واشنطن بوست: روسيا: الطائرات المسيّرة التي هاجمت قاعدتنا في سورية انطلقت من قرية للمتمردين



قاذفات روسية في قاعدة حميميم الجوية في شمال غرب سورية، عام 2016. (راميل ستديكوف/ سبوتنيك/ أسوشيتد برس)

حددّت روسيا، يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/ يناير، القريةَ التي انطلق منها الطائرات المسيّرة (من دون طيار) التي هاجمت قاعدتها العسكرية الأساسية في سورية، ونشرت صورًا للطائرات المستخدمة، وهي سيئة التصنيع.

كشفت هذه التصريحات إلى حدٍّ ما الغموضَ المحيط بما يشكل أكبر هجومٍ منسق على القاعدة العسكرية الروسية الرئيسة في حميميم، منذ بدء التدخل العسكري الروسي في سورية عام 2015.

قالت روسيا: إنَّها حمّلت تركيا مسؤولية الهجوم بالطائرات من دون طيار، ووصفته بأنَّه خرقٌ لاتفاق وقف إطلاق النار في شمال سورية، بينما اتهمت تركيا كلًا من روسيا وإيران، بتعريض عملية السلام برمتها للخطر، من خلال شنِّ هجومٍ للسيطرة على القاعدة الجوية التي تسيطر عليها المعارضة في المنطقة.

سمَّتْ وزارة الدفاع الروسية قرية (الموزرة) التي تسيطر عليها المعارضة في جنوب محافظة إدلب، حيث تمَّ إطلاق ما لا يقل عن اثنتي عشرة طائرة مسيّرة تحمل ذخائر شديدة الانفجار، يوم السبت 6 كانون الثاني/ يناير، هاجمت قاعدةَ حميميم الجوية، وقاعدة طرطوس البحرية القريبة في شمال غرب سورية. وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، من المفترض أنْ تردع تركيا قوات المعارضة في محافظة إدلب. وقد نشرت وزارة الدفاع صورًا لإحدى هذه الطائرات على صفحتها في (فيسبوك)، تبدو وكأنها طائرةٌ محلية الصنع، بدائية وغير متطورة.

قال آرون شتاين، من مجلس الأطلسي (مقره واشنطن): إن الطائرة المسيّرة الثابتة تشبه طائرة ألعاب كبيرة الحجم، ويبدو أنّها جُمّعت بتكلفةٍ رخيصة من رقائق الخشب، تمّ تزويدها بنوعٍ من المحركات المستخدمة لتشغيل جزازات العشب، وتحميلها بما لا يقل عن تسعة صواريخ صغيرة، يُمكن أن تُسقَط أو تُستخدم لتحويل الطائرة إلى قنبلة.

أضاف شتاين: إنّ من غير الواضح من الصور كيف تمَّ توجيه الطائرات من دون طيار، ولكن يمكن لأنظمةٍ بسيطة لتحديد المواقع الجغرافية أنْ تُبرمج لتطير الطائرات على مسافةٍ طويلة للوصول الى القاعدة الجوية، وذلك باستخدام إحداثيات المواقع الجغرافية المتاحة على شبكة الإنترنت. وقال: “إنَّ الطائرات من دون طيار تبدو لي مثل مشروع يدوي، وبالتأكيد بتقنيةٍ منخفضة”.

غير أنَّ الهجوم بالطائرات المسيّرة يمثّل المرة الأولى التي يُستخدم فيها سلاح كهذا في سورية، بهذه الطريقة. قبل ذلك بستة أيام، قُتل جنديان روسيان، وذُكر على نطاقٍ واسع أنّه هجومٌ بقذائف الهاون على قاعدة حميميم، ويبدو أنه على الأقل تضرّرت بعض الطائرات المقاتلة في الأسطول الروسي من ذلك الهجوم. ولكن هناك شكوكًا متزايدة في أن الهجوم قد يكون قد نُفذ أيضًا بطائراتٍ مسيّرة. ومما يزيد من الغموض حول هوية المسؤول عنها، أنّ أحدًا لم يتبنَّ أيًا من الهجمات.

استخدم (تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش) طائراتٍ مسيّرة من نوع رباعي، لإسقاط كميات صغيرة من المتفجرات على قوات العدو في سورية والعراق، ولكن هذه الأجهزة لا يزيد مداها عن كيلومتر واحد إلى كيلومترين، وفقًا لمجموعة (آي. إتش. إس ماركت) الاستشارية.

تقول روسيا إنَّ الطائرات المسيّرة (من دون طيار) المستخدمة في الهجمات ذات مدى يراوح بين 30 و60 ميلًا، وقالت، يوم الأربعاء الماضي: إنَّها انطلقت من قرية (الموزرة) على بعد حوالي 50 ميلًا من حميميم. وقال تقريرٌ صادر عن وزارة الدفاع الروسية الرسمية: إنَّ القرية تسيطر عليها “المعارضة المعتدلة”.

قال سكان القرية في جبل الزاوية إنَّهم لا يملكون أي معلوماتٍ عن الهجوم، وأعربوا عن خوفهم من ردِّ روسيا عليه. وقال مهند عساف (27 عامًا) الذي يعيش في القرية: “نرفض الاتهامات الروسية تمامًا”. وأضاف: “لقد تعرضت القرية دائمًا للقصف، ولا يحتاج النظام وروسيا إلى ذريعةٍ لقصفنا، لكنّهم قد يقصفون الآن أكثر؛ بعد هذه الاتهامات الكاذبة”.

تجدر الإشارة إلى أنَّ (الموزرة) كانت على خط المواجهة بين المتمردين والقوات الموالية للرئيس بشار الأسد منذ بدايات الحرب، عندما سقطت المنطقة بسرعةٍ تحت سيطرة المتمردين المعتدلين المتحالفين مع القوى الثورية السورية.

ولكن بعد أنْ قامت (جبهة النصرة) التابعة للقاعدة بطرد الجيش السوري الحر خارج المنطقة في عام 2014، صارت تحت السيطرة الكاملة للمتطرفين. وما تزال القرية مواليةً للمعارضة المعتدلة، لكنَّ المواقع العسكرية المحيطة بها تعود إلى (حركة تحرير الشام)، كما قال رجلٌ آخر يعيش في القرية، لا يريد الكشف عن اسمه. وكانت روسيا قد دمّرت الغارات الجوية الروسية قاعدةً لـ (هيئة تحرير الشام/ النصرة)، التي تقع في وادٍ إلى الشرق من القرية، في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، بعد الهجمات على حميميم.

قال آرون لوند، الذي يحلّل الشؤون السورية في مؤسسة القرن: إنَّ (هيئة تحرير الشام/ النصرة) مشتبهٌ محتمل في هجوم الطائرات من دون طيار؛ “لأنَّها أكبر وأقوى المجموعات المعارضة” في المنطقة. وإذا كانوا مسؤولين، فمن غير الواضح لماذا لا يتبنون الهجوم.

تكهن كثيرٌ من السوريين والروس أيضًا بأنَّ وكالات استخبارات أجنبية لديها أسبابٌ لاستفزاز الروس، ربما أنها ساعدت مجموعة محليّة في تنفيذ الهجوم. وقال لوند: “ثمة كثير من الأشياء المريبة تجري في إدلب: عملاءٌ يتجولون، وجماعاتٌ تعمل مع مجموعاتٍ يجب ألا يعملوا معها”. وأضاف: “الأمور غامضةٌ جدًا جدًا”.

في رسالةٍ بُعثت إلى كبار المسؤولين الأتراك، ذكرت روسيا أنَّها حمّلتْ تركيا مسؤولية هجمات الطائرات المسيّرة التي وصفتها بأنَّها خرقٌ لاتفاق وقف إطلاق النار، في محافظة إدلب، وفقًا لما ذكرته صحيفة وزارة الدفاع. وبموجب التفاهم الذي تم التوصل إليه بين الدول الثلاثة: روسيا وتركيا وإيران، العام الماضي، من المفترض أنْ تكون تركيا مسؤولةً عن ردع المعارضة في إدلب، وروسيا وإيران مسؤولتين عن منع النظام من شنّ الهجمات.

تتزامن هجمات حميميم مع تصعيد القتال في إدلب، مع هجومٍ جديد تشنّه الحكومة السورية، بدعمٍ من روسيا، الآن. وقد احتج وزير الخارجية التركي: مولود جاويش أوغلو، يوم الأربعاء 10 كانون الثاني/ يناير على أنَّ إيران وروسيا لم تتمسكا باتفاقاتهما بموجب وقف إطلاق النار، ودعاهما إلى وقف هجومهما.

ويبدو أنَّ الخطوط العريضة لصفقةٍ جديدة محتملة تلوح في الأفق، توافق بموجبها روسيا على أنْ تُقنع الحكومة السورية بالامتناع عن مهاجمة أي أراضٍ للمعارضة، وتوافق تركيا على منع المعارضة من مهاجمة القواعد الروسية، كما قالت جنيفر كافاريلا من معهد دراسات الحرب.

اسم المقالة الأصلي Russia says DIY drones that attacked its base in Syria came from a rebel village الكاتب ليز سلاي وزكريا زكريا، Liz Sly and Zakaria Zakaria مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 10/1 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/world/russia-says-diy-drones-that-attacked-its-base-in-syria-came-from-a-rebel-village/2018/01/10/9e9bddd4-f615-11e7-9af7-a50bc3300042_story.html?utm_term=.fa3bc544bd7f عدد الكلمات 903 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون