لماذا (حسبة) الغوطة تسكت عن التجار المنتفعين من الحصار!



يُرهق احتكار المواد الغذائية، والتلاعب بأسعارها من قِبل بعض التجار، الأهالي المحاصرين في الغوطة الشرقية، ويزيد من ضائقتهم، ويؤكد جمعٌ من أهالي الغوطة وناشطيها أن الهئيات التي يُفترض أن تلاحق هذه الحالات وتضبطها بعيدةٌ كل البعد عن هذا المسار، ومشغولة بقضايا أخرى، لا قيمة لها في الظرف الراهن.

قالت هناء وتد، وهي ناشطة من الغوطة، لـ (جيرون): “عندما أُغلقت الأنفاق بشكل كامل، بعد أن سيطر النظام على برزة والقابون؛ أصبح التجار الكبار المعروفون بأن لديهم مستودعات مليئة بالمواد الغذائية، يتحكّمون بالأسعار، وأخذت أسعار السلع ترتفع شيئًا فشيئًا، حتى وصل سعر كيلو السكر الواحد إلى 16 ألف ليرة سورية، بعد أن كان سعره لا يتعدى الـ 4000. جميع الأهالي كانوا على يقينٍ حينذاك بأن ما يباع في الغوطة هو من مواد تم تخزينها، وليس مواد جديدة تم إدخالها من المنفذ الوحيد الذي بقي للغوطة، وهو معبر مخيم الوافدين الخاضع لسيطرة النظام”.

أضافت: “في ذلك الوقت، لم نجد أحدًا يحرّك ساكنًا من الجهات الرسمية، حيال هذه الممارسات، أو يضع قوانين تفرض على البائع البيع بسعر مقبول إلى حدٍّ ما، فلا إدارة التجارة والاقتصاد، ولا قيادة الشرطة، ولا أي من الجهات الرسمية التي فرضت نفسها على المواطن عملت عملًا يصب في مصلحة القاطنين في الغوطة الشرقية، الذين أنهكهم الحصار وارتفاع الأسعار”.

تطرقت هناء إلى جهاز (الحسبة) التابع لـ (جيش الإسلام) الذي يغضّ الطرف عن عمليات الاحتكار والمتاجرة، وقالت في هذا الصدد: “أما (الحسبة) التي تم تغيير اسمها وإدارتها، حيث صار اسمها (مديرية الدعوة والإصلاح)، فإنها لم تقم بعملها الحقيقي الذي كان من المفترض أن تقوم به، وهو محاسبة التجار، وسنّ قوانين تفرض على التاجر البيع بسعر معين، وفرض عقوبة على المخالف، بل اتخذت لها نشاطًا مغايرًا، وهو قلب الفرح إلى مأتم، فمتى وُجد فرح في الأماكن التي تقبع تحت سيطرة (جيش الإسلام)؛ وُجد مندوبون ومندوبات (مديرية الدعوة والإصلاح) بالمرصاد لهذا الفرح، فمن منعِ الأغاني إلى التدخل بلباس النساء في الأعراس، إلى منع التصوير ومنع دخول العريس إلى صالة الأفراح.. هذا جلّ عمل هذه المديرية، أما محاسبة التجار، فهذا ليس من عملها، كما تدّعي”.

في الموضوع ذاته، أكد أحمد طه، ناشط من دوما، أن (الحسبة) تتعامل بسلبية مفرطة مع قضايا المواطنين وشؤونهم الضرورية، في حين تبرز سطوتها في مواقفَ لا قيمة لها، وقال لـ (جيرون): “تتدخّل (الحسبة) التابعة لـ (جيش الإسلام) في مختلف مناحي حياة الناس، في أعراسهم، لتمنع الأدوات الموسيقية، أو حتى لتمنع أو لتفرض نوعًا معينًا من اللباس، أما حين يكون الكلام عن احتكار التجار للبضائع وغلائها؛ فلا تتدخل أبدًا، وأصبح معروفًا للقاصي والداني العلاقة بين قادة الجيش وهؤلاء التجار”.

من جانب آخر، ردّ إياد عبد العزيز، رئيس المجلس المحلي في مدينة دوما، على الاتهامات الموجّهة لجهاز (الحِسبة)، بقوله: “بعد عدة شكاوى من الأهالي على ضغوطات وتدخّل الحسبة بشؤون الناس اليومية ومضايقتهم؛ ارتأت القيادة الموحدة إلغاء (الحِسبة)، فالأخيرة أُلغيت منذ أكثر من شهرين، ووضِع بدلًا منها (هيئة النصيحة)، وهي تنصح الناس، وليس لها قوة تنفيذية، فهي مكوّنة من عدة أشخاص، عندما يرون خطأً يقومون بالنصح”.

عن التجار والتلاعب بالأسعار، قال عبد العزيز: “موضوع التجار وتلاعبهم بالأسعار هو موضوع شائك جدًا؛ فهناك مشكلات كبيرة، ولا تستطيع جهة أو جهتان التحكّم بها وإدراتها. المشكلة أن الموارد والخيارات قليلة جدًا، وهذا السبب الذي يجعل الأمور تخرج عن السيطرة وعن الضبط”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون