لم تستثني قوات الأسد وإيران من الاتهام.. صحف روسية: أطراف عدة يُحتمل تورطها بقصف حميميم



السورية نت - مراد الشامي

لم يكن الهجومين اللذين تعرضت لهما قاعدتي روسيا في الساحل غرب سوريا متوقعين، ومثلا تطوراً ملفتاً يحدث للمرة الأولى منذ بدء العملية العسكرية الروسية المباشرة دعماً لنظام الأسد نهاية سبتمبر/ أيلول 2015 والمستمرة حتى الآن، وهو ما اعتبرته موسكو تصعيداً خطيراً دفعها إلى التحقيق في أسلوب الهجوم والجهات المحتملة التي تقف وراءه.

وحتى اليوم الجمعة 12 يناير/ كانون الثاني 2018 لم يصدر عن روسيا سوى تصريحات رسمية ترجح أن تكون "فصائل من المعارضة السورية" وراء الهجوم بالطائرات المسيرة، التي حلقت مساء السبت الفائت 6 يناير/ كانون الثاني وألقت عدداً من القنابل على قاعدة حميميم المليئة بالطائرات الحربية الروسية المتطورة، وبعدد من الجنود الروس.

وفيما يتأنى المسؤولون الروس في تقديم اتهام قطعي لطرف ما بالوقوف وراء الهجوم الأخير على قاعدة حميميم، والهجوم الآخر الذي سبقه نهاية العام الماضي، فإن صحفاً روسية قريبة من دوائر صنع القرار في روسيا، وجهت اتهامات لأطراف مختلف في الوقوف وراء الهجوم، واللافت أنها لم تستثني منها حتى نظام الأسد نفسه.

عشرات الطائرات المهاجمة

صحيفة "سفابودنايا بريسا" الروسية، كشفت تفاصيل جديدة عن الهجوم، وقالت إن عدد الطائرات المهاجمة كان 30 وليس 13 كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، ووجهت الصحيفة اتهاماً مباشر لـ"فصائل من المعارضة السورية بالوقوف وراء الهجوم"، وقالت إن "فنيين أكدوا إطلاق الطائرات من ريف إدلب حيث تتواجد فصائل من المعارضة".

وادعت الصحيفة - بحسب ما ترجمت عنها وحدة المعلومات في مركز عمران للدراسات -  عبر تلميح غير مباشر إلى "دور تركي في الهجوم" على اعتبار أن المنطقة التي انطلقت منها الطائرات تقع في منطقة لـ"خفض التصعيد" يُشرف عليها الجانب التركي.

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال في تصريحات لمجموعة من الصحفيين، أمس الخميس، إنه لا علاقة لتركيا بالهجوم على القاعدتين الروسيتيين، وأعرب عن قناعته بأنه "لا علاقة للعسكريين والسلطات التركية بهذا الأمر"، لافتاً أنه  تحدث أمس هاتفياً عن الموضوع مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان.

وفيما وجهت الصحيفة اتهامها لفصائل المعارضة، فإن أياً من الأخيرة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجوم.

أميركا في دائرة الاتهام

وسط تبادل الاتهامات بشكل متزايد بين روسيا وأمريكا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي بعرقلة النشاطات العسكرية لكل منهما في الأراضي السورية، وتهديد كل طرف لوكلاء الطرف الآخر (من المقاتلين السوريين) الذي يعتمدون عليهم على الأرض، جاء الهجوم على قاعدة حميميم ليفتح باباً أمام اتهام آخر وجهته موسكو لواشنطن.

وفي هذا السياق نقلت صحيفة "سفابودنايا بريسا" عن خبير الطائرات بدون طيار، إيغور تباشك، قوله إن الطائرات التي هاجمت القاعدة سهلة التركيب والشراء، وهي ومتوفرة في الأسواق، لكنه اعتبر أنه المهم هو "قيادة وتوجيه هذه الطائرات، مرجحاً أن الذين أطلقوا الطائرات المسيرة مروا بمرحلة تدريب وتأهيل على أيدي مدربين جيدين، مشيراً بذلك إلى أمريكا.

واعتبر تباشك أيضاً أنه ليس بمحض الصدفة "وجود طائرة استطلاع أميركية في سماء المنطقة (قاعدة حميميم) إبان الهجوم، حسب قوله، وأضاف أن "إطلاق هذا العدد الكبير من الطائرات يهدف الى إرباك الدفاعات الجوية الروسية وشل قدرتها عل التصدي".

ورجح الخبير أن يكون الجيش الروسي دخل على قناة الاتصال بين الطائرات، ومركز التوجيه وشوش على مسارها، مما سهل التصدي لها وتدميرها .

وفي ذات السياق، قال الخبير الروسي، ألكسندر فرشخين، نائب معهد التحليل السياسي والعسكري إنه ينبغي "النظر إلى ما حدث بأنه عمل من تنظيم خارجي".

وكانت وزارة الدفاع الروسية ألمحت إلى دور للولايات المتحدة بهجوم طائرات "الدرونز" على قاعدة حميميم، وجاء ذلك خلال تعليق مسؤول في البنتاغون قال فيه إن "التكنولوجيا المستخدمة خلال هجوم درونات على مرافق عسكرية روسية في سوريا، يمكن الحصول عليها بسهولة في السوق المفتوحة".

وقالت الوزارة في بيان لها إن "عملية برمجة وحدات التحكم، بدرونات من نوع الطائرات  وتنظيم عملية رميها للذخيرة، بواسطة نظام GPS، يتطلب وجود معارف هندسية كبيرة ولائقة بدولة من الدول المتطورة"، واعتبرت أن تصريح المسؤول الأمريكي عن الهجوم، "مثير ليس فقط لقلقنا بل وتطرح الاستفسار المشروع: عن أية تكنولوجيات يتحدثون؟ وأين تقع السوق المفتوحة المذكورة؟ وأية أجهزة استخبارات تمارس بيع وتجارة معطيات الاستطلاع الفضائي؟.     

الأسد وإيران

وتتسع دائرة الاتهامات في الصحف الروسية، لتصل إلى نظام الأسد نفسه وإيران، حيث ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية احتمالات عن تورط إيران ونظام الأسد في الهجوم الذي وقع بالقذائف على قاعدة حميميم نهاية العام الماضي وقبل أيام من الهجوم بالطائرات المسيرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن بعض وسائل الإعلام وصفت قصف قاعدة حميميم بـ "إراقة ماء وجه روسيا وفشل كبير لها في سورية"، وقالت إنه خلال عامين من تموضع الطائرات الروسية في القاعدة بدون مخابئ في العراء، لم يحصل أي شيء.

وأيدت الصحيفة الأخبار الواردة من صحيفة روسية أخرى عن وجود نية للضغط على موسكو والانتقام منها لاستئثارها بالانتصار على تنظيم "الدولة الإسلامية"، وفي هذا الصدد قال فرانز كلينيسييفتش نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي، وردده مسؤولون روس كبار، إن "الأثر الأمريكي كان واضحاً في قصف قاعدة حميميم في سوريا من خلال تحديد مواقع الطائرات، وساعد على ذلك الفوضى في سوريا وقد تدخل العملية ضمن مكائد سورية وإيران".

وبيّنت الصحيفة أن "الهجوم بالهاون تم من المناطق التي تتواجد فيها قوات الأسد، كما أن ميليشيات موالية لإيران والأسد تنشط حول القاعدة وبمشاركة أشخاص من عائلة الأسد"، ونتيجة لذلك اعتبرت الصحيفة أن "القصف لا يمكن أن يتم إلا بموافقة ومساعدة أفراد هذه الميليشيات".

وحاججت الصحيفة بهذا التوقع بالإشارة إلى أن وضع قواعد الإطلاق كان منظوراً من قبل المواطنين ويعرفون المشاركون في العملية، مضيفةً أن "المراقبين السوريين شددوا من السيطرة على المواقع المحيطة بالقاعدة، مع

انعدام الثقة بين الروس والسوريين ويعني ذلك احتمالات تغييرات نوعية في علاقة روسيا مع الميليشيات الموالية المختلفة في سوريا".

ويشار إلى أن التحليلات عن الهجوم الأول الذي تعرضت له قاعدة حميميم وذكرت صحيفة "كومرسانت" أنه دمر 7 طائرات، تأرجحت بين أن الهجوم تم بقذائف مدفعية استهدفت المطار وبين صواريخ غراد.

تباين في المصالح

ومنذ  تدخل روسيا العسكري في سوريا، لم تكن موسكو على وفاق كامل مع الميليشيات التي تدعمها إيران خصوصاً تلك التي ترفع شعارات طائفية والقادمة من العراق أو أفغانستان، كما أن روسيا سعت فور تدخلها فوراً بإعادة هيكلية لأجساد ميليشيات تابعة لنظام الأسد، خصوصاً الإعلان عن تشكيل "الفيلق الرابع"  الذي حظي بدعم عسكري روسي كبير فوء بدء عملياته، وضم في صفوفه مقاتلين من ميليشيات "الدفاع الوطني"، وكان الهدف منه تقليل سطوة الإيرانيين على قوات الأسد.

وفي نفس الوقت، أشارت تقارير صحفية غربية استند بعضها إلى تصريحات من دبلوماسيين، أن إيران وروسيا ليستا على اتفاق كامل حول شكل الحل في سوريا، كما أنهما تتصرفان في بعض الأحيان كطرفين يسعى كل منهما لتثبيت نفوذه في سوريا، حيث سبق وأن خرقت الميليشيات التابعة لإيران اتفاقات لوقف إطلاق النار توصلت إليها روسيا مع فصائل من المعارضة السورية، وكانت إيران تهدف من ذلك إرسال رسالة بأنها لاعب محوري ومؤثر في أي تطورات جديدة ستفرضها روسيا على الأرض.

وتبقى الإشارة إلى أن محللين عسكريين استبعدوا ضلوع مقاتلي "تنظيم الدولة" في الهجوم على القاعدتين الروسيتيين، نظراً لبعده عن القاعدة الروسية في الساحل السوري، ولكونه اعتاد على استخدام طائرات (أثناء معاركه في الرقة ودير الزور) لا يتجاوز مداها واحد كيلو متر إلى اثنين.

اقرأ أيضا: عبر التهديد بتلفيق هذه التهمة لمن لا يدفع..عنصران من ميليشيا تابعة للنظام في حمص يحصدان الملايين




المصدر