هربوا من جحيم المعارك إلى مأساة النزوح.. "عين العيسى" معاناة أخرى لأهالي دير الزور



السورية نت - شادي السيد

على وقع المعارك العنيفة التي طالت مدينة البوكمال ، بين قوات النظام والميليشات الموالية له من جهة، وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" من جهة ثانية، أجبر محمود الخليل، الرجل الخمسيني، على النزوح من منزله نهاية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، رفقة زوجته وبناته الثلاثة وابنه الوحيد ذي السنوات العشر.

بعد رحلة طويلة استغرقت نحو (15 يوماً)، وصل الخليل أخيراً إلى مخيم مبروكة بريف مدينة الحسكة الشمالي الخاضعة لسيطرة القوات الكردية، لكن المسؤولين هناك رفضوا استقباله نظراً إلى الأعداد الكبيرة للنازحين، ليكمل مسيره باتجاه مخيم عين العيسى على بعد (50 كيلومتراً شمال غرب) مدينة الرقة.

يروي محمود مأساته لصحيفة "الشرق الأوسط" ويقول: "لم تكن وجهتي مخيم عين عيسى أو مخيم المبروكة، فأنا منذ اللحظة الأولى قلت لهم إن وجهتي مدينة إعزاز لوجود أقرباء لي هناك". يحبسُ محمود دمعته وهو يتحدَث، ثم يتابع كلامه بصعوبة ليقول: "بعد وصولنا إلى المخيم قضينا أيامنا الأولى ننام في العراء تحت رحمة أمطار الشتاء وبرودة الطقس، منذ أيام نقلونا إلى خيمة جماعية توجد فيها أكثر من 20 عائلة".

ومأساة محمود وغيره من نازحي دير الزور لا تنتهي بمجرّد وصولهم إلى مخيم عين عيسى، حيث ينتظرون أياماً وأسابيع حتى يسُمح لهم بالعبور إلى الوجهة التي يريدون السفر إليها، إذ تخضع عمليّة وصول الفارين من المناطق التي كانت خاضعة سابقاً لسيطرة عناصر "تنظيم الدولة"، لإجراءات أمنيّة تنفّذها "قوات سوريا الديمقراطية" في المخيم، خشية تسلّل مقاتلي التنظيم بعد حوادث مماثلة وقعت في المخيم.

خشية الاعتقال

ويتدفق مئات العائلات يومياً من مدينة دير الزور لمخيم عين عيسى، تحمل كل عائلة معها قصصاً للهروب، وتحت خيمة واحدة تسكن عائلتان أو أكثر من دون خدمات أحياناً، رغم ذلك تلك الخيمة كانت حلماً قد تحقق.

يقول جاسم (28 سنة)، المنحدر من مدينة الميادين المحاذية للحدود العراقية، والتابعة لمدينة دير الزور، إنه نزح قبل شهرين بعد اشتداد القصف وسيطرة قوات النظام على مدينته، وتمكن من الوصول برفقة زوجته وأطفاله إلى مخيم عين عيسى، لكنه يريد السفر إلى مناطق حلب الجنوبية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة. يتابع: "كنا ذاهبين باتجاه منبج لنكمل طريقنا إلى إعزاز ثم إلى أورم الكبرى جنوب حلب، لكن حاجزاً تابعاً لقوات سوريا الديمقراطية على جسر قرقوزات أجبرنا على العودة"، وكل من لا يمتلك إذن العبور والسفر، عليه الحصول على هذه الورقة من مخيم عين عيسى.

ويضيف جاسم: "أُجبرت على الدخول إلى المخيم، ومنذ 10 أيام وأنا أنتظر الحصول على إذن عبور".

يخشى جاسم العودة إلى الميادين بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية عليها بسبب اتهام المدنيين المقيمين في مناطق "تنظيم الدولة" بالارتباط بالتنظيم والتعاون معه، ما قد يعرضه للخطر والاعتقال.

وعن سبب عدم بقائه في المناطق الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية"، أوضح جاسم قائلاً: "البقاء هنا يتطلب كفالة، وأنا لا أعرف أحداً هنا، وحسب أصدقاء لي إجراءات الكفالة شبه مستحيلة".

ويبلغ عدد الراغبين في الخروج من عين عيسى يومياً بشكل وسطي قرابة 150 عائلة. وقد بلغ عدد العابرين من مخيم عين عيسى لمناطق ثانية مجاورة، أكثر من نصف مليون نازح، حسب نائب مدير مكتب الخروج في المخيم خليل الشطي. وعن المناطق التي يتوجه إليها نازحو دير الزور، قال خليل: "يتجهون إلى إعزاز، محافظات إدلب وحلب وحماة، لا توجد وجهة محددة لهم، يختارون الأماكن التي يوجد فيها أقرباؤهم أو أسرهم، أو إلى دمشق ومنها للسفر خارج سوريا".

ويضم مخيم عين عيسى الواقع في ريف الرقة الشمالية، أكثر من 23 ألف نازح غالبيتهم من مدينتي الرقة ودير الزور إلى جانب نازحين فروا من العراق، هرباً من المعارك والقصف الذي استهدف المناطق التي كانت خاضعة سابقاً لمقاتلي "تنظيم الدولة".

ويوجد في مخيم عين عيسى قرابة 2500 خيمة مخصصة لنازحي دير الزور، بالإضافة إلى 20 خيمة جماعية كبيرة تسكن فيها أكثر من 20 عائلة. ويقدَّر عدد النازحين بنحو 23 ألف نازح من دير الزور.

اقرأ أيضا : "شبيحة" يركبون الدراجات النارية يثيرون مخاوف سكان حلب




المصدر