بذار الأسد وحصاد نتنياهو



يبدو أن العام 2018 يحمل معه غلالًا وفيرة في سلاله الإسرائيلية، وخصوصًا أن حقله الموازي على الجبهة السورية أنضَج الكثير منها، خلال سنوات سبع سمان، أتاحت لمنجل الإسرائيلي جزّ كثير من محاصيل، بذرها الأسد في الحقلين السوري والإسرائيلي، لكنها نبتت عاليًا في بستان المؤسسة الصهيونية قوانين وإجراءات عنصرية. أقرّ كنيست الاحتلال بقراءة تمهيدية فرض قانونٍ يقضي بإعدام الأسرى الفلسطينيين المتهمين بارتكاب أعمال فدائية، ويأتي قانون “إعدام الأسرى”، بعد أيام من إقرار الكنيست لقانون يُخرج القدسَ من المفاوضات؛ إذا لم تحصل على موافقة ثلثي أعضاء الكنيست.

تسريع وتطوير القوانين الإسرائيلية، كانا بحاجة دومًا إلى بيئة تنمو وتترعرع فيها قابلية تمرير الجرائم، وتلك آخذة بالتمدد والتوسع في الحقول السورية المقابلة، فإعدام الأسرى والمعتقلين، في زنازين الأسد خارج البيئة الطبيعية والبشرية، منح المشرع الاسرائيلي عجلةَ القوة والتنفيذ، لكن مع “هامش” القانون القاضي بتشريع الإعدام لمن يُدان في “قتل الإسرائيليين”، وترك مسافة بين بذرة الوحشية الأسدية ونبتة الجريمة الإسرائيلية، لتظهر مختلفة عن بيئة الأولى. حتى هدم منازل المقدسيين الذي كان يستند إلى هشاشة قانونية وأخلاقية تمنحه براميل الأسد ترميمَ هشاشة على كل جبهات المواجهة مع الشعب السوري.

من بين أكثر الجبهات تأثيرًا في سلوك الإسرائيلي، كانت -وما تزال- جبهة الأسد التي تنفرد دومًا، كونها محصلة وتكثيفًا لمعاني الجريمة والاستبداد وممارسة القهر، والجرأة في الفاشية التي تمارس على الأرض، ولا يصدق هذا القول بحذافيره، كما يصدق على وظيفة نظام الأسد وبذارها، التي عبّر عنها الصهيوني مؤخرًا؛ إذ لاحظنا أن كل “الاتفاقات” التي رعتها موسكو لنظام الأسد، والتي تم ويتم تدميرها باستخدام أعتى قوة نارية، تمهّد الطريق للإسرائيلي كي يتحلل من كل التزام، وهو الذي كان يتهرب ويراوغ سابقًا بشأن حقوق الشعب العربي والفلسطيني، أما اليوم فإنه يمتلك من يبذر له الجرائم، ويقدّم له كل المسوغات والمبررات التي تجعل من الجرأة أكثر وقاحة وعارًا. وجبهة مدن غوطة دمشق، وباقي مدن وقرى سورية، تُشكّل نقطة التقاء بين من يبذر ويحصد.

طرح السوريون سؤالهم المؤرق: لماذا يحتفظ المجتمع الدولي بالأسد؟ مع أن الأجوبة أكثر من صادمة، وقد حملتها براميل وصواريخ عنقودية وارتجاجية، وقذائف السارين والخردل والكلور، وزنازين الموت وحملات التطهير العرقي والتدمير الممنهج، في كل ذلك إعادة تصحيح لسؤال: ما الفائدة من استمرار الأسد ونظامه؟ هل موسكو فقط مستفيدة من قاعدتين عسكريتين أم أن الأمر أعمق في الفائدة؟ إذا دققنا في الفاتورة الطويلة التي قدّمها الأسد مع حصاد غلاله؛ فلن نجد سوى منجل الإسرائيلي يمتد عميقًا عبر أوتاد جرائم زرعها الأسد، وشكلت قواعد ومجال تحرك للفكر الصهيوني، إذ كيف ستقدم المؤسسة الصهيونية على ممارسة “الترانسفير” -مثلًا- لقرى في النقب الجنوبي، أو كيف ستُطبِق على القدس الكبرى، وكيف سيمارس المحتل عمليات الاغتصاب، إن لم يكن هناك مجرمون من مدرسة الأسد يُعبّدون طرق الوحشية للمحتل؟!

سيكون للعام 2018، في أجندته الإسرائيلية، مواعيد كثيرة للتنفيذ من مفكرة الأسد، يتمم بعضها بعضًا، ولن يكون هناك حرج من “المجتمع الدولي”، ولن يكون هناك شأن لما يُسمى “الشارع العربي”، حيث يقوم فاشي بتدميره فوق رأس مواطنيه. تلك الرزنامة التي سعت موسكو لتثبيتها للأسد لغة وسلوكًا، يعتمد عليها الإسرائيلي لتثبيت جرائمه، ويضعها موضع التنفيذ. يحمل الحصاد الإسرائيلي للزرع الأسدي، دونما خجل، جرأة وعلانية لا تخفي نفسها، بل يتم نشر الإعجاب بها ومنها، وستبقى “فوائد” بقاء الأسد في السلطة صمامَ أمان، وضامنًا رئيسًا لمتابعة تنفيذ الجرائم الكبرى، وهي مهمة عسيرة الفهم، على من يسأل عن سبب “صمود” جرائم الأسد إلى اليوم، بلا حساب.


نزار السهلي


المصدر
جيرون