مصدر إحراج وعبء على الأسد.. الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام.. فهل يلجأ إلى حسم عسكري؟



السورية نت - شادي السيد

منذ سنوات، تشكل الغوطة الشرقية الخاصرة الرخوة للنظام بشار الأسد، مع صمود الفصائل المعارضة فيها وقدرتها رغم الحصار المحكم على استهداف العاصمة، ما يرجح وفق محللين، توجه النظام لحسم عسكري في المنطقة بعد تقدمه على جبهات أخرى.

وتحظى هذه المنطقة المحاصرة بشكل محكم منذ العام 2013، بأهمية مزدوجة لدى الفصائل المعارضة كونها آخر أبرز معاقلها، وكذلك لدى قوات النظام التي تسعى لضمان أمن دمشق، بعدما تمكنت من استعادة مناطق واسعة من سوريا.

وتكثف قوات الأسد قصفها على بلدات ومدن في الغوطة الشرقية منذ أسبوع، رداً على هجوم شنته فصائل المعارضة على ثكنة "إدارة المركبات" مدينة حرستا. وتدور معارك عنيفة بين الطرفين.

ويقول مدير أبحاث "الشرق الأوسط" في جامعة أوكلاهوما جوشوا لانديس لوكالة "فرانس برس" إن "استمرار مقاومة الفصائل في الغوطة الشرقية بات مسألة محرجة وعبئاً كبيراً على نظام الأسد، كونه يقدم نفسه المنتصر في الحرب ويأمل في اقناع المجتمع الدولي بأنه يواجه معارضة لا تذكر موزعة على جيوب" في مناطق محدودة.

واستعادت قوات النظام تدريجياً منذ 2015 زمام المبادرة ميدانياً بعدما تمكنت من التقدم على حساب الفصائل وتنظيم "الدولة الاسلامية" في آن معاً. ولعب التدخل العسكري الروسي الى جانبها دوراً حاسماً في ذلك. وغالباً ما تنفذ الطائرات الروسية غارات على بلدات ومدن الغوطة الشرقية.

ويوضح مدير "المرصد السوري لحقوق الانسان" رامي عبد الرحمن في تصريحات لـ"فرانس برس" أن "الغوطة الشرقية هي فعلاً الخاصرة الرخوة للنظام، لأن الفصائل الموجودة فيها قوية وتهدد دمشق بشكل مباشر".

وبحسب لانديس، "لا تزال فصائل الغوطة قادرة على شن هجمات على النظام، معكرة صفو هدوء العاصمة".

"حاضنة شعبية"

وتسيطر الفصائل المعارضة على أكثر من مئة كيلومتر مربع من الغوطة الشرقية. ويعيش في تلك المناطق المحاصرة، وفق الأمم المتحدة، نحو 400 ألف شخص.

وأوقعت الغارات الكثيفة والقصف الذي يستهدفها آلاف الشهداء والجرحى منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد.

وبعد اقرار اتفاق "خفض التصعيد" الذي يشمل الغوطة الشرقية، تراجعت وتيرة القتال والقصف لفترات محددة، قبل أن يتعرض الاتفاق لانتهاكات كبرى آخرها قبل أسبوع.

وتسبب الحصار أيضا بحالات سوء تغذية حادة وبنقص في الخدمات الطبية الأولية. وتحذر منظمات دولية بإنتظام من مأساة انسانية حقيقية في المنطقة.

ورغم تفاقم معاناة المدنيين المحاصرين، لا يزال لدى الفصائل المعارضة حاضنة شعبية، إذ أن الآلاف من المقاتلين فيها من أهالي المنطقة.

ويعد "جيش الاسلام" الفصيل المعارض الأقوى في المنطقة ويسيطر على الجزء الأكبر منها ويشمل مدينة دوما ومحيطها وبلدات النشابية ومسرابا وسواها. ويعد هذا الفصيل شريكاً في اتفاق "خفض التصعيد" وهو ممثل على طاولة المفاوضات في جنيف.

ويسيطر "فيلق الرحمن" ثاني أكبر الفصائل على ما يسمى بالقطاع الأوسط الذي يضم مدناً عدة أبرزها عربين وحمورية ومديرا. ولـ"هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)" وجود محدود في هذا القطاع يقتصر على بعض المقرات.

وتنفرد حركة "أحرار الشام الإسلامية" من جهتها بالسيطرة على مدينة حرستا ومحيطها على أطراف الغوطة الشرقية من جهة دمشق. وتخوض منذ أسبوع الى جانب فصائل أخرى معارك عنيفة ضد قوات النظام تمكنت خلالها من حصار إدارة المركبات، الثكنة العسكرية الوحيدة للنظام في الغوطة الشرقية.

نحو "الحسم العسكري"

ويتوقع المحلل المتخصص في الشأن السوري في مؤسسة "سنتشوري" للأبحاث سام هيلر في تصريحات لـ"فرانس برس" أن "يصعّد النظام عملياته لرد هجوم الفصائل واستعادة تلك المنطقة، مهما كلفه الأمر من قوات وتعزيزات".

وأفادت وسائل إعلام موالية للنظام في اليومين الأخيرين عن تعزيزات من قوات الأسد وميليشيات أجنبية وصلت الى المنطقة للمشاركة في القتال.

ويتحدث لانديس عن "إعادة تموضع قوات النظام للقتال في حماة (وسط) والغوطة الشرقية بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة" في شمال وشرق سوريا.

واذا كان مسار الأمور يتوجه وفق هيلر "نحو حسم عسكري لصالح النظام في مناطق سيطرة فيلق الرحمن وأحرار الشام وهيئة تحرير الشام" فإن واقع الحال مختلف في مناطق سيطرة "جيش الاسلام".

يمثل هذا الفصيل "قوة عسكرية لا يستهان بها ويسيطر على كتلة سكنية كبيرة من الصعب على النظام هضمها" بحسب هيلر. كما أن من شأن "انخراطه في محادثات جادة مع الجانب الروسي أن يؤدي إلى حل تفاوضي يبقيه في مكانه بعد تقديم تنازلات" معينة.

ويشكل إبعاد خطر الفصائل عن دمشق أولوية للنظام، وهو ما قد يكون دفعه إلى الموافقة "مؤقتاً" على اتفاق "خفض التصعيد" الذي يتوقع لانديس أن "يتلاشى" تدريجياً في الأسابيع المقبلة.

ويقول "حتى الآن، فضّل الأسد تجويع الغوطة وقصفها بدلاً من إطلاق هجوم مكلف".

وأدت "سياسة التجويع" إلى استسلام مناطق عدة في ريف دمشق وغيرها من المحافظات خلال السنوات الأخيرة.

اقرأ أيضا: أسراب من طائرات بلا طيار تهاجم قاعدة حميميم .. والمضادات الروسية تتصدى




المصدر