أثر الاحتجاجات الإيرانية على الاقتصاد الألماني



دفع العامل الاقتصادي ألمانيا إلى أن تراقب بحذر، التظاهرات الاحتجاجية ضد النظام الإيراني، التي اندلعت في 28 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وما زالت ترتفع وتيرتها وتتسع رقعتها الجغرافية.

بحسب (دويتشه فيله)، فقد نما التعامل الاقتصادي مع إيران “بسرعة”، منذ رفع العقوبات الدولية عنها مطلع 2016، لكن “التظاهرات الحالية وانعدام الأمن والاضطرابات السياسية”، قد “تلحق الضرر بالاقتصاد”، بعد أن أملت إيران في ارتفاع معدل الاستثمار الأوروبي.

وكانت (غرفة الصناعة والتجارة الألمانية) قد توقعت، بعد رفع العقوبات عن إيران، أن يصل استثمار الاقتصاد الألماني إلى نحو “مليار دولار أميركي في عام 2025″، وقالت كاتريونا بورفيلد من (صندوق النقد الدولي): إن الناتج المحلي الإيراني ارتفع أخيرًا، بسبب الزيادة في إنتاج النفط، إضافة إلى النمو في بعض القطاعات الأخرى، كالصناعة التحويلية، وإن كان على نحوٍ بطيء.

أكد إريك شفايتسر، رئيس مجلس إدارة شركة (ديهك) الألمانية، أن إيران كانت في “سبعينيات القرن الماضي ثاني أكبر شريك لألمانيا خارج أوروبا”، وقبل فرض العقوبات عليها في عام 2005، بلغ حجم التجارة الثنائية “نحو خمسة مليارات يورو، لم يتبق سوى نصفها، في عام 2015”.

استفادت ألمانيا، بعد رفع العقوبات الاقتصادية، من بعض “الصفقات”، وأعادت عدة شركات ألمانية “فتح مكاتبها التمثيلية في إيران، وبيع منتجاتها في السوق الإيرانية، وتخطط للاستثمارات مع الشركاء الإيرانيين في المشاريع المشتركة”، وأوضح شفايتسر أن “العلاقات بين ألمانيا وإيران لم تتوقف، حتى في فترات العقوبات، لأن جميع السلع لم تخضع للعقوبات”.

صدّرت ألمانيا عام 2016 بضائع إلى إيران “بقيمة 2.5 مليار يورو”، وخلال 10 أشهر من العام 2017، ارتفعت الصادرات الألمانية بنحو “19 بالمئة”، وارتفع الطلب بشكل خاص على “الآلات والمعدات والسيارات والمواد الكيميائية، والمنتجات الصيدلانية والطبية”، وارتفعت الواردات الألمانية من إيران “بنحو الربع إلى ما يقرب من 330 مليون يورو”، حيث تشتري ألمانيا “الفواكه المجففة والفستق، والمواد الخام لصناعة السيارات وغيرها”.

في هذا السياق، أوضح مشائيل توكوس، المدير الإداري لـ (غرفة التجارة الألمانية الإيرانية)، أن “البنوك الكبرى لا تزال غير مستعدة لمقاربة السوق الإيرانية”، ولكون العقوبات الأميركية على إيران خارج الاتفاق النووي؛ فإن “المصارف الألمانية والأوروبية الكبرى، وخصوصًا تلك التي لها تعاملات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ترفض التعاون مع إيران”، وقد دفع (البنك التجاري الألماني) حتى عام 2015 “1.45 مليار دولار للسلطات الأميركية، بسبب انتهاك العقوبات الأميركية المفروضة على إيران”.

أضاف توكوس أن “الاضطرابات السياسية والقتلى تبدو في الوقت الراهن غير مؤثرة، ولم تتأثر الرحلات التجارية”، لكن التأثير يبدو واضحًا في “أسواق المواد الخام”، وقد ارتفع، يوم الثلاثاء الماضي، سعر النفط إلى “أعلى مستوى له منذ عامين ونصف”، كما تشير أسواق البورصة إلى “خسارة أسهم الصادرات الإيرانية”، وتعدّ إيران حاليًا “ثالث أكبر منتج للنفط في العالم”.

أوضح مؤسس منتدى الأعمال الأوروبي الإيراني أن ما يعانيه الإيرانيون من “الإحباط ونقص الوظائف وعدم ضمان مستقبل أطفالهم” هو ما دفعهم إلى التظاهر، ويضطر كثيرون منهم إلى “العمل في وظيفتين أو ثلاث وظائف، في وقت واحد”، لتأمين نفقاتهم، وأن نسبة البطالة بين الشباب مرتفعة.

بحسب المعارضة الإيرانية شيرين عبادي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، فإن أسباب الاحتجاجات هي “الأزمة الاقتصادية” التي وصفتها بأنها “شديدة الخطورة”، إضافة إلى “البطالة والفجوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، علاوة على الفساد”. ح.ق


جيرون


المصدر
جيرون