الغارديان: التنافس السعودي الإيراني مفتاحي في الشرق الأوسط عام 2018



من المتوقع أن تستمر الفوضى الإقليمية مع عدم وجود حل في الأفق للأزمة اليمنية، والصراع على شكل السلطة في سورية ما بعد الحرب

بدأ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إصلاحات داخلية قسرية، ولكن طموحات سياسته الخارجية لم تثمر بعد. تصوير: وكالة الأناضول/ صور جيتي

لقد اقترب عامٌ مضطرب آخر في الشرق الأوسط من نهايته، ولكنْ لن يكون هناك خلاصٌ في عام 2018 من الفوضى الإقليمية التي يشعلها التنافس الملتهب، بين المملكة العربية السعودية وإيران.

ولي العهد الشاب: محمد بن سلمان قام بتوطيد السلطة، والشروع في ثورةٍ ثقافية غير مسبوقة، وإصلاحاتٍ اقتصادية في الرياض، ولكنَّ طموحات سياسته الخارجية لمْ تُثمر بعد. وبدلًا من ذلك، ستواصل تلك الطموحات في استنزاف الأرواح، والموارد في أفقر بلدٍ في العالم العربي: اليمن المجاور، ما لم يتم التوصل إلى تسويةٍ سياسية.

ويبدو أنَّ هذه الإمكانية بعيدةٌ عن التحقق الآن، بعد وفاة الرجل القوي، والرئيس لمدة 30 عامًا: علي عبد الله صالح الذي قُتل على أيدي المتمردين الحوثيين، تاركًا البلاد من دون نهايةٍ واضحة للصراع، كما تتهم السعودية إيران بدعم الحوثيين.

إيران لديها تحديّاتٌ محليّة خاصة للتعامل معها. فقد اعتُقل مئات الأشخاص، وقُتل ما لا يقل عن 21 شخصًا، في أكبر تحدٍّ لرجال الدين الحاكمين في “الجمهورية الإسلامية” في الأعوام الأخيرة خلال أسبوعٍ من الاحتجاجات التي بدأت ضد ارتفاع الأسعار، ثمَّ تطوّرت إلى مطالب أوسع نحو التغيير السياسي.

في سورية، سيكون للأمير سلمان دور أقلّ في كيفية إنهاء الحرب، في الوقت الذي تقترب فيه البلاد من تسويةٍ سياسية مع نظام بشار الأسد، بدعمٍ من موسكو وطهران، مع المحافظة على الزخم العسكري. المعارضة منقسمة، وتنظيم القاعدة المحلي طغى على متمرديها، أو بسبب وجودهم في تركيا، والسياسيون في المنفى، بعيدون عن التواصل مع الناس على الأرض.

تُمسك كلٍّ من روسيا، وإيران، وتركيا بزمام الأمور، وستقرّر شكل الاتفاق النهائي، على الرغم من أنَّه لا يوجد ضمانٌ بإنهاء العنف، أو التمرد ضد الأسد. وفي الوقت الذي تتطلع فيه القوى العالمية، والإقليمية إلى سورية بعد الحرب، سيبدأ التسابق على مشاريع إعادة الإعمار في البلاد.

هناك أيضًا، سيتقرر مصير التطلعات الكردية نحو الاستقلال الذاتي، أو إقامة الدولة. وقد أثبت الأكراد السوريون أنَّهم حليفٌ ثمين للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، في قتال “تنظيم الدولة الإسلامية”، ولكنْ تلك الحملة انتهت تقريبًا الآن، وستتوقف المساعدات العسكرية. ويقول الأكراد: إنَّهم يريدون الاستقلال الذاتي، لكنَّ معارضيهم في سورية يرون توسعهم باتجاه الغرب في شمال البلاد ليس إلا محاولةً لإقامة دولة.

ومهما كانت تلك الطموحات، فقد يواجهون اعتراضات تركيا الشديدة التي تقول إنَّ الميليشيات الكردية التي تقاتل في سورية هي تهديدٌ للأمن القومي، ومن المرجّح أنْ تقف واشنطن، وموسكو إلى جانب أنقرة.

سيتابع مراقبو تركيا مراقبة التدهور المستمر في حقوق الإنسان، والحدّ من حرية التعبير، حيث يعزّز الرئيس رجب طيب أردوغان قبضته على السلطة، ويزيد من تهميش المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية، والبرلمانية المقرّر إجراؤها في عام 2019. وقد يتم طرحها ومتابعتها فيما بعد، على الرغم من أنَّ الحكومة تنفي بشدة أيّ شيءٍ من هذا القبيل.

من المرجّح أنْ تكون حملة الإخضاع هذه مصحوبةً بصراعاتٍ أكبر، مع استمرار ظهور خطوط الصدع المتعلقة بهوية تركيا، حيث يدفع العلمانيون والإسلاميون بهذه المعركة، من خلال النقاش العام على وسائل التواصل الاجتماعية. وسيزيد من قلق العلمانيين الانجراف التركي بعيدًا عن حلفائها التقليديين في أميركا وأوروبا، وهو نتيجةٌ للعداء المتبادل، وتباعد تركيا الاستراتيجي عن الغرب، وحلفائها في الناتو.

اجتماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في إسطنبول في وقت سابق من هذا الشهر. تصوير: وكالة الأناضول/ صور جيتي.

في العراق، سيتم التركيز على إعادة بناء البلاد، بعد حملةٍ شاقة امتدت سنواتٍ لطرد (داعش) من معاقلها. لكنَّ بغداد تواجه مهمةً كبرى تتمثل في توحيد البلد المثقل بالرعب، مع توجّع الأكراد من هزيمة استقلالهم، والكثير من السنة الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها (داعش) وهم قلقون بخصوص إعادة بناء منازلهم، ودور مجتمعاتهم في عراق ما بعد الحرب.

وسيتعين على الحكومة المركزية تحقيق التوازن بين هذه التطلعات، من خلال السيطرة على الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي لعبت دورًا رئيسًا في الحملة، ولكنْ تبيّنَ أنَّها متورطة بارتكاب الفظائع، حيث يحميها نفوذها من المساءلة.

وعلى الرغم من هزيمة (داعش)، لا يزال يشكّل الإرهاب تحديًّا رئيسًا في المنطقة. فعلى الرغم من أنَّ المجموعة الإرهابية فقدت مساحاتٍ شاسعة من الأراضي في العراق وسورية، لكنّ مقاتليها يعودون إلى أصولهم المتمردة في مخابئ الصحراء، كما تفكّر المجموعة في تحركها المقبل.

في مصر، حيث من المقرر إجراء الانتخابات في عام 2018، سعت (داعش) إلى استغلال الفراغ في سيناء، وعدم كفاءة الحكومة في القاهرة لزرع الفوضى، حيث لا تزال مستمرةً في شنِّ هجماتٍ إرهابية منفردة، في جميع أنحاء العالم.

في أعقاب هجوم تشرين الثاني/ نوفمبر على مسجد الروضة في شمال سيناء بمصر، حيث قُتل مئات من المصلين. تصوير: طارق سامي/ أسوشيتد برس

وعلى الرغم من هزيمتها عسكريًا، لكنَّ الظروف التي أدت إلى نشوء أكبر منظمةٍ إرهابية متوحشة في العالم لا تزال قائمةً في المنطقة، ابتداءً من الحكام المستبدين إلى حرمان المجتمعات المحلية من حقوقهم، والتوترات الطائفية، والتشريد، وفراغ السلطة، وعدم المساواة، واليأس الاقتصادي.

اسم المقال الأصلي Saudi Arabia and Iran’s rivalry is key to the Middle East in 2018 الكاتب كريم شاهين، Kareem Shaheen مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 4/12 رابط المقالة https://www.theguardian.com/world/2018/jan/04/2018-saudi-arabia-iran-rivalry-key-middle-east-year-ahead عدد الكلمات 783 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون