‘كيلة لـ (جيرون): روسيا تضغط على المعارضة.. وجنيف غطاء لأجندة موسكو’

25 ديسمبر، 2017

يرى الكاتب والمفكر الفلسطيني السوري سلامة كيلة أن “روسيا تحاول فرض رؤيتها، والضغط على المعارضة للقبول بها”، موضحًا، خلال حوارٍ أجرته معه (جيرون)، أن روسيا “تقوم على فرض أمر واقع على الأرض، يؤدي في النهاية إلى قبول الصيغة التي يطرحها الروس، ببقاء بشار الأسد، وقبول بعض أطراف المعارضة المشاركة في النظام السياسي الحالي، مع تعديل بسيط في الدستور”.
قال كيلة: إن مفاوضات جنيف “باتت غطاءً لتنفيذ السياسة الروسية. بينما الولايات المتحدة وأوروبا تحاولان المناورة، وتضغطان بشكل خجول على روسيا؛ لأنها باتت تتحكم في اللعبة، وتقيم تحالفات مع الدول التي تسمى أصدقاء الشعب السوري”، وأضاف: “جنيف هو إخراج نهائي للصيغة التي يفرضها الروس، وسنرى تصاعدًا لدور (سوتشي)، وسيتم تحديد شكلٍ ما لمرحلة انتقالية، وربما بعد ذلك يمكن إعلان الأمر في جنيف، لكن لم يعد المجتمع الدولي معنيًا جديًا بكل الوضع السوري”.
إن ما يجري مع المعارضة السورية حاليًا -كما يرى كيلة- “يشابه إلى حدٍ بعيد ما حصل مع المفاوضين الفلسطيني في أوسلو”، حيث “لم يحقق أوسلو أي مكاسب، بل كان قبرًا للمقاومة الفلسطينية، ووسيلة تحويل بعض عناصر المقاومة، إلى شرطة تحت الاحتلال، وما جرى هو خضوع… في سورية ربما أكثر ما يمكن إعطاؤه للمعارضة هو الحصول على مقاعد في الحكومة، وما ذلك بمكسب، ولن يؤدي إلى هدوء يسمح باستقرارٍ يعيد الشعب السوري إلى وضعه الطبيعي”.
بالنسبة إلى نقاط القوة عند المعارضة، يعتقد كيلة أن “المعارضة لا تملك أوراق قوة؛ لأنها فرّطت بها منذ اللحظة الأولى، يوم وافقت على أن تكون خاضعة لاستراتيجيات دولٍ، منذ تأسيس المجلس الوطني والائتلاف، وعلى الأرض ليس لها أي قوة، هي الآن مشتتة ولا تملك أي شيء؛ إلا إذا تجرأت على رفض الرؤية الروسية”.
بخصوص المفاوضات بين الطرفين: النظام والمعارضة، رأى كيلة أن “ميزان القوى لا يسمح أن تكون هذه المفاوضات جادة”، وقال: إن “الحل في سورية كان يجب أن يأتي عن طريق طرفٍ من السلطة يقبل بالحل الوسط، وهو ما حاول فاروق الشرع طرحه عام 2012، لذلك تم استبعاده من نظام الحكم في سورية حينئذ. كان يجب على المعارضة المطالبة بموافقة وفد النظام على بيان (جنيف 1)”.
الروس والنظام يريدون تشريد الفلسطينيين
يقول كيلة: إن “استراتيجية النظام وحتى الروس كانت هي كيفية تدمير المخيمات وتشريد الفلسطينيين… هناك قرار دولي بإبعاد اللاجئين الفلسطينيين من محيط فلسطين، كما حدث مع فلسطيني العراق إذ تم ترحيلهم إلى البرازيل. هذا القرار واضح منذ انطلاق الثورة السورية”، وعقّب: “لهذا، قامت بثينة شعبان -منذ بداية الحراك- باتهام سكان مخيم درعا بأنهم وراء المشكلات، تمهيدًا لقصف المخيمات، وجاء بالتوافق مع الدولة الصهيونية التي تريد تهجير الفلسطينيين. الآن وضعهم صعب ويُدفعون دفعًا إلى الهجرة”.
وفق رؤية كيلة، فإن “المجتمع الدولي قرر إسدال الستار على قضية اللاجئين الفلسطينيين… يجب أن يتشردوا في أنحاء العالم؛ كي لا يشكلوا خطرًا على الدولة الصهيونية”، موضحًا أن هذا المخطط “يتم تنفيذه من دول إقليمية، وبخاصة نظام الأسد، ولكن هل ستنجح هذه الخطة أو لا، هذا مرتبط بتطورات الصراع الذي أتوقع أنه لن ينتهي إلا بتغيير كبير وحقيقي”.
رأى أيضًا أن “حلف ما يسمى (المقاومة)، بقيادة إيران ونظام الأسد، يحاول استغلال أي حدث فلسطيني، من أجل المتاجرة بقضية فلسطين، ولكن هذا الأمر بات مكشوفًا، مع تدخل (حزب الله) في سورية وما يجري في اليمن”، واعتبر أن “نشاط هذا الحلف هو نشاط إعلامي أكثر منه واقعيًا؛ حيث إن (حزب الله) يطلب التغريد على (تويتر) بدلًا من الصواريخ.. أعتقد أن هذا الحلف مفلسٌ عمليًا، ولن يستطيع تقديم شيء، ولم يعد خطابه مقبولًا.
إجهاض الربيع العربي
أكد كيلة أن “ما يجرى في سورية هو تكثيف لردة فعل الأنظمة الإقليمية والدولية، لإجهاض ثورات الربيع العربي، ووقف هذا الانفجار الكبير الذي هزّ أركان المنطقة العربية والعالم”.
وقال في هذا الصدد: “من هذا المنظور؛ نجد تشكيل تحالفات، لضبط أي إمكانية لاندلاع ثورات جديدة، وبخاصة ما تقوم به السعودية والإمارات مع الدولة الصهيونية ومصر، هي تحاول تشكيل تكتل لمواجهة أي تحرك شعبي عربي مستقبلي”، وأوضح: “هذا الجانب يبدو واضحًا. وبالرغم من أن الحديث عن الصراع مع إيران، فإنه في جوهر الأمر محاولة لتشكيل تحالف يواجه الثورات العربية، ولن ينجح ذلك، وكل ما جرى ترتيبه يمكن أن ينهار في سنوات قادمة”.
شدد كيلة على أنه يجب -فعليًا- في الوقت الحالي “مناقشة إشكالية الثورات وغياب قوة حقيقية تقودها، وبالتالي مناقشة هزال الأحزاب العربية، ولا سيّما الأحزاب اليسارية منها التي لم تستطع لعب دور في قيادة هذه الثورات، مع أن الربيع العربي انعكس على الأنظمة العربية، وقد فرضت المرحلة الأولى من هذه الثورات تطورات مهمة، على الرغم من أن كل هذه الأنظمة وقفت ضد الثورات، وكلها يشعر بحالة رعب”.
نفى كيلة وجود تشابه حقيقي، بين القضية الفلسطينية والثورة السورية، معللًا ذلك بأن “ما جرى في فلسطين هو ثورة تحرر وطني ضد احتلال استيطاني، والنضال هو ضد احتلال”، في حين أن ما يحدث في سورية “هو صراع مختلف، هو صراع مجتمعي ضد نظام استبدادي مافيوي، وضد طبقةٍ حكمت البلد، ونهبته طوال السنوات الماضية، وحكمته بكل وحشية”، وختم بالقول: “ربما يكون التشابه شكليًا فقط، من حيث النزوح والهجرة، ويظهر في مسألة اللاجئين فحسب. باعتقادي من الضروري أن لا ندخل في هذه المقارنة، لأنها تُضعف أكثر مما تفيد”.

سامر الأحمد
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون