‘نيو يورك تايمز: كيف فشل مجلس الأمن في التحقيق حول ضحايا الأسلحة الكيميائية في سورية’

2 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2018
8 minutes

[ad_1]

ضحايا 21 آب/ أغسطس 2013، نتيجة هجوم بغاز السارين على الغوطة، حيث قتل مئات المدنيين. (رويترز)

في 21 آب/ أغسطس 2013، تعرضت الغوطة في ضواحي دمشق لهجومٍ بغاز السارين؛ أدى إلى مقتل مئات المدنيين.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد حذّر من أنَّ الولايات المتحدة ستتخذ إجراءً عسكريًا؛ إذا استخدم الرئيس السوري بشار الأسد الأسلحة الكيميائية. تجاوز الهجوم على الغوطة خط “أوباما” الأحمر، لكنه اختار دبلوماسية الإكراه بدلًا من العمل العسكري.

اعترفت سورية بأنَّ لديها أسلحة كيميائية، حيث توصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى اتفاقٍ، في منتصف أيلول/ سبتمبر2013، تدمّر سورية بموجبه برنامجها في الأسلحة الكيميائية.

انضمّت الحكومة السورية على وجهِ السرعة إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية، وسلّمتْ ما ادّعت أنّه كامل ترسانتها من الأسلحة الكيميائية إلى فريقٍ من خبراء الأمم المتحدة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تراقب الالتزام بالاتفاقية. وفي منتصف آب/ أغسطس 2014، أعلنت المنظمة أنَّ أنهت تدمير الأسلحة الكيميائية التي أعلنت عنها سورية.

مع ذلك استمرت الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، ففي الفترة بين كانون الأول/ ديسمبر 2015، وتشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، سجلّت المنظمة 121 حادثةً مزعومة. وفي عام 2016، تأكد 23 استخدامًا للأسلحة الكيميائية، بين نيسان/ أبريل 2014، وآب/ أغسطس 2015؛ وتواصل تحقيقاتها. ردَّ مجلس الأمن في آب/ أغسطس 2015 بإنشاء آلية تحقيقٍ مشتركة بين الأمم المتحدة، ومنظمة الأسلحة الكيميائية لتحديد مرتكبي هذه الجرائم الفظيعة.

من آب/ أغسطس 2015، إلى تشرين الأول/ أكتوبر 2016، تفحّص فريقٌ من المحققين في ثماني حالاتٍ لاستخدام الكلور كسلاحٍ كيميائي، وحالة واحدة تتعلق باستخدام الخردل. وعُزيت ثلاث هجماتٍ إلى الحكومة السورية، وواحدة إلى (داعش). وقد فشل مجلس الأمن في التوصل إلى اتفاقٍ بشأن أي عواقب تترتب على هذه الجرائم.

بعد بضعة أسابيعٍ من هجوم غاز السارين، في 4 نيسان/ أبريل على خان شيخون، الذي أسفر عن مقتل ما يقرب من 100 شخصٍ، وإصابة ما لا يقل عن 200؛ قبلتُ بالعمل لقيادة فريق التحقيق. إنَّ تحديد مرتكبي الفظائع الجماعية في صراعٍ حافل، على خلفيةٍ سياسية معقدة، خصوصًا في الحالات التي تتضمن أسلحةً كيميائية محظورة، هو أمرٌ صعب للغاية.

السارين غاز أعصابٍ سائل، عديم اللون، وعديم الرائحة، وهو ذو قوةٍ قصوى، وقد استُخدم في خان شيخون، ويتطلب إنتاجه واستخدامه خبرةً فنية متقدمة، والتعرض للسارين قاتلٌ في غضون دقائق.

كان للطب الشرعي والكيمياء دورٌ أساس في التحقيقات؛ حيث بيّن أنَّ طائرةً حكومية سورية كانت تحلق فوق خان شيخون، وقت الهجوم، وأطلقت قنبلةً كيميائية جوية على البلدة، حيث بدأ سكانها يموتون في غضون دقائق.

جمع المحققون عيناتٍ طبية، وبيئية قدمتها الحكومة السورية، والمجموعات المحلية. كان عمًلا شاقًا ودقيقًا جدًا، في مختبرٍ أثبتَ أنَّ سلائف السارين المعروفة باسم DF، والتي استُخدمت في خان شيخون كانت مطابقةً لمكون السارين الذي تنتجه، وتخزنه الحكومة السورية، ولم تكن الحكومة السورية قد أعلنت عن أيّ مخزوناتٍ مفقودة أو مسروقة.

في حادثة أخرى، في أيلول/ سبتمبر 2016، أطلق مسلحون من (داعش) قذيفة هاون تحتوي على الخردل من أحد مواقعهم، حيث أُصيبت امرأتان في قرية (أم حوش) بجروحٍ خطيرة، عندما حاولتا تنظيف المادة الكيميائية من منازلهما. وأظهر الحادث أنَّ (داعش) احتفظت بالقدرة على إنتاج، واستخدام خردل الكبريت.

في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، أبلغتُ مجلس الأمن بأنّ المحققين وجدوا أدلةً كافية، تحدّد أنّ الحكومة السورية هي المسؤولة عن استخدام السارين في خان شيخون. وأبلغتُ -كتابيًا- أيضًا بأنّنا وجدنا دليلًا على أن (داعش) مسؤولةٌ عن استخدام الخردل في (أم حوش).

أعرب معظم أعضاء مجلس الأمن عن تأييدهم القوي للتحقيقات، وتساءلت بوليفيا، والصين، ومصر، وكازاخستان، وروسيا عن منهجية الفريق ونتائج التحقيقات. واتهمتني روسيا، وسورية بإصدار أحكامٍ سياسية، وانتقدتنا لقيامنا بتحقيقاتٍ عن بعد.

وفي 16 تشرين الثاني/ نوفمبر، صوّتت روسيا وبوليفيا ضد اقتراح الولايات المتحدة الذي أيّد استنتاجاتنا، والذي كان من شأنه أنْ يمدّد تفويض المحققين لمدة عام، بينما لم يحظ اقتراحٌ روسي بتجديد الولاية لمدة ستة أشهر، ولكنه طلب إعادة فتح التحقيقات، كما أنّه لم يحظَ بتأييدٍ كاف للتصويت عليه رسميًا.

وفي اليوم التالي اقترحت اليابان تمديدًا توفيقيًا لمدة 30 يومًا لكسب الوقت، وإيجاد وسيلةٍ لضمان استمرارية عملنا. كما طلب اقتراح اليابان من الأمين العام للأمم المتحدة بأفكارٍ حول هيكل ومنهجية فريقي.

وعلى الرغم من خلافاتهم؛ اتفق أعضاء مجلس الأمن على أنَّ ما كنا نقوم به مهمٌ، وينبغي أنْ يستمر، ومرةً أخرى رفضت روسيا وبوليفيا الاقتراح الياباني الذي أنهى عملنا بشكلٍ نهائي. وفي 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، استخدمت روسيا ثلاث مراتٍ حقّ النقض (فيتو) لمنع مجلس الأمن من تمديد تفويضنا.

وصفتني روسيا بأني “أداة للغرب”، وطالبتْ فريقي بزيارة “مسرح الجريمة”، الذي يخضع لسيطرة تنظيمات القاعدة. كما أرادت روسيا منا جمع عيناتٍ من قاعدة الشعيرات الجوية في سورية. ضربت الولايات المتحدة القاعدةَ الجوية بالصواريخ، بعد أنْ اكتشفت الاستخبارات الأميركية أنّ الطائرة التي رمت غاز السارين فوق المدينة السورية قد أقلعت من هناك. وبما أنَّ القاعدة الجوية تمتد على مسافة أربعة أميالٍ مربعة تقريبًا؛ فقد كانت موقعًا سابقًا لتخزين للأسلحة الكيميائية، لكنَّ العينات لم تثبتْ أي شيء.

وعلى الرغم من عملنا الصارم والفني والعلمي، انتهت آلية التحقيق المشتركة، يوم 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد فشل مجلس الأمن في تمديد تفويضنا. وتعتبر هذه التحقيقات حاسمةً لضمان أنَّ المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيميائية -وهي جريمة حربٍ- سيواجهون يومهم في المحكمة.

إنَّ عمل مجلس الأمن هو مهمّ أيضًا، لردع أيّ استخدامٍ للأسلحة الكيميائية في المستقبل، ونحن مدينون بذلك للضحايا الذين لمّا يروا العدالة والمساعدة في مواجهة عواقب هذه الأسلحة المحظورة، إذ تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية في التصرف، وضمان وقف استخدامها إلى الأبد.

اسم المقالة الأصلية
How the Security Council Failed the Syria Chemical Weapons Investigators and Victims

الكاتب*
إدموند موليت، EDMOND MULET

مكان النشر وتاريخه
نيو يورك تايمز، The New York Times، 29/12

رابط المقالة
https://www.nytimes.com/2017/12/29/opinion/syria-chemical-weapons-united-nations-security-council.html

عدد الكلمات
852

ترجمة
أحمد عيشة

*- المدير السابق لآلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة المتعلقة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

أحمد عيشة
[ad_1] [ad_2] [sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون