سورية مصدر ومقصد للعمل القسري والاتجار بالجنس



ذكر تقرير مكتب (رصد ومكافحة الاتجار بالبشر) التابع لوزارة الخارجية الأميركية أن “سورية، في السنوات الخمس الماضية، كانت مصدرًا ومقصدًا للرجال والنساء والأطفال الذين يتعرضون للعمل القسري والاتجار بالجنس”، مصنفًا النظام السوري في المستوى الثالث، “وهو يشمل البلدان التي لا تصل حكوماتها إلى المعايير الدنيا للوقاية، ولا تبذل أي جهد للوصول إليها”.

وفق التقرير، الذي نشره المكتب نهاية 2017، فإن “سيطرة الميليشيات المسلحة التابعة لأيديولوجيات مختلفة، على مساحات جغرافية واسعة من أراضي البلاد، لعبت دورًا كبيرًا في تدهور الوضع الأمني.. منظمات حقوق الإنسان ومنظمات دولية أكدت مقتل نحو 400 ألف شخص، منذ بدء الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد في آذار/ مارس 2011، وتشريد أكثر من نصف عدد سكان سورية قبل الحرب، وكان عددهم 23 مليون نسمة”.

أضاف أن “حوادث الاتجار بالبشر في سورية في ازدياد.. عدد كبير من ضحايا الاتجار محاصرون داخل سورية، كما أن الأطفال السوريين معرضون للتزويج المبكر والقسري -وهو ما يمكن أن يؤدي إلى الاستغلال الجنسي التجاري والعمالة القسرية- ولا يزال الأطفال المشردون داخل سورية يتعرضون للعمل الجبري، وبخاصة عن طريق حلقات التسول المنظمة”.

نقل التقرير عن “منظمات دولية أن تجنيد الأطفال، واستخدامهم في القتال في سورية، أصبح شائعًا، وظلت حالات التوثيق الخاصة بتجنيد الأطفال تزداد، وواصلت قوات النظام السوري والميليشيات التابعة له، والجماعات المسلحة -بما في ذلك الجيش السوري الحر والجماعات المرتبطة به، والقوات الكردية، و(داعش)، و(جبهة النصرة) التابعة للقاعدة في سورية- تجنيد واستخدام الفتيان والفتيات، كمقاتلين ودروع بشرية وانتحاريين وجلادين، وفي بعض أدوار الدعم”.

بعض الجماعات المسلحة التي تقاتل مع النظام السوري، مثل (حزب الله)، والميليشيات التابعة له المعروفة باسم قوات الدفاع الوطني أو الشبيحة -كما يؤكد التقرير- “جندت قسريًا أطفالًا تصل أعمارهم حتى ست سنوات. وقد استخدم هؤلاء المسلحون الأطفالَ، كعمال وكمخبرين، كما وثقت منظمة دولية معنية بإعادة تجنيد الأطفال، قيام الجيش السوري الحر بإعادة تجنيد 15 فتى، كان تنظيم (داعش) قد جندهم ودربهم عام 2013، ثم تم استخدامهم للقتال عام 2016”.

أشار التقرير إلى قيام تنظيم (داعش)، خلال سيطرته على مناطق في جنوب سورية وتدمر وحمص ودمشق وحلب، “بإصدار مبادئ توجيهية علنية، حول کیفیة القبض على النساء واحتجازهن وتحويلهن إلى عبيد، واستغلالهن جنسيًا بالقوة، وفي نيسان/ أبريل 2015، أبلغت منظمات دولية عن أن نظام الاستعباد الجنسي المنظم والزواج القسري هو عنصر أساس في أيديولوجية تنظيم (داعش) الإرهابي، ولا يزال تنظيم (داعش) يجبر الفتيات والنساء السوريات، في المناطق التي يسيطر عليها، على الزواج من مقاتليه، ويعرض بصورة مستمرة النساء والفتيات من الأقليات للتزويج القسري، والاستعباد المنزلي، والاغتصاب المنظم، والعنف الجنسي. كما يقوم بإجبار الفتيات السوريات على إجراء اختبارات العذرية بشكل دوري، قبل تداولهن في (بازارات الرقيق)، وإرسالهن إلى مختلف المحافظات السورية وغيرها من البلدان، للاستعباد الجنسي”.

تابع: “في عام 2016، قام (داعش) بنقل الآلاف النساء والفتيات المخطوفات، من مجموعة الأقلية الإيزيدية من العراق إلى سورية، وبعد توغل التنظيم في شباط/ فبراير 2015، في القرى الآشورية في محافظة الحسكة الشمالية الشرقية، احتجز 30 امرأة مسيحية آشورية، وأرغمهن على الاستعباد الجنسي. وفي آذار/ مارس 2016، أفادت وسائل إعلامية أن نساء من نيبال وبنغلاديش أجبرن على العمل في الاستعباد المنزلي أو الجنسي في سورية”.

أضاف التقرير أيضًا أن اللاجئين السوريين معرضون “بشدة للاتجار في البلدان المجاورة، وخصوصًا الأردن ولبنان والعراق وتركيا. وأكدت منظمات دولية أن اللاجئات السوريات (النساء والفتيات) عرضة للتزويج القسري أو الزواج المؤقت -لغرض البغاء وغيره من أشكال الاستغلال- والاتجار الجنسي في مخيمات اللاجئين والأردن، وبعض المدن في إقليم كردستان العراق بما في ذلك السليمانية وبغداد والبصرة وغيرها”.

لفت التقرير الانتباه إلى أن تقارير تفيد بإجبار اللاجئات السوريات (فتيات ونساء)، في لبنان وتركيا “على العمل في حلقات البغاء غير المشروعة التي يديرها رجال محليون، حيث أصدرت الشرطة اللبنانية تقارير في عام 2014، تشرح فيها بالتفصيل بيع اللاجئات السوريات من قبل رجال محليين. وفي تركيا، أفادت التقارير بأنه تم استغلال بعض اللاجئات السوريات، بعد توقيعهن على عروض عمل احتيالية في مراكز التجميل. وذُكر إن المثليات والمثليين ومغايري الهوية الجنسية، بين اللاجئين السوريين في لبنان، تعرضوا للاتجار الجنسي من قبل قوّادين لبنانيين”.

ختم التقرير بأن النظام السوري لم يبذل أي جهد للتصدي لعمليات الاتجار بالبشر، من خلال إجراءات المقاضاة أو الحماية أو المنع، بل ساهم بشكل مباشر في تعريض المدنيين للاتجار، واستمرار ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر بصورة دورية، مشيرًا إلى أن النظام السوري استمرّ في عمليات تجنيد الأطفال واستخدامهم بشكل قسري، كما أنه لم يحمِ أو يمنع تجنيد واستخدام الأطفال من قبل الميليشيات الموالية له.

طالب التقرير النظامَ السوري بمنع التجنيد القسري للأطفال، من قِبل جميع الأطراف الموجودة على الأرض في سورية، وتوفير خدمات الحماية الكافية للأطفال المسرحين، وضمان عدم معاقبتهم على الجرائم المرتكبة، كنتيجة مباشرة لإخضاعهم للاتجار، وتنفيذ قانون مكافحة الاتجار عن طريق التحقيقات والملاحقات القضائية للمتاجرين، بمن فيهم المسؤولون المتواطئون في تجنيد الأطفال واستخدامهم.


روشان بوظو


المصدر
جيرون