لوركا سبيتي امرأة في الطابق الثاني



لا يوجد امرأة لم تستكمل بناء طابقها الأول، إن لم تستكمله بجمالها؛ تستكمله بأنوثتها، وإن لم تستكمله بأنوثتها؛ تستكمله بأناقتها، بطلّتها، بابتسامتها، بأمومتها.. هناك دائمًا ما تستكمل به المرأة طابقها الأول، في ذلك الطابق تلتقي جميع النساء. التميز، والاختلاف، والمغايرة، نلاحظها في الطابق الثاني، تلتقي النساء اللواتي أبدعن صياغة وجودهن، فاختلفن عن غيرهن دون خلاف. من تلك النساء كانت الشاعرة والإعلامية والكاتبة لوركا سبيتي، فهي، إضافة إلى ما تتميز به كامرأة، مقدمة برنامج (صوت الشعب)، في إذاعة صوت الشعب، وبرنامج (اسأل قلبك) في تلفزيون nbn، وفي إذاعة لبنان تقدم برنامج (بالحب وبس)، وقد صدر لها أربع مجموعات شعرية، وأربع قصص للأطفال، آخرها قصة (لي بدل البيت بيتان) التي فازت هذا العام بجائزة اتصالات، لأدب الأطفال واليافعين (كتاب العام) في الشارقة، إضافة إلى كونها كاتبة في الصفحة الثقافية في جريدة (السفير). وهي فوق هذا.. وذاك، ابنة شاعر، وشقيقة كاتب، وزوجة روائي.

– بمناسبة صدور قصتك الرابعة من سلسلة أدب الأطفال (لي بدل البيت بيتان)، هل تكتبين أدب الأطفال لفرض قيمك الأخلاقية على الأطفال من خلال الأدب، أم لإعدادهم لمواجهة متطلبات العصر؟

= بدأت كتابة قصص الأطفال بالصدفة، لم أخطط لهذا الفعل البتة، كان بعيدًا عني؛ بُعد المثل الشعبي عن عابر سبيل. لم أنوِ المشي نحو هذا العالم البسيط والفرح والمسؤول. وفجأة وجدتني أخاطب هؤلاء الكائنات الصغيرة بطريقتهم وبراءتهم، بعد أن كنت أعلن دومًا عبر منابري أن الأطفال “شريرون”. التجربة تصنع منّا الشخص الذي نحن عليه، وتجربتي مع ابني “آدم”، بُعيد الطلاق، وبعد أن أخذه والده إلى بلاد بعيدة، أمسكت بيدي، وأوصلتني إلى الضفة، فكانت (سلسلة آدم والحلم)، وذلك لشعور مزمن ولا واعٍ بالذنب تجاهه، سكنني، فكأني أردت التعويض له بكتابة قصتين يكون هو بطلهما، بمحاذاة النهر كانت النزهة، حيث أهدرت عواطفي هناك على الحشائش، وبين أطفال يلهون، وورود تتكلم، وغيوم تبكي وشمس تضحك.

استأنست بالعيش مع الخيال، وتحوّلت إلى “أليس” في بلاد العجائب، من كتابة الشعر إلى كتابة قصص للأطفال، المنبع واحد؛ والملعب واحد “الخيال”، حينها امتلأ بيتي فجأة بالأطفال الذين لا أفهم لغتهم -بكاءهم وضحكهم- وتكرس هذا الواقع بقوة لا أملك أي خيار للهروب منه، فأدركت أن الأطفال هم الحقيقة الوحيدة في الحياة، يليها الموت. وقصص الأطفال هي المساحة التي لجأت إليها لأفرغ فائض الطاقة لدي. تحولت من الشعر إلى القصص، بشكل مؤقت؛ ريثما أستطيع أن استعيد عزلتي، وألهو بكتابة الشعر كما أحب، لهذا أنا لم أكتب القصص لفرض قيم أخلاقية، وإن فعلت، فستصبح بالية مع الزمن، أنا فقط أتسلى بالكتابة، ولا رسالة وراء ذلك.

– أيهما أقرب إليك، لوركا الشاشة الفضية، أم لوركا الصوت الإذاعي، أم لوركا الشاعرة؟

= استهليت إحدى مجموعاتي الشعرية بجملة قلت فيها: غريبة أنا حتى الجذور.. ظلي لم يمارِ شكلي بعد. أقصد بهذا القول أنني ولا واحدة مما ذكرت أعلاه، وأنا الجميع معًا. أتحد وأنفصل في الثلاثة، لأشكل حالة خاصة تشبهني، ولا تشبه السائد، أو ما أقتنع الناس به بأنه الأصح والأجمل، في عالم المقاييس المزيفة والبهتان المستعر، عالم لا يفرق، إن كنت أبلهًا أو ذكيًا، متكلمًا أو لا تتقن فن الكلام، مستسلمًا أو ما زلت تحاول … عالم أشبه بمن يفتش عن قارب على سطح كوكب لا تعلوه يابسة.. عالم ممل كامرأة مطيعة!

من وراء نوافذي الصغيرة (الشاشة الميكروفون والكتابة)، أطلُ على هذا العالم الوحيد وحيدة، أحاول مصادقة العابرين والغائبين والخائفين والباحثين عن أمل، وأظنهم قلة، ربما أكون سلوى لهم، رفيقة جيدة في ظروف صعبة، وفي وقت محدد ومكان محدد. جميل أن ينتظرك أحدهم مبتسمًا وراضيًا، ولم يزل حزينًا من كل ما يدور حوله. جميل جدًا أن تترك أثرًا، خفيفًا ناعمًا متخيلًا شفافًا لا يبقى ولا يركن ولا يستقر. فقط يُفرح.

– هل أنت مع جندرة الأدب؟ وكيف تنظرين إلى الأدب النسوي، إلى موقعه في المشهد الثقافي العربي؟

= إن أي حديث عن أدب نسوي، وأدب ذكوري، يُلزمنا أن نفترض بأن الرجل والمرأة مختلفان، من حيث القدرة على الإبداع، وأن هناك من هو أفضل ومن هو أقل، وأن الفرق يكمن بالنوع وليس بالموضوع، وهذا ما لا أوافق عليه. المرأة المبدعة والرجل المبدع بشتّى الميادين واحد، إنسان لديه ما يكفي من الهواجس والأحاسيس والأفكار والخوف والمكبوتات، تجعله يقدم على هذا الفعل. فالكتابة تشير ولا تفصح، وكل واحد منهما (الرجل والمرأة) يشير إلى نفسه، إلى دواخله، مكنوناته، قضاياه، تجاربه انكساراته انتصاراته التي تختلف بين رجل كاتب وآخر، وبين امرأة كاتبة وأخرى. قد يبدو في بلادنا الفرق واضحًا بين الجنسين، وذلك نتيجة الفروقات الاجتماعية الواضحة بينهما، ولكن ذلك لا يعني شيئًا. أننسى قول الشاعرة والأميرة ولَادة بنت المستكفي: أمكن عاشقي من صحن خدي، وأعطي قبلتي من يشتهيها! منذ القدم أفصحت المرأة الكاتبة عما تريد، وقالت كلمتها، ولم تأبه لكل العواء الذي صدر. هي ليست امرأة عادية بل مضاعفة. لا تتكئ على الشجر، ولا تتكل على الريح، ولا تصاحب الممكن، بل المستحيل هو هدفها الذي يشعل الحروب لو اضطرت إلى الوصول إليه. ولكن لا بد أن أوجه نقدًا محببًا إلى البعض من كاتباتنا العزيزات، اللواتي يعتقدن أنهن لن يكنّ، ولن يوجدن إلا إذا تكلمن عن الجسد، وطبعًا، لا سوء في ذلك، فأنا أعتبر أجمل نصوصي هي التي كتبت الجسد، ولكن أن يكون موضوعهن الدائم!! مهما كبرن وحلقن وعدن وارتطمن وتبعثرن وأعدن صياغة أنفسهن من جديد؛ فهذا أمر يدل على عدم القدرة على التواجد والحفر والعبور والوصول، إلا عبر هذا الموضوع، وهذا خطأ شائع!

– أكثر من صوت نسوي يمسك بالقصيدة، ويصعد بها إلى الجنون في “مصحك العقلي”، هل أنت حاقدة على الشعر، أم على الأنثى، أم أن تلك الفسحة ضرورية لكليهما؟

= من عنوان المجموعة (مصح عقلي)، يمكن الحكم على أن هذا الكتاب فيه شيء مختلف، فيه شعر لم يُكتب بعد كأس أو قصة حب فاشلة. أعتقد أن الشعر داخل المصح العقلي ليس مثل الشعر خارجه. هناك التفلت من كل القيود والضوابط والقوانين والعقائد. هناك في ذلك المصح تجد الأشخاص الذين لم يحسنوا التصفيق للزيف والخداع، ولم يحترفوا التكيف في الخارج، فابتعدوا عن القطيع، واخترعوا طريقتهم في العيش، حيث لا جنة منتظرة ولا أبد هزيل، ولا اخضرار مضجر.. هناك البراري الشائكة والهواء المغروس في باطن الأفكار، وكل واحد لديه طريق وطريقة، والجميع بخير..

في مصحي العقلي، لا أنثى واحدة بل شعوب من الإناث الرافضات لا الحاقدات، فطاقة الأنوثة الحقة لا تحمل في دمها الحقد والكراهية، بل الحب والرفض: رفض الكذب، رفض القتل، رفض الظلم، ورفض الموروثات البالية التي لا تتسع لأفكار جميلة وخيال ملون وملاعب مليئة بالضحكات وساحات مشمسة وطرقات لا نهاية لها، طرقات لا توصل إلى شيء، مفتوحة على المطلق، تمشي.. وتمشي، وتتسع وتضيق ولا يضجرها السير، طالما أن التصاق أقدام العابرين بها يسعدها، وطالما أن أملهم بالوصول بوصلتها. لا خائفات في مصحي العقلي؛ لا متواطئات لا خانعات ولا خاضعات.

–  ثمة كلمات أحب أن أعرف ماذا تعني لك: الإذاعة، التلفزيون، الشعر، السياسة، الكتاب، الحب؟

= الإذاعة: التجربة الأولى في عالم الإعلام، والمنبر الأول لكتاباتي وأفكاري. الإذاعة هي “صوت الشعب” بالنسبة إلي، حيث المكان الذي استقبلني وأنا ما زلت بلا خبرة إذاعية، وشجعني ودربني ووثق بقدراتي وحضنني مدة أربع سنوات، كنت فيها حرّة بالكامل، أعدّ وأقدم برنامج ثقافي، حاورت فيه الكثير من الأسماء المبدعة، من لبنان والعالم العربي، حوارًا شاملًا عن حياة كل منهم، منذ طفولته مرورًا بالتجارب والهزائم والنجاحات.

التلفزيون: هو هدفي الأول والأخير. لأنه يصل إلى كل بيت، ومنه إلى كل قلب وعقل وروح، لذا هو السلطة الأولى وليست الرابعة، وكلنا نعرف إن الذي يسيطر على الإعلام يسيطر على العقول، والتلفاز بالأخص له قدرة فائقة على تسطيح الوعي الإنساني، أو المساهمة في تعميقه. وأنا من موقعي، ككاتبة حرّة، كنت دومًا أود أن أغير مفهوم ما يعرض على الشاشة، انطلاقًا من كذبة شائعة “هيك بدو الجمهور”. والجمهور من وجهة نظري هو إسفنجة تمتص كل ما تعطيه مهما كان ساذجًا أو سخيفًا أو عميقًا أو هادفًا. وكنت قد حاولت طيلة وقتي إقناع القيمين على الشاشات، وهي -في أغلبها- أثبتت بأنها دكاكين تجارية ليس إلا، حاولت إقناعهم بفكرة برنامج يعمل على تثقيف الأجيال، وخلق متع أخرى غير السائدة، من خلال التفكير والتحليل والاستنتاج، وليس على تكريس مفهوم “الإشاعة” إشاعة أخبار وأفكار تافهة، تزيد من الكسل والخمول والبلادة والرجعية، في عقول شعوبنا، وكما يقال: “الإشاعة هي أقدم وسائل الإعلام”.

الشعر: هو المادة التي ترطب هذه الحياة القاسية، وتجعلها أسهل، وتجعلنا أكثر قدرة على تحملها.. ولما كنت لا أستطيع البقاء مدة طويلة في أي عمل مارسته في حياتي مهما تنوعت مجالاته، ولما كنت مارست الصحافة والمسرح والرقص والتعليم والزواج والأمومة، ووظائف أخرى، ولم أتعلق بأي واحدة، ولم استقر في مكان واحد وقتًا طويلًا؛ أيقنت أن الكتابة هاجسي وملاذي، ولادتي وموتي، فيها أحلّق عاليًا فلا أرتطم بحبال الغسيل، فيها أشعل الحب، وأتدفأ بوهج لا ييبس، يشبه الأشياء الجديدة. أكون فيها ذاتي لا غيري، أنا وليس ما أُريد لي أن أكون عليه. الكتابة بالنسبة إليّ هي متعة ذاتية، وحميمة تخصني ولا تخص أحد سواي، بها أدلل نفسي وأتعرف عليّ، وبها أعيد صياغة مفاهيمي كل يوم بيومه، كل قصيدة بقصيدة. بها أزوِّر الحياة، فأظلّ أبنيها وأهدمها حتى تصير على شاكلتي. بالكتابة وحدها أكون.

الحب: الحب هو العلاج الوحيد لهذا الكوكب المريض، وبقاء البشرية واستمرارها -إنسانيًا- ليسا مرتبطين بالتناسل، بل بالحب. نحب كي تصير اللعبة أقل قساوة، نحب كي نحلّق إلى الأعلى حيث الوحل أقل، نحب كي لا نقتل وكي لا نبرر القتل، نحب كي ننسى آثار قطارات مشت على جلدنا. نحب كي تصير الحياة ممكنة. والمحزن أن مجتمعاتنا مدمنة على اللاحب، محترفة الكراهية والضغينة والحقد واللاتقبل ورفض المختلف، متمسكة بعقائد بالية تصلح لزمان معين ولمكان معين ولأشخاص يشبهون طبيعة ذاك الوقت، خائفة دومًا من المجهول بدءًا بالموت انتهاء بالحياة وما بينهما.

هذا عن الحب أما عن العشق، فأنا امرأة عاشقة دومًا، إن لم يكن معشوقي رجلًا، فذاتي هي المعشوقة، وكل الأشياء حولي هي مشروع طريدة، الأبواب الملوّنة المزهريات العتيقة، الدروب الضيقة، فيء ما، حديث خفيف ينتقل بين الألسن كفراشة، الخطوات العابرة، العابرون، الممتلئون مودة، المظلَلون بالصمت، الصباحات العليلة وغيرها الكثير.

السياسة: في بلادنا لا يمارس الفكر السياسي بل العهر السياسي، لذا لا أصدق لا السياسة ولا السياسيين، ولم أنتمِ إلى أي حزب، لكيلا أتكبل بفكرة وأسجن لأجلها أو أُساق إلى المقصلة دفاعًا عن الحق الذي يصير في زمان آخر باطلًا. انتبهت كثيرًا كي لا أقع ضحية الديكتاتورية، داخل الأحزاب التي تظهر بقناع الديمقراطية تحت شعارات رنّانة، كالمدنية والحرية، ولكنها في الداخل ينخرها سوس التراتبية والمحسوبية والقتل على الهوية. لو كانت أحزابنا فعلًا وطنية؛ لما وقعت حرب أهلية امتدت ربع قرن بلا هدف ولا مغزى ولا تحمل همّا أو قضية. سياسيون يعتمدون سياسة تفقير شعوبهم، فيحرمونهم من أدنى حقوقهم الإنسانية، ويشغلونهم بالخبز والماء والطبابة والمدارس كي لا ينتبهوا لسرقاتهم وفسادهم وظلمهم.

– ما هو تفسيرك لغياب هشاشة الحب في قصائدك؟ من أين لك هذه القوة؟

= يحيرني هذا الذي نسميه الحب، فهو يبعث فيَ الظنون، يغيثني حين لا أعترف بأمراضي، وحين يصبح تيهي أكبر مني، وحين أذهب إلى الانتحار.

المسافة بين ليلين ليست نهارًا، والحب إذا أينع يولد موته على أسرته، يموت الحب في الحياة وفي القصائد، كما تموت كل الأشياء الفارغة، ولكنه لا يصير جيفة برائحة بشعة، بل سمادًا يتكئ عليه حب ينبت بعد حين. هذه الهلوسات تظهر في قصائدي وتطلّ من حين لآخر لتمحو أي افتراض بأن أعقل. القوة تأتي حين تكتب ما تشعر به من دون مواربة أو انصياع. ألا تحدّ كتاباتك بإطار، فتلجم خيالك وتستعمل ميزان أهلك. القوة في أن تعلن أسرارك وتبوح بمخاوفك وتتعرى أمام مرآتك. وتضحك في وجه الحياة رافعًا الوسطى!

– في القصائد المبكرة –دائمًا– هناك محاكاة لنماذج من الشعر، والشعراء، منْ مِن الشعراء كان نموذجك، وما هي القصيدة؟

= أظن أنه يمكننا استبدال كلمة التأثر بالقراءة الضالة، أي أننا في عمر مبكر من الكتابة نقرأ لشعراء نراهم حينها كبارًا، فيشكلون بالنسبة إلينا الأب الشعري. والأب يموت في داخلنا مع التقدم في التجربة، ولكنه يظل حيًا طيلة الموت، ويأخذ شكل الصوت الذي لا يموت، لأنه صدى لشاعر ميت. كما يقال: القصائد -حرفيًا- هي أفعال رفض للفناء. إذن الذي يكتب القصيدة ثلاث: الموت والذاكرة والأنا المتوالدة في كل لحظة. تأثرت بالكثير من الشعراء، بدايتهم كان درويش ونهايتهم أنسي الحاج. وما زلت في صراع مع المرحومين، ولن أربح حربي هذه لأنه لا يمكنك قتل ميت مرتين!

– في كتابك (أنت لي الآن … تحرر) تقولين: إله واحد لا يكفي، أم واحدة لا تكفي، جسد واحد لا يكفي، حتى أنت وحدك لم تعد تكفي. لمن موجه هذا النداء؟ ولماذا؟

= بما أن الحياة التي نعيشها وضحت وبانت، ولم يعد هناك جدران عالية تفصلنا عما يمكن أن يكون جديدًا وجديرًا. وبما أننا عرفناها بالتفصيل الممل ولا احتمال أن تكون بشكل آخر أو أن يكون بعدها حياة. وبما أن الحياة بطولها وعرضها وبكل ما عليها، لا تكفي، فكيف سيكفي ما فيها؟ أتكفي أم واحدة تعانق خوفي، وتمسك بيدي؛ وتطرز فساتيني؛ وتحرس أحلامي؛ وتغطيني من البرد؛ وتحضر طعامي؛ وتحميني من الحياة؟

أيكفي جسد واحد، كي يولد ويموت في كل لحظة، يستقبل ويودع في كل لحظة، مزدوج استعمال الأعضاء، هش حد التلاشي وصلب مثل الحديد، الجسد الدافئ كأمثال شعبية، الوحيد كواحة والخجول كشحاذ، والرجل أنت.. هل يمكنك أن تكون حبيبًا وصديقًا ومعينًا وشغوفًا ومجنونًا ومستقرًا وذكيًا وهائمًا وغريبًا وقريبًا معًا؟ أيمكنك أن تصفق بعد إسدال الستارة، وأن تأمل بعد المخاض. أيمكنك تحمل الفشل والحزن، حزني وحزنك. هل يكفي رجل واحد؟


إبراهيم الزيدي


المصدر
جيرون