النظام-(قسد).. المشغلّون يستثمرون في نزاع حلفاء الأمس

28 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
8 minutes

شكل تبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة للأجنبي، بين رأس النظام السوري وميليشيا (قسد) مؤخرًا، مدخلًا لطرح العديد من التساؤلات، في ما يخص حقيقة العلاقة بين الطرفين، ومدى جدية هذا الخلاف وإمكانية وصوله إلى حد الصدام المباشر، بخاصة أن حدود العلاقات الميدانية بين مختلف الأطراف تتحكم بها إلى حد بعيد التفاهمات، بين القوتين الكبريين (موسكو وواشنطن)، إلى جانب التساؤل عن إمكانية استغلال الأخيرتين لمثل تلك التصريحات، واستثمارها في مشروع إعادة تعويم نظام الأسد.

يقول سعد الشارع الباحث في مركز (الشرق للسياسات): لا أعتقد أن تبادل الاتهامات والتصعيد الإعلامي بين النظام و(قسد) سيصل إلى صدام عسكري مباشر، على الأقل في محافظة دير الزور، موضحًا في حديثه لـ (جيرون): “الحالة الوظيفية للطرفين، والموكلة لهم من القوتين العظميين، فالولايات المتحدة الداعمة لـ (قسد)، لا تريد أن تكون سورية ساحة مواجهة مع روسيا الداعمة للنظام السوري، إلى جانب التفاهمات حول الملف الاقتصادي (النفط)، والذي سيعزز فرص خلق تفاهمات بين الطرفين في قضايا عديدة أخرى”.

لم يختلف فارس المنجد المتحدث الرسمي باسم (قوات الشهيد أحمد العبدو) مع الشارع، وقال في حديث مع (جيرون): “لن تصل الأمور بين النظام و(قسد) إلى مواجهة مباشرة، والتصعيد الإعلامي بينهما لا يعدو كونه مراوغة سياسية، هدفها منح الأخيرة نوعًا من الشرعية السياسية، وإعطاء روسيا وأميركا مبررات كافية لاعتبار (قسد) جزءًا من المعارضة السياسية، وإشراكها في أي احتمالات تسوية مستقبلية. بالنسبة إلينا، نرى أن (قسد) من أبرز حلفاء النظام على الأرض، وتشكلَ هذا التحالف منذ بداية الثورة، بهدف قمع أي تحرك ضد النظام في المنطقة الشرقية”.

طرح التصعيد الإعلامي بين الطرفين مجددًا موضوع إمكانية استغلال النظام وحلفائه للعشائر العربية في المنطقة، في أي احتمالات مواجهة مستقبلية مع (قسد)، ومدى قدرة طهران على خرق التفاهمات الروسية الأميركية، مزهوة بما حققته أخيرًا من تقدم عسكري على حساب الثورة، وسيطرتها على الحدود العراقية السورية، ما يعني فرض أمر واقع جديد شرقي سورية، وفي البادية الشامية عمومًا.

في هذا الشأن، قال المنجد: “يمكن القول إن هناك حالة استنفار لبعض عشائر المنطقة، ولدينا معلومات تفيد بأن النظام يتواصل مع عدد من شيوخ العشائر المتواجدين في مناطق سيطرة (قسد)، بهدف الوقوف إلى جانبه في حال حصول أي صدام مستقبلي، وأعتقد أن النظام يسعى من خلال ذلك إلى زرع فتنة بين مكونات تلك المنطقة، كما كان يفعل على مدى عقود، إلى جانب زرع الفتنة داخل (قسد) نفسها، لأنها تضم تشكيلات عربية، وفي حال نجح بذلك؛ بالتأكيد سيطرأ تغيير على الواقع الميداني، يصب في مصلحته”.

في حين، قال “الشارع”: “أستبعد ذلك، لا تملك عشائر المنطقة الشرقية أدوات كافية، تجعلها صاحبة قرار أو قادرة على التغيير في التوازنات القائمة، ومن هنا، فهي تتعرض للابتزاز والاستثمار من جميع أطراف الصراع بما في ذلك تنظيم (داعش)، وأعتقد أن الميل العام لدى هذه العشائر يرفض التعامل مع (قسد) بالدرجة الأولى؛ نظرًا للبعد القومي في الصراع، وكذلك مع النظام السوري، وإن كان بدرجة أقل حدية”.

أما عن موضوع مصالح إيران في المنطقة الشرقية، وإمكانية تثبيت أمر واقع بعيد عن التفاهمات الروسية الأميركية؛ فقد أوضح الشارع: “بالرغم من سيطرة طهران على الطريق البري بين سورية والعراق، فإنّ الاستفادة القصوى من هذا الطريق هي محل تشكيك، ويعتمد بشكل رئيس على التفاهمات مع الدول الإقليمية، ولا سيّما تركيا ودول الخليج العربي التي ترفض أن يكون لطهران دورٌ في هذه المنطقة، وأعتقد أن روسيا ما زالت تلعب دور الضامن لدى واشنطن، في مسألة ضبط سلوك إيران في المنطقة”.

ولفت إلى أن مصالح طهران في المنطقة الشرقية يمكن تلخيصها بـ “تحقيق اتصال جغرافي مستدام، بين مناطق سيطرتها ونفوذها في العراق وسورية، الاقتراب قدر الإمكان من مناطق التواجد العسكري لـ (قسد)، لتثبت بأنها قادرة في أي وقت على إرباك المعادلات، مع أنها لم تبد حتى اللحظة أي رغبة في الصدام المباشر، إلى جانب المسألة الاقتصادية خاصةً بعد أن وقعت عشرات الاتفاقات في هذا المجال مع النظام السوري، وهي بحاجة إلى الطريق البري، لتدعيم موقفها في هذا الجانب”.

أيّد “المنجد” تحليلَ “الشارع”، وأضاف: “ليس من مصلحة إيران افتعال صدام مع واشنطن، خصوصًا أن لمحافظة دير الزور أهمية كبيرة، بالنسبة إلى الإيرانيين، في سياق تأمين الحدود السورية العراقية لضمان خط الإمداد الواصل بين طهران وبيروت، مرورًا بدمشق، ناهيك عن حقول النفط والغاز، ومن هنا أستبعد أيضًا وجود أي خلاف بين الروس وطهران، لأن كلا الطرفين بحاجة إلى الآخر، والجميع يدرك أنه لولا الميليشيات الإيرانية على الأرض والدعم الجوي الروسي؛ لما استطاع أي منهما تحقيق ما حقق في سورية”.

لم يخفِ “الشارع” إمكانية أن تستغل موسكو وواشنطن موضوعَ التصعيد الإعلامي بين الطرفين: (النظام وقسد)، كمدخل لإعادة تثبيت حكم نظام الأسد، وفق تفاهمات كبرى بين الطرفين لم تنضج نهائيًا بعد، وأضاف: “هذا وارد بشدة، حيث استطاعت روسيا إقناع المجتمع الدولي باعتبار نظام الأسد شريكًا في الحرب على الإرهاب المتمثل بتنظيم (داعش) شرقي سورية، بعد معركة حلب، ووافقت واشنطن على هذا الطرح، والآن تجري محاولات لتعويم نظام الأسد، وفرضه كسلطة أمر واقع”.

يرى العديد من المتابعين لتطورات الأوضاع الميدانية والسياسية، في شرق سورية والبادية، أن الخاسر الأكبر هناك هو فصائل المعارضة المسلحة؛ حيث حسمت المعارك في تلك المناطق، وباتت المعادلات السياسية الميدانية تستثنيها من أي تفاهمات مستقبلية.

رفض “المنجد” هذا التوصيف، وأوضح: “نحن ما زلنا داخل معسكراتنا في البادية السورية، والفترة الماضية كانت فترة إعداد وتأهيل للقوات العسكرية، وإعادة ترتيب لصفوفنا بعد المعارك الشرسة، على مدى الشهور، ضد الميليشيات الإيرانية مدعومةً بسلاح الجو الروسي، وقدّمنا خلالها العشرات من الشهداء، ولذلك أعتقد أن التوصيف بأن دورنا انتهى خاطئ، وليس لنا أدوار ترسمها جهات خارجية، لدينا علاقات صداقة واحترام متبادل”.

مضيفًا: “في النهاية، نحن نقاتل دفاعًا عن أرضنا ونصرةً لثورة الشعب السوري، ولن نتوقف قبل نيل حريتنا وكرامتنا، ولن نوفر أي جهد عسكري أو سياسي يضمن هذه الحقوق، وأؤكد أن الحسم دائمًا لأصحاب الأرض، لا للمحتل الإيراني ولا الروسي، والحرب جولات، والميدان هو الفيصل بيننا”.

جيرون
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون