أحلام السوريين.. 2018 عام الخلاص



في ربيع العام الحالي 2018 ستدخل الثورة السورية عامَها السابع، فما الذي حملته تلك السنون للسوريين؟

ربما من الصعب التكهن بما يُرسم للسوريين، فقد أثبتت السنوات السابقة التي مرت بها الثورة أن التكهن أو التوقع يصعب، في ظل التدخلات الدولية والإقليمية التي لعبت دورًا كبيرًا، في حرفها عن مسارها الحقيقي، فمن ثورة من أجل الحرية والكرامة إلى ساحة لمحاربة الإرهاب، هذا الإرهاب الذي ساهم كلّ من تدخل في الشأن السوري في أن يجعل منه فزاعة بوجه العالم، ولكن ماذا عن السوريين المهجرين منهم والنازحين أو من هم اليوم في الخيام، ما الذي يرغبون فيه أو يأملون بحصوله؟

يُعاني الداخل السوري من مشكلات، لا تُعدّ ولا تحصى، حتى تظن أن كل شخص أشبه بقنبلة موقوتة من الممكن انفجارها بأي لحظة. حيث إن ضغط العمليات العسكرية التي قام بها النظام وحلفاؤه من جهة، وتصرفات قادة الفصائل العسكرية المعارضة من جهة ثانية، أدت إلى حركة نزوح كبيرة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وإلى أرياف المناطق المحررة. وقد خلق هذا النزوح العديد من المشكلات: ضغط سكاني، عدم تأقلم مع البيئات الجديدة التي تكون بعيدة عن بيئاتهم من عدة نواحي، تسرب الأطفال من مقاعد الدراسة والذي سينتج جيلًا أميًا ونحن في القرن الواحد والعشرين! وهذا أدى بدوره إلى ظهور عمالة الأطفال وانتشارها انتشارًا واسعًا، في ظل الظروف الاقتصادية المتردية والغلاء المعيشي، وما يعانيه الناس من فقر وحاجة.

نسأل (أم أحمد)، وهي سيدة مهجرة من بيتها، عن سبب إرسال ابنها (13 عامًا) إلى العمل فتقول: “المدرسة ما بتطعيمنا خبز، ونحن عيلة كبيرة، شغل أبو أحمد لحالوا ما بكفي”. بعد برهة صمت تقول: “الله لا يوفق اللي كان السبب، هجّرونا من بيوتنا شرودنا، كان عنا بيت وشغل هالرجال كافينا، بعمري ما فكرت خلي ابني الصغير يشتغل، على الله”. نسألها ماذا تتمنى فتجيب: “ما بدي غير تخلص الحرب، كيف ما كان، المهم نرجع على بيوتنا وأهالينا، والله تعبنا”.

هذه الأمنيات  تشمل عائلات كثيرة، جميعها تأمل أن ينتهي هذا الوضع، حيث لم يعد بمقدورهم التحمل والصبر بعد أن خسروا كل شيء. و”كل شيء” ليست كلمة اعتباطية، إذ إنهم بالفعل لم يعودوا يملكون شيئًا، فقدوا أبناء وآباء وإخوة وأخوات، ناهيك عن فقدان المنازل والممتلكات، يشعرون بغربة في مناطق نزوحهم، فالغربة لا تقتصر على مغادرة البلد.

(أبو علاء) من إحدى المناطق المحاصرة يقول: “كلهن حرامية: النظام والمعارضة وما في غيرنا عم ينسرق، مفكرين الناس ما بتفهم! خليهن يحلوها كيف ما كان المهم نخلص. نحنا نموت من الجوع، وهنن يشتروا سيارات وفيلات”.

(باسل)، وهو شاب من ريف إدلب: “يقولون لنا مناطق خفض تصعيد! أين هي هذه المناطق؟ الطيران لا يتوقف ليل نهار، لماذا يقصفون المدنيين؟ لم يبق أحد في ريف إدلب، كل الناس نزحت، أصبحت إدلب محطة لهم.. أكثر من 2 مليون إنسان فيها! والناس تعبت لم تعد تحتمل.. نريد حلًا أيا كان هذا الحل.. المهم نخلص”، ويتابع: “أحكي لك عن القهر؟ رجال من سنين ناطر ولد، ولما إجا مات على باب المشفى، في أكتر من هيك قهر!” (تم قصف مشفى معرة النعمان في 3/ 1/ 2018) وأخرج عن الخدمة تمامًا. كل من هو في الداخل يجمع على أنه يريد حلًا، ولكن لا يعلم ما هو هذا الحل، أو كيف يمكن أن يكون شكله، إنهم يرغبون في حدوثه، إذ لم تعد لديهم القدرة على التحمل أكثر، ذاقوا أصناف العذاب كلها فمتى الحل؟ الجميع يقول: “المهم نخلص”.

لا تقلّ رغبة اللاجئين والمهجرين في الخارج، عمن هم في الداخل، في الخلاص، إلا أن حرمانهم من العودة إلى وطنهم يجعل غصتهم أكبر. فإلى أين سيتجه بنا عام 2018، وهل لنا أن نأمل بالخلاص الذي لا نعرف له شكلًا؟ حُلمنا بالحرية والكرامة وإسقاط النظام، وبناء سورية حرة لن ينتهي.


زين الأحمد


المصدر
جيرون