الهيئات المُعارضة أهمَلت مآسي السوريين في لبنان



لم يعد خافيًا على أحد حجمُ المعاناة التي يعيشها اللاجئ السوري على الأراضي اللبنانية، فمن الاعتقال التعسفي الذي يمكن أن يطال أي لاجئ سوري، بغير وجه حق، إلى حملات المداهمة والقمع التي تتعرض لها مجمل المخيمات السورية في لبنان، إلى كوارث البرد والصقيع والثلوج التي تطال السوريين في لبنان، إلى الانسحاب الأممي من تسجيل اللاجئين من بعض المخيمات، تحت ستار الخوف من الإرهاب، حيث باتت التهمة جاهزة لتلصق بكل سوري، أينما وجد.

في هذا الموضوع، قالت الناشطة نسرين الريش لـ (جيرون): “إن أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان غاية في السوء؛ إذ يستقر اللاجئون في لبنان (على الأغلب)، في المناطق الجبلية، حيث تتراكم الثلوج، في أجواء البرد القارس، وتنخفض درجات الحرارة، وتكثر احتياجاتهم وتتعدد. إضافةً إلى أن ندرة فرص العمل، وشحّ السيولة المالية؛ زادت مصاعبهم، وبخاصة بعد أحداث عرسال الأخيرة، من خلال الاستمرار في عملية الاعتقالات بين صفوفهم، والتي ما تزال مستمرة يوميًا حتى الآن، وهناك من يهرب منهم خشية الاعتقال، للبحث عن مأوى في مكان آخر، حتى إن بعضهم -خوفًا من أن يعتقلهم الجيش اللبناني- يضطرون إلى المخاطرة بأنفسهم، وصولًا إلى الشمال السوري”.

أضافت: “يعود السبب الأساس، لمعاناة السوريين في لبنان، إلى انسحاب هيئات الأمم المتحدة منذ صيف عام 2014، بعد الأحداث التي جرت بين (داعش) والجيش اللبناني، في ذلك الحين، حيث خرجت الأمم المتحدة في تلك الأثناء من عرسال، وتم إيقاف الدعم، كما تم إيقاف تسجيل اللاجئين، وأصبح على اللاجئ الذي يريد التسجيل في الأمم المتحدة، أن يجتاز حاجز (اللبوة)، حتى يتمكن من الوصول إلى زحلة، ومن ثم يقوم بالتسجيل في منظمات الأمم المتحدة، علاوة على أن الأمم المتحدة في لبنان لا تلتزم بحق اللاجئ، كلاجئ إنساني، أو لاجئ سياسي أحيانًا، موجود على الأراضي اللبنانية. وإذا كان من المفترض أن تقوم السلطات اللبنانية بحماية اللاجئين السوريين في المخيمات؛ فإن ما جرى هو العكس تمامًا، حيث إن الجيش اللبناني الذي ينسق مع (حزب الله)، وهو أحد أطراف النزاع في سورية، عاد ليلاحق اللاجئين”.

نبّهت نسرين إلى خطورة عدم اهتمام المعارضة السورية بأوضاع اللاجئين، وقالت في هذا الصدد: “كان لا بدّ من وجود جهة سياسية سورية، تتحدث عن موضوع اللاجئين السوريين في لبنان، وأقصد جهة معتبرة، لكن -للأسف- لا الائتلاف ولا المجلس الوطني ولا هيئة التفاوض، ولا أي جهة سياسية تخصّ السوريين، تتحدث مع الحكومة اللبنانية، أو مع أطراف سياسية في لبنان، بشأن اللاجئين، ليتم عرض القضايا التي حصلت، والانتهاكات التي جرت بحق اللاجئين، حيث تم تمييعها، خلال جلسات جنيف وأستانا السابقة، أي منذ 31 تموز/ يوليو 2017 حتى اليوم، إضافة إلى أن البعض منهم تحدث عن أنه مع الجيش اللبناني في خياراته، التي تذهب إلى توصيف السوريين بالإرهابيين”.

أبو عبد الرحمن معتوق، وهو ناشط سوري يقيم في لبنان، قال لـ (جيرون): “لقد ضاع على قسم كبير من أولاد اللاجئين السوريين في لبنان أكثر من سبع سنوات دراسية فعلية؛ ذلك أن التعليم الرسمي للسوريين في لبنان ليس متاحًا للجميع، والتعليم البديل غير معترف به، كذلك فإن مسألة تجديد إقامات اللاجئين سنويًا، قضية في غاية الصعوبة والتعقيد، حيث يُطلب منهم -لتجديد الإقامة- تعهدُ (عدم العمل)، فاللاجئ ممنوع عليه العمل، ناهيك عن قلة المساعدات، وإن وجدت فهي لا تكفي إلا لأيام قليلة، والظروف صعبة جدًا، وخصوصًا في فصل الشتاء، والمساعدات التي تأتي من الأمم المتحدة يذهب أغلبها إلى موظفي الأمم: معاشات وسيارات للموظفين، علاوة على قلة الاحترام في معاملة اللاجئ، والنقص الحاد من المواد الطبية، بخاصة للنساء والأطفال”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون