معارضون: معادلات جديدة يفرضها ممر إيران إلى المتوسط



بدأت إيران،  كما ذكرت وكالة (الأناضول) التركية قبل عدة أيام، باستخدام طريق بغداد/ دمشق، لأغراض عسكرية، وذلك بعد أن أحكمت سيطرتها على جانبي الحدود، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مشيرةً إلى أنها (إيران) أدخلت مؤخرًا عبر مدينة البوكمال الحدودية قافلةً عسكرية، وقد أكدت مصادر عسكرية لـ (جيرون) أن جزءًا من تلك القافلة أكمل طريقه عبر سورية إلى لبنان.

سيطرة ميليشيات طهران، على الحدود السورية العراقية، تعني أنه بات لإيران طريق بري للمرة الأولى يربطها بكل من بغداد ودمشق وبيروت، إلى جانب قدرتها على الوصول إلى البحر المتوسط، وفق ما أكده المحلل العسكري العقيد أحمد حمادي، وأضاف في حديثه لـ (جيرون) أن “المعطيات الحالية تشير إلى أن إيران، بعد أن سيطرت على الحدود، أحرزت نصرًا كبيرًا، ولكن تلك الوقائع الميدانية والسياسية في سورية غير ثابتة، وقابلة للتغير وفق تقاطع أو تضارب مصالح اللاعبين الأساسيين في الصراع، ولا سيّما القوتين العظميين: أميركا وروسيا”.

من جهة ثانية، قال عمر الدمشقي، مدير وكالة (بردى): “نعم هناك سيطرة للميليشيات الإيرانية على الحدود، وربما تستطيع إيران أن تتحدث عن نصر إعلامي على مناطق صحراوية، ولكن الواقع على الأرض ليس كما تصوّره طهران وإعلامها. بشكل يومي تقريبًا هناك خسائر لقوات النظام والميليشيات الإيرانية، بسبب الهجمات المستمرة لـ (داعش)، سواء على البوكمال، أو محيط تل دكوة في عمق البادية الشامية، أو مطار (السين)”.

أضاف خلال حديثه مع (جيرون) أن “من المبكر جدًا الجزم بأن إيران والنظام السوري انتصرا بشكل حاسم في تلك المنطقة”. وتابع: “(داعش) الذي يُقدر عدد مقاتليه بالآلاف لم يرَ أحد أي جثة أو أسير منهم خلال المعارك، وهو ما يطرح السؤال: هل ما حدث فعلًا هو انتصار أم مجرد تأجيل للمعارك الحاسمة إلى الشتاء؟ وانطلاقًا من هذه المعطيات؛ أعتقد أن ليس بإمكان أي طرف في الوقت الحالي أن يحكم سيطرته بشكل مطلق على جانبي الحدود السورية العراقية، من دون أن ننكر أن طهران حاليًا تسيطر على طرق مهمة، أبرزها بغداد/ دمشق، مع الإشارة إلى أن هذا الطريق أيضًا يتعرض يوميًا لهجمات، بخاصة على محاور (تي2 ومثلث البطمة)”.

يرى البعض أن سيطرة إيران على الطريق الدولية، بين العراق وسورية، ستنتج تغييرًا في المعادلات الميدانية والسياسية المتعلقة بالصراع في سورية، وربما المنطقة برمتها، خاصةً في ظل الصراع الكبير بين إيران والسعودية.

في هذا الصدد، قال الدمشقي: “من دون شك، ستتغير المعادلات، للمرة الأولى سيكون هناك طريق يربط طهران بدمشق، وهو يعني نصرًا معنويًا على الأقل، لا سيما في ظل الصراع الإيراني السعودي في المنطقة، وما يحدث الآن يشير إلى أن إيران تصعد من عملية عزل خصومها في الخليج، والتمادي في تحجيم دورهم ونفوذهم، لأن وصول إيران إلى المتوسط يعني بكل وضوح أن ناقلات النفط ستكون تحت رحمتها”.

حول الدور الأميركي في المعادلة، قال الدمشقي: “على المدى المنظور، لن يتحرك الأميركيون على الإطلاق لتغيير موازين القوى على الأرض، وربما هذا جزء من استراتيجية واشنطن لإدارة الصراع بين طهران والرياض، أي أن هناك بعض الدلائل تشير إلى أن الولايات المتحدة تجعل من محمد بن سلمان، صدام حسين ثانيًا، وتدفعه لِصِدام مباشر مع الإيرانيين، ثم تتدخل لترتيب الأوراق من جديد، وهو ما ستدفع السعودية ثمنه، إذا ما حدث”.

لم يختلف حمادي إلى حد بعيد مع الدمشقي، وقال: “إيران تسعى بكل وضوح إلى مد نفوذها والسيطرة على كامل المنطقة، وإعادة إحياء الإمبراطورية الفارسية، عن طريق سيطرتها على كل من العراق وسورية واليمن، وهذه طموحات تعلنها طهران صراحة، منذ ما يسمى بثورة الخميني عام 1979، والظروف السياسية الآن تخدم هذه الطموحات الإيرانية، بخاصة التحالف مع موسكو”.

أضاف: “يتوقف مدى قدرة إيران على إكمال مشروعها، على مقومات الدول العربية الرافضة لهذا الدور والوجود، وكل المؤشرات تؤكد أنه لا توجد نيّات حقيقية جدية، لدى تلك الدول بما فيها السعودية، لتبني استراتيجية واضحة وقوية للتصدي للتمدد الإيراني، خصوصًا أن دول الخليج عمومًا تبني استراتيجياتها من خلال التفاهم مع حليفهم الأميركي، ولو كانت دول الخليج جادة في مواجهتها لإيران؛ لدعمت فصائل الثورة السورية، وهي رأس الحربة في قتال الإيرانيين، لكنها لم تفعل ذلك”.

تابع: “الأميركيون إما لا توجد لديهم استراتيجية واضحة في سورية، أو أن استراتيجيتهم هي دعم التوجهات الإيرانية، وهو ما يعيد إلى الأذهان السيناريو العراقي، بمعنى أن واشنطن ذاهبة لتسليم سورية إلى الإيرانيين، كما فعلت سابقًا في العراق، فلو أرادت واشنطن؛ لقلبت كل الموازين والمعادلات الميدانية والسياسية ولكن حتى اللحظة لا يوجد مثل هذه التوجه للإدارة الأميركية”.


جيرون


المصدر
جيرون