هل يساهم (المجلس العسكري الفلسطيني) في إنقاذ اليرموك



جاء الإعلان عن تشكيل المجلس العسكري الفلسطيني جنوب دمشق، نهاية الأسبوع الماضي، ليطرح العديد من الأسئلة المتعلقة بمصير مخيم اليرموك المحاصر، ومستقبله على المدى المنظور على الأقل، وطبيعة القوى التي من الممكن أن تسيطر عليه، في حال الوصول إلى تسوية ما مع النظام السوري، إلى جانب التساؤلات الأكثر عمقًا المرتبطة بإمكانية بقاء المخيم كعنوان سياسي لقضية شديدة التعقيد، بعد أربع سنوات من القصف والحصار؛ ما أدى إلى دمار نحو 70 بالمئة منه، وتهجير ما يقارب 90 بالمئة من سكانه.

يقول أبو أحمد المشير، قائد (أكناف بيت المقدس): إن التشكيل ما زال في بدايته، وهو محاولة لترتيب الأوراق المتعلقة بالفلسطينيين أبناء مخيم اليرموك، ومن المبكر الخوض في تفاصيل آليات العمل التي من المفترض تبنيها، خلال المرحلة القادمة، مضيفًا في حديثه لـ (جيرون): “الأولوية هي للعمل على استعادة مخيم اليرموك، وعودة الأهالي إلى منازلهم هناك، بعد انتزاعه من القوى المسيطرة عليه”.

أوضح المشير أن “التمسك بالمخيم وعودة الأهالي هي الشرط الموضوعي لإعادة تسليط الضوء على العدو الأساسي الذي يغتصب الأرض، إلا أن ذلك لا يمكن أن يحصل دون الخلاص من الظلم والطغيان في سورية، ومن هنا؛ فإن العمل على استعادة اليرموك لا يغفل -بأي حال من الأحوال- أننا جزء من الثورة السورية، ونسعى إلى مقاربة تحافظ على وجودنا كجزء منها، وفي الوقت نفسه تحفظ المخيم وأهله، ولن نقبل بأي وجود للنظام والفصائل الموالية له، في أي تسوية محتملة”، على حد تعبيره.

من جانب آخر، قال الناشط باسل أبو عمر من مخيم اليرموك لـ (جيرون): إن “خطوة تشكيل المجلس هي محاولة من القوى الموجودة في جنوب دمشق -مدنية وعسكرية- لإثبات أن هناك في المنطقة طرفًا فلسطينيًا قادرًا على الدخول في مفاوضات مع النظام السوري في ما يخص تحديد مصير مخيم اليرموك، وعدم السماح للفصائل الموالية للأول الاستفراد بهذا المسار، وهو بشكل أو بآخر انعكاس للمناخ العام في جنوب العاصمة، والذي تخيم عليه مسارات متعددة، لإيجاد تسوية ما لمختلف المناطق والأحياء هناك”.

في حين عدّ عصام البيطاري، قائد (تجمع أبناء اليرموك سابقًا)، أن المجلس مبادرة جديدة ستلتحق بما سبقها، دون أي تأثير حقيقي في ما يتعلق بمصير أو مستقبل المخيم، وأضاف في تصريحات لـ (جيرون): “أعتقد أن المجلس شكلي، وهو لا يتعدى حيز الإعلام، ولن يستطيع التأثير أو الفعل على الأرض، لأنه يفتقر إلى العنصر البشري، بمعنى آخر: هناك قادة، ولكن لا يوجد مقاتلون، أو عدد كاف منهم يخوله النهوض بالمهام التي حددها لنفسه، وفي مقدمتها استرجاع المخيم من تنظيم (داعش)”.

حدّد بيان الإعلان عن تشكيل المجلس أن أهم أولوياته العملُ على توحيد الصفوف، من أجل انتزاع مخيم اليرموك من سيطرة تنظيم (داعش)، وإرساء ركائز الأمن والأمان لأهل المخيم، ومنع فوضى السلاح، وحماية المؤسسات المدنية العاملة على خدمة أبناء اليرموك، إلى جانب العمل الجاد على تأمين عودة أبناء المخيم المهجرين إلى منازلهم.

في هذا الصدد، قال البيطاري: “لن تكون هناك مواجهات عسكرية بين من شكل المجلس وتنظيم (داعش)، لأنه لا يوجد ما يكفي من مقاتلين لفتح مثل هذه المواجهة، إضافة إلى أنه لا يوجد قرار لدى الفصائل العسكرية في بلدات الجنوب الدمشقي، بفتح معركة شاملة لطرد التنظيم من الأحياء التي يسيطر عليها، وقد نشهد مناوشات على خطوط التماس، ولكنها لن تغير من الأمر الواقع شيئًا”.

أضاف: “أرى أن المجلس هو انعكاس -بطريقة أو بأخرى- لما يجري في الكواليس من مفاوضات لإخراج جزء من تنظيمي (داعش والنصرة)، تماشيًا مع مساعي النظام وحليفته طهران، في فرض مشروع المصالحة والتسوية على كامل الجنوب الدمشقي، والذي يقوم أولًا، قبل أي شيء، على استثمار العنصر البشري الضخم في هذه المنطقة، والزج به في الجبهات المشتعلة، كما حدث في مناطق أخرى، وهو ما يجعل مجمل مسارات التفاوض هشًا، وقابلًا للانهيار في أي لحظة”.

لم يختلف أبو عمر مع توصيف البيطاري، وقال: “المواجهة العسكرية بين المجموعات الفلسطينية وتنظيم (داعش) مستبعدة، وأعتقد أن ما يحدث هو استباق لاحتمال إخراج عناصر (داعش والنصرة) غير الراغبين في التسوية، وبقاء من يقبل، وهم من أبناء المنطقة، وربما في هذا السياق يأتي الخروج المتواصل طوال الفترة الماضية لعناصر (داعش) من الحجر الأسود بالتنسيق مع النظام، وكذلك توجه وفد من نصرة المخيم إلى دمشق ولقائه وفدًا أمنيًا من النظام”.

أوضح أبو عمر: “المعطيات تقول إن السيناريو الأقرب إلى الواقعية هو أن مفاوضات حثيثة تجري الآن، لإعادة دمج التشكيلات الفلسطينية في جنوب دمشق، ومن يقبل من أبناء اليرموك المنتمين إلى (النصرة)، مع الفصائل الموالية للنظام السوري؛ بهدف استلام المخيم بشكل مشترك، بإشراف كامل من الأخير، ولكن يبقى السؤال حاضرًا: هل يمكن أن تنجح هذه الجولة من المفاوضات في الوصول إلى تسوية تنهي مأساة اليرموك؟ وما الضمانات لنجاحها، بينما فشلت كل المحاولات السابقة، منذ أربع سنوات تقريبًا، وقد كانت على الأرضية ذاتها التي تبنى عليها مفاوضات اليوم؟”.


مهند شحادة


المصدر
جيرون