بلدية إدلب “تكافح” البطالة بإزالة البسطات والأكشاك



لاقى قرار بلدية إدلب التابعة لـ “حكومة الإنقاذ”، بإزالة البسطات والأكشاك المخالفة، من أرصفة وشوارع مدينة إدلب، استهجانًا من المتضررين الذين طالبوا البلدية بإيجاد أماكن لأكشاكهم، بدلًا من إزالتها.

انتقد عبد الحمدي الأسود، وهو من أبناء مدينة إدلب، هذا الإجراء، وعدّه غير منصف؛ ذلك أن كثيرين من الفقراء والمُهجّرين قسرًا ينتفعون من البسطات والأكشاك، وتشكّل مصدرًا رئيسًا لمعيشتهم، وقال لـ (جيرون): “لا ضير في أن تقوم البلدية بواجباتها الخدمية، لكن في المقابل، عليها أن تنظر إلى حال أصحاب البسطات والأكشاك، وأن تسأل نفسها: لماذا يفترش هؤلاء الأرصفة، منذ الصباح الباكر حتى المساء!”.

أضاف: “جميعنا يعلم أن معظم أصحاب البسطات والأكشاك هم من المُهجّرين قسرًا، وأنهم يعيشون ظروفًا مادية مزرية، منذ قدومهم إلى محافظة إدلب، ويفتقدون أدنى مقومات الحياة، ناهيك عن ارتفاع الأسعار الفاحش في الأسواق واستغلال التجار؛ الأمر الذي دفعهم إلى الالتفات نحو إنشاء أكشاك وبسطات صغيرة، ليرتزقوا من خلالها ويؤمنوا لقمة عيشهم. والأجدر بالبلدية أن تكون سندًا لهؤلاء، وأن تهيّئ لهم أماكن مخصّصة لأكشاكهم وبسطاتهم، بدلًا عن إزالتها، وأن تسعى في طريق القضاء على البطالة، عوضًا عن زيادة نسبتها وتعزيزها”.

في الموضوع ذاته، قال عزّ الدين عربو، وهو مُهجّر من الزبداني، وصاحب كشك لبيع الحلويات، لـ (جيرون): “كنتُ أمتلك ورشة كبيرة في مدينة الزبداني، لتصنيع وبيع الحلويات، وكانت أحوالي المادية جيدة، لكن الظروف المريرة غيّرت أحوالنا، وخسرنا كُلّ ما نملك، وقدمنا إلى محافظة إدلب. في الأشهر الأولى لوجودنا في المحافظة، وجدت صعوبة في العيش، من حيث تأمين فرصة عمل، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأجور المنازل السكنية والمحال التي تفوق الـ 100 دولار شهريًا”.

وأردف: “لم يكن أمامي سوى أن أفتتح كشكًا صغيرًا، مساحته 4 أمتار، على أحد أرصفة المدينة قرب (شارع الجلاء)، أبيع فيه الحلويات المُصنّعة منزليًا، وأدفع إيجار الكشك، شهريًا 7000 ليرة سورية، لشخصٍ أتحفّظ عن ذكر اسمه وانتمائه”.

مع إزالة البلدية للأكشاك من أرصفة المدينة؛ يشكو عربو حاله قائلًا: “إلى أين سأذهب أنا وأطفالي، بعد إغلاق مصدر رزقي؟ ومن أين سأؤمّن لهم لقمة العيش؟ وكيف لي أن أدفع إيجار منزلي؟! علمًا أن مدخول الكشك سابقًا لم يكن ليسدّ كافة احتياجاتي، لكن (الحمد لله مستورة عيشتنا)، أما الآن، فإني أشكو حالي إلى الله، وحسبنا الله ونعم الوكيل”.

على غرار عز الدين عربو، يوجد المئات من المواطنين الذين أمسَوا بلا مصدر رزق، بعد إغلاق البلدية لأعمالهم الصغيرة، منهم الحاج نزار حلاق، من وادي بردى، وله ثلاثة أولاد، قضوا بقصف طائرات النظام على منزلهم قُبيل مجيئهم إلى إدلب. ويعيش حلاق وزوجته وابنته في بيت صغير تحت الأرض، ويملك كشكًا صغيرًا لبيع المشروبات الساخنة، قال لـ (جيرون): “منذ عدة أيام، تسلّمت إنذارًا من البلدية بإغلاق الكشك، لأن وجوده على الرصيف غير حضاري، وحذّرتني إن لم يتم الأمر؛ فستقوم هي بنفسها بإزالته، وعلى الرغم من أنني شرحت لهم وضعي ووضع معيشتي البائس؛ لم أحظَ بمن يسمعني، وذهب كلامي دون جدوى”.

وأضاف: “قمتُ منذ 7 أشهر ببيع هواتف أولادي النقالة (ابنتي وابني الشهيد)، لكي أتمكّن من شراء ماكينة (الإكسبريس) وما يلزمها، والحمد لله تم الأمر، وافتتحت كشكًا صغيرًا في إحدى زوايا الأرصفة في (شارع الجلاء)، لا تتجاوز مساحته مترًا مربعًا، وبدأت العمل، لتأمين حاجيات منزلي الأساسية، علمًا أنني لا أستطيع مزاولة عملٍ آخر؛ لأني أشكو من آلامٍ في الظهر، ولكبر سنّي”.

بعض أبناء مدينة إدلب أيّدوا قرارات البلدية في إزالة الأكشاك والبسطات المخالفة وغير الحضارية، وطالبوها أيضًا بالالتفات إلى أصحاب محال بيع المحروقات الذين اتخذوا من الأرصفة المحاذيه لمحالهم مكانًا لوضع براميل المازوت والبنزين، وبالتالي تخريبها.

في هذا الجانب، قال محمد عبادي، من أبناء مدينة إدلب، لـ (جيرون): “إنها خطوة موفقة من بلدية إدلب، وتهدف إلى تنظيم المظهر العام للمدينة، والقضاء على فوضى الأكشاك التي عطلّت شوارعها وأرصفتها، وتسبّبت بإعاقة السير والازدحام، والأهم من ذلك أنها تطغى على جمالية شوارع المدينة”. وأضاف: “نأمل من البلدية أن تلتفت عاجلًا إلى أكشاك المحروقات أيضًا، وتزيلها من أمكنتها، لأنها تسبب خطرًا على البيئة، وتخرّب الطرقات”.

من جهة أخرى، قال فادي زكور، ابن مدينة إدلب وأحد المقربين من البلدية، لـ (جيرون): “هُنالك مُبادرة طرحتها البلدية، مع إحدى المنظمات الخدمية العاملة في إدلب، للعمل على تأمين سوق كبير بعيدًا عن حركة سير السيارات، ستُنقل إليه جميع البسطات والأكشاك، وسيتم طرحه والإعلان عنه، خلال الأيام المُقبلة، وسيُرضي جميع أصحاب الأكشاك، والمؤيدين لقرارات البلدية ومُعارضيها، وبذلك تكون البلدية قد حلّت المشكلة الرئيسة في تنظيم شوارع المدينة، من دون أن تعطّل أعمال المواطنين والمُهجّرين قسرًا”.


ملهم العمر


المصدر
جيرون