معارك الغوطة الشرقية تقطع الطريق أمام مشاريع موسكو والنظام



حققت الفصائل المقاتلة في الغوطة الشرقية تقدمًا كبيرًا على حساب قوات النظام، ضمن المرحلة الثانية من معركة (بأنهم ظُلموا) التي بدأت مع نهاية العام الماضي بداية الحالي، حيث سيطرت الأولى على أحياء العجمي والسياسية والحدائق وغيرها، وأطبقت الحصار على ما تبقى من عناصر للثاني، في مبنى إدارة المركبات العسكرية في حرستا، وعجزت قوات النظام السوري عن استرجاع النقاط التي خسرتها، بالرغم من استخدام كافة أنواع الأسلحة والإسناد الجوي من الطيران الروسي.

يرى أبو زياد فليطاني، رئيس اللجنة السياسية في دمشق وريفها، أن المعركة جاءت “أولًا لإفشال خطط النظام في تقسيم الغوطة الشرقية، وفصل المدن والبلدات عن بعضها عن طريق محور الإدارة/ حرستا، وصولًا إلى مديرا/ مسرابا، ويهدف الثوار من معاركهم -بالمعنى الميداني- إلى الحصول على ورقة رابحة تفيدهم بالضغط لفك الحصار عن الغوطة الشرقية”، وقال لـ (جيرون):  إن “المعارك فرضت خارطة عسكرية جديدة في الغوطة، مع بروز فصيل ثالث ذي ثقل يضم بشكل رئيسي (أحرار الشام، فجر الأمة)، إضافة إلى بعض المقاتلين من المجموعات الصغيرة، وعناصر (هيئة تحرير الشام) من أبناء الغوطة حصرًا”.

عدّ فليطاني أن “التخطيط الجيد وعنصر المباغتة هما العوامل التي لعبت دورًا حاسمًا في الانتصارات الأخيرة، وهو ما أدى إلى انهيار سريع ومذهل، في الخطوط الدفاعية للنظام وحلفائه من الميليشيات الطائفية”، مضيفًا أن “الساعات القادمة ستحمل المزيد من الانتصارات في معارك الغوطة الشرقية؛ مع توارد معلومات شبه مؤكدة عن دخول كل من (جيش الإسلام) و(فيلق الرحمن) على خط المواجهات..  معارك الغوطة سيكون لها أثر إيجابي كبير على جمهور الثورة، ولا سيّما أنها تأتي قبل مؤتمر سوتشي الروسي، ومع الترويج لانتصارات النظام وداعميه على كامل التراب السوري”.

ترى معظم الجهات المدنية والأهلية في الغوطة الشرقية أن المعارك المتواصلة على أطرافها، بين فصائلها العسكرية وقوات النظام السوري وميليشياته الرديفة المدعومة من سلاح الجو الروسي، حملت العديد من الرسائل السياسية، بخصوص التحضيرات لعقد مؤتمر سوتشي برعاية روسية نهاية الشهر للحالي، إضافةً إلى رسائل أخرى تتعلق بإمكانية سقوط كامل اتفاقات خفض التصعيد، في حال لم تلتزم الدول الضامنة بتعهداتها؛ لأن ما يجري في سورية ليس خلافًا بين معارضة ونظام، وإنما ثورة شعبية عارمة.

في هذا الصدد، قال محمد سليمان دحلا، رئيس الأمانة العامة في الغوطة الشرقية، لـ (جيرون): “لعل أهم رسالة تحملها المعارك المحتدمة في الغوطة الشرقية هي أن الشعب السوري يرفض الاستسلام والإذعان والتخلي عن حقوقه في الكرامة والحرية التي دفع -وما زال- من أجلها أثمانًا باهظة، للتأكيد أن ما يحدث هو ثورة شعب وليس خلافًا بين معارضة سياسية ونظام حكم”.

وأضاف: “أعتقد أن ثوار الغوطة اقتحموا المستحيل، على ضعف إمكاناتهم، وأرسلوا رسالة إلى العالم أجمع بأن كافة معاقل الثورة، وخصوصًا المحاصرة، تعرضت لظلم قلّ مثيله، نتيجة تنكر السياسة الدولية لحقوق الشعب، والمماطلة في الحل السياسي المرتكز على الشرعية الأممية وقرارتها التي تنص على انتقال سياسي كامل، وإنهاء حقبة الظلم والاستبداد الممثلة بالأسد ورموز نظامه”.

كما أكد فليطاني أن “معارك الغوطة الشرقية وجّهت ضربة قاسمة لمؤتمر سوتشي، وأسقطت أي شرعية سياسية عنه، كذلك أسقطت الرهانات الروسية وغيرها من حلفاء النظام على ذلك المؤتمر، وأعتقد أن صمود الثوار في مواقعهم والتقدم إلى نقاط جديدة ضمن مخطط المعركة ومجرياتها الميدانية سيقلب الموازين ضد النظام وحليفيه: موسكو وطهران، وسيجعل من الغوطة الشرفية عصية تمامًا على أي محاولة اختراق أو مساعي لإنهاء الثورة بداخلها”.

حول اتفاقات خفض التصعيد ومستقبلها، وما إذا كانت المواجهات المتواصلة في الغوطة الشرقية قد أصدرت شهادة وفاة باسمها، قال دحلا: “خفض التصعيد في الغوطة كان حبرًا على ورق، ولم ينفّذ الروس أيّا من بنود تلك الاتفاقات، بل على العكس حولتها موسكو إلى مجرد ورقة إعلامية، تستخدمها في الأروقة الدولية ضمن المساعي الروسية في الترويح لرؤيتهم في الحل، وصولًا إلى إرغام قوى الثورة على التنازل عن مرجعيات الحل السياسي، والتوقيع على إجهاض حلم الحرية والكرامة في سوتشي القادم”.

أوضح دحلا: “معارك الغوطة قطعت الطريق على كل ذلك، بعد فشل الروس مجددًا في التحول من قوة احتلال إلى راعي سلام، والإصرار على التصرف كمحتل متغطرس، يملي شروطه على كافة السوريين، وبرأيي الشخصي، ما زال من المبكر الحديث عن نتائج هذه المعارك، على المدى القريب أو المتوسط؛ لأننا بالأساس أمام ثورة شعبية تعتمد على الفعل التراكمي المرتكز على صلابة الإرادة، والثبات على الأهداف والمبادئ، بصرف النظر عن الآليات”. (م.ش)


جيرون


المصدر
جيرون