إيران تعرقل المفاوضات في القلمون الشرقي.. والأخير: لا للمصالحة



أكدت مصادر ميدانية من القلمون الشرقي لـ (جيرون) أن “المفاوضات حول مصير المنطقة معلقة، بسبب إصرار النظام على فرض سيناريو المصالحة”، وهو “شرط مرفوض بالمطلق عسكريًا وشعبيًا، وإن كان البديل هو الحرب”، وأوضحَت أن إيران تعطل أي تقدم نحو انضمام مناطق القلمون الشرقي إلى مناطق خفض التصعيد”.

جاءت هذه التأكيدات، بعد أسبوع واحد على جولة المفاوضات الأخيرة، بين ممثلين عن مدن وبلدات القلمون من جهة، والنظام السوري من جهةٍ أخرى، في العاصمة دمشق، من دون إحراز أي تقدم يذكر، في ظل مساعٍ حثيثة من الثاني لفصل مدن وبلدات المنطقة عن بعضها، ومفاوضتها بشكل منفصل، بُغية الهرب من الالتزامات ضمن اتفاقية خفض التصعيد.

قال عمر الدمشقي، مدير وكالة بردى، لـ (جيرون): إن “الجولة الأخيرة من المفاوضات بخصوص المنطقة حصلت الأسبوع الماضي في العاصمة، ولم تصل إلى شيء؛ النظام ما زال يصر على ثنائية الحرب أو المصالحة”، مضيفًا أن “لجنة القلمون الشرقي عادت إلى المنطقة وأبلغت الأهالي بذلك، وكان هناك رفض واضح لخيار المصالحة، لأن الجميع أصبح يعرف ما الذي سيفعله النظام في أي منطقة تقبل بالمصالحة، ولنا بالتل وقدسيا وغيرها مثال”.

في هذا الموضوع، قال مصدر خاص -رفض الكشف عن اسمه- لـ (جيرون): “بعد عودة اللجنة قبل أسبوع من آخر جولة مفاوضات، وحديثها للأهالي عن شروط النظام؛ كان هناك التفاف شعبي حول رفض المصالحة، وإنْ كان البديل هو الحرب، وقبل أيام أرسل النظام مهلة مدتها عشرة أيام للرد عليه بشكل نهائي، غير أن لجنة القلمون لم ترد حتى الآن، على الرغم من أن الخيار محسوم: القلمون الشرقي لن يقبل بالمصالحة”.

مفاوضات القلمون الشرقي ليست جديدة، فقد بدأت منذ ربيع العام الحالي، إلا أنها بقيت متعثرة ولم تصل إلى نتائج ملموسة، بفعل تعنت النظام السوري وحليفته طهران، وفق ما يؤكده ناشطون من المنطقة، موضحين أنه بالرغم من التوقيع على اتفاق خفض التصعيد مع الجانب الروسي؛ فإن الأول لم يقبل بذلك، وأصر على طرح المصالحة كبديل.

في هذا الشأن، قال الدمشقي: “منذ أيار/ مايو الماضي، المفاوضات تراوح مكانها بفعل تهرب النظام السوري ومناوراته لفرض اتفاق ينهي الثورة في القلمون الشرقي، اللجنة الممثلة للمنطقة طالبت بإطلاق سراح المعتقلين، وتسوية أوضاع النساء المطلوبين، فتح كافة المعابر أمام الأفراد والمواد الغذائية والطبية، مع التشديد على رفض أي تواجد عسكري أمني للنظام داخل المنطقة، مقابل تعهد الفصائل العسكرية بعدم شن أي هجمات على مواقع الأخير”.

أشار الدمشقي إلى أن “النظام السوري كان يُصرّ دائمًا على نشر نقاط عسكرية، داخل المدن وعلى أطرافها، إلى جانب تسليم السلاح وتسوية أوضاع المقاتلين، بحيث يصبحون ضمن ميليشياته، وطبعًا تهجير من يرفض، وعلى الرغم من توقيع اتفاقية خفض تصعيد مع الجانب الروسي، في 5 أيلول/ سبتمبر الماضي؛ فإن نظام الأسد وطهران ما يزالان يراوغان ويحاولان الضغط على أهالي المنطقة للقبول بسيناريو المصالحة”.

أشار المصدر إلى أن “النظام وأدوات طهران يحاولون نسف اتفاق خفض التصعيد، عن طريق اتفاقات محلية، كما حدث في بعض مناطق ريف دمشق، وذلك من خلال فصل ملفات المدن والبلدات عن بعضها، وفرض مسار منفصل في كل واحدة، وما يساعدهم في ذلك وجود ما يسمى بتيار المصالحة من بقايا بعثيين، يحاولون تخويف الأهالي ودفعهم للقبول بالمصالحة، لأن الحرب ستدمر مدنهم”.

وتابع: “كل تلك المحاولات باءت بالفشل، ولن تنجح. هناك رفض شعبي كامل لأي مصالحة مع النظام، ولن يكون وفد القلمون الشرقي إلا موحدًا عن مدن وبلدات المنطقة (الرحيبة، جيرود، الضمير، العطنة، الناصرية، المنصورة)، ولن يكون هناك أي مسارات منفصلة، نحن خَبِرنا النظام، ولن نكرر تجارب المناطق الأخرى التي رأينا ما الذي حل بها، بعد عودة أجهزة النظام السوري إليها”.

بحسب المعلومات الواردة من القلمون الشرقي، فإن النظام السوري، ممثلًا بالفرقة الثالثة (مدرعات) إلى جانب الميليشيات الأخرى المنتشرة حول المنطقة، بدؤوا بإجراءات عقاب جماعي ضد الأهالي، كالتضييق على حركة خروج ودخول الأفراد، واعتقال الكثير منهم على الحواجز، ومنع دخول العديد من المواد الأساسية إلى مدن وبلدات المنطقة.

هذا ما أكده الدمشقي بقوله: “نعم، بدأ النظام بانتهاج سياسة الحصار الجزئي، عن طريق التضييق على الأهالي منذ أسابيع، إلى جانب اعتقال العديد من الأبرياء، وليس لدينا إحصائية دقيقة في هذا الموضوع. كذلك منع دخول العديد من المواد الأساسية كالسكر والرز والطحين، وهذا ينسحب على المواد الطبية أيضًا، وربما تتصاعد هذه الإجراءات، وصولًا إلى الحصار المطبق، ولكننا نؤكد من خلال المعلومات المتوافرة لدينا أن الأهالي والعوائل داخل القلمون الشرقي بمعظمها لن تقبل بشروط النظام”.

عن دور إيران ومساعيها لإفشال أي اتفاقٍ، يجنب القلمون الشرقي ويلات الحرب من جديد، قال الدمشقي: “صاحب المصلحة الأولى في تعطيل أي اتفاق هم الإيرانيون، طهران تريد تأمين طريق دمشق/ بغداد، ولا يمكن أن يحدث ذلك دون طرد الثوار من القلمون الشرقي، كذلك إيران تسعى لحماية وتأمين نقاطها في البادية الشامية، وهذا مستحيل بوجود معاقل للثورة مدن وجبال القلمون الشرقي”.

عقب الدمشقي بالإشارة إلى “رغبة روسية حقيقة في الوصول إلى اتفاق خفض تصعيد في المنطقة”، وقال: “ليس لديهم قدرة لإجبار طهران على الالتزام لعديد الاعتبارات -ليس هناك مجال للخوض فيها الآن- ومستقبل القلمون الشرقي غير واضح، إنه مرتبط بمصير العملية السياسية في سورية التي تبدو بدورها ضبابية للغاية في ضوء المعادلات الإقليمية الدولية”، مستبعدًا “التصعيد العسكري في هذه الفترة”.

جدير بالذكر أن الفصائل العسكرية في القلمون الشرقي جمدت جبهاتها مع النظام السوري، منذ ثلاث سنوات، وزجت بكامل ثقلها في قتال تنظيم (داعش)، بهدف منعه من السيطرة على المنطقة. (م.ش).


جيرون


المصدر
جيرون