراهيم الجباوي، مدير الهيئة السورية للإعلام سابقًا: إن “التعزيزات في منطقة المثلث مرصودة وواضحة، وهي مؤشر عن التجهيز لهجوم قريب. هناك تعزيزات واضحة للفرقة السابعة والتاسعة وقوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة، إضافة إلى (حزب الله اللبناني) وغيره من الميليشيات الإيرانية، ونتوقع الهجوم من محورين: الأول من محور الحارة غرب زمرين شمال درعا، والثاني من محيط سعسع باتجاه الصمدانية بريف القنيطرة”.

أضاف الجباوي، في تصريحات لـ (جيرون)، أن “الهدف الميداني أو العسكري من هجوم كهذا هو السيطرة على تل الحارة الاستراتيجي، لارتفاعه (800) م عن سطح البحر، وهو يشرف ناريًا على المناطق الممتدة من شمال درعا حتى الحدود الأردنية جنوبًا، والحدود مع الجولان المحتل غربًا، وكذلك حتى مشارف ريف العاصمة الغربي والجنوبي الغربي”.

تابع: “من خلال المعطيات، يمكن التأكيد بأن الهدف العسكري من هذه العمليات هو وصول الإيرانيين إلى الحدود الأردنية؛ ما يعني خلط الأوراق السياسية والميدانية في الجنوب السوري، إذ إن هناك مساعي إيرانية لزج الأردن بشكل مباشر في الصراع”.

عبر الجباوي عن اعتقاده أن “الأردنيين أكثر وعيًا من ذلك، كذلك ستحاول طهران الوصول إلى الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، لخلق معادلة جيدة وهمية شبيهة بمعادلة (حزب الله) في جنوب لبنان، وذلك للضغط على الإسرائيليين بشكل أكبر، ودفعهم للتمسك ببشار الأسد ونظامه، على اعتبار أنه حامي الحدود وضامن الاستقرار في المنطقة، ولكن لا أعتقد أن التوازنات الدولية ستسمح بمثل هذه التغييرات السياسية والميدانية”.

أما عن قدرة الفصائل العسكرية في المنطقة على الصمود وصد الهجوم المحتمل، قال الرزقان: “لدينا من القدرة والتحصينات ما يمكننا من صد أي هجوم، والخطط العسكرية موضوعة، ومقاتلونا على أتم الجاهزية والاستعداد، وأؤكد أن المهاجمين سيرون العديد من المفاجئات التي لا يتوقعونها، و(مثلث الموت) -كما كان سابقًا- سيبقى مقبرة للميليشيات الأجنبية وقوات الأسد”.

هذ الأمر أكده الجباوي أيضًا، وقال: “إذا حُيّد الطيران الروسي عن العمليات العسكرية؛ فإن الثوار قادرون على صد أي هجوم، مهما كان حجمه والعتاد المستخدم فيه. سلاح الجو الروسي هو الذي استطاع أن يمنح قوات الأسد وميليشيات طهران الأفضلية في الفترة الأخيرة، والجميع يذكر أن ذلك الطيران شكل جدرانًا نارية في وجه المدافعين، لتسهيل اقتحام المهاجمين على الأرض، كما حصل إبان معارك مدينة حلب وغيرها”.

سياسيًا، يرى الجباوي أن الهجوم المحتمل على منطقة (مثلث الموت) يأتي في سياق “تحول اتفاق وقف إطلاق النار في تموز/ يوليو الماضي إلى مجرد اتفاق لخفض التوتر، وهو ما يسمح للنظام وطهران، بغطاء روسي، بخرق هذا الاتفاق، في أي وقت، تحت ذريعة وجود مجموعات متطرفة هنا وهناك”.

موضحًا في هذا السياق “العالم كله يعرف أن منطقة الجنوب السوري عمومًا، ومنطقة مثلث الموت خصوصًا، تخضع لسيطرة فصائل (الجبهة الجنوبية)، ولا وجودَ فيها لأي مجموعة أو تشكيل متطرف، باستثناء منطقة حوض اليرموك، وأعتقد أن المعنى السياسي الأبرز للتصعيد في مناطق الجنوب، في هذا التوقيت بالذات، هو الضغط على قوى الثورة السورية وإجبارها على القبول بمؤتمر سوتشي، وبالرؤية الروسية للحل، كبديل عن جنيف ومظلة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي”.

وأشار إلى أن ما يساعد الإيرانيين على التصرف بهذه العنجهية هو غياب أي دور أميركي واضح وفاعل، لافتًا إلى أن الدور الأميركي جرى تفويضه في الجنوب إلى الإسرائيليين، ليتصرفوا مع تجاوزات الميليشيات التابعة لطهران، بخاصة إذا اقتربت من الحدود مع الجولان المحتل، مؤكدًا أن الأطراف الأكثر قدرة على الفعل والتحرك جنوب سورية حاليًا هم الروس بالدرجة الأولى. (م.ش).


جيرون


المصدر
جيرون