2017 عام الفقر للاجئين السوريين في لبنان



أظهرت دراسة استقصائية، أجرتها مؤخرًا منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن “اللاجئين السوريين في لبنان أكثر فقرًا وضعفًا الآن”، مما كانوا عليه منذ بداية الثورة وبدء موجة اللجوء للبنان. حيث “يعيش أكثر من نصفهم الآن في فقر مدقع، بينما يعيش أكثر من ثلاثة أرباعهم تحت خط الفقر”.

ذكرت الدراسة أن نحو 58 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان، الذين يكافحون من أجل البقاء، يعيشون على أقل من 4 دولارات في اليوم -وفقًا للمسح الذي استند إلى بيانات جُمعت في العام الماضي- ما يضطرهم إلى التقشف في الموارد لتلبية احتياجاتهم الأساسية. وتنفق الأسر وسطيًا نحو 98 دولارًا للشخص في الشهر الواحد، 44 منها تنفق على الغذاء.

سكوت كريغ، المتحدث باسم المفوضية في لبنان، قال: إن “الوضع في لبنان يزداد سوءًا، بل يزداد فقرًا. حيث تخطى عدد اللاجئين السوريين المسجلين في لبنان حاجزَ المليون، في حزيران/ يونيو من العام الماضي، وبلغت تكلفة الوفاء باحتياجاتهم أكثر من ملياري دولار، موّلت بنسبة 30 في المئة فقط”.

تتجنب الحكومة اللبنانية، منذ فترة طويلة، إقامة مخيمات رسمية للاجئين. لذلك يعيش العديد من السوريين في خيم عشوائية، ويتعرضون للفقر، ويواجهون قيودًا على الإقامة أو العمل القانوني.

خلود إسماعيل، وهي عاملة اجتماعية في إدارة الحالات في منظمة الإنقاذ الدولية، صرّحت لـ (جيرون): “يفتقر اللاجئون السوريون إلى العديد من الاحتياجات الأساسية الضرورية للبقاء، ابتداء من المسكن الآمن والصرف الصحي والمواد الغذائية ووسائل التدفئة، ولا سيّما أننا الآن في فصل الشتاء”.

أرجعت خلود تفاقم هذا الوضع إلى تراجع الدعم من قبل الدول المانحة، واتباع سياسة الأولويات في تقديم الخدمات الأساسية. وأضافت موضحة: “في بداية موجة اللجوء، كان كل شخص مسجل بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين يستفيد من مساعدات غذائية وطبية، أما الآن فأصبح هناك استمارة تتضمن شروطًا معينة تحدّد: أهذا اللاجئ مخوّل للاستفادة من المساعدات أم لا”.

قلة فرص العمل بالنسبة إلى اللاجئين -سواء أكانوا داخل المخيمات أم خارجها- ساهمت في سوء الأوضاع المعيشية لهم. كما يشكل موضوع الحصول على إقامة قانونية عائقًا آخر، في مجال الحصول على العمل. تقول خلود: “عدم الحصول على إقامة له تأثير سلبي جدًا على اللاجئين، ولا سيما الرجال منهم؛ فهناك نحو 60 في المئة من اللاجئين الرجال المحرومين من الوصول إلى وظائف جيدة، منهم حاصلون على شهادات جامعية، لكنهم يضطرون إلى العمل في أي شيء، لتوفير احتياجات عائلاتهم. الأمر الذي خلق حالة من المنافسة، بينهم وبين العمالة اللبنانية، وبخاصة في منطقة البقاع”.

أضافت خلود سببًا آخر لعدم إيجاد فرص عمل، وهو عدم قدرة اللاجئين الرجال على مغادرة أماكن إقامتهم للبحث عن العمل، بسبب خوفهم من الاعتقال على الحواجز الأمنية، وترحيلهم إلى سورية. وهذا الأمر يعرضهم للاستغلال من قِبل رب العمل اللبناني الذي يستغل هذا الظرف، في تشغيلهم ضمن شروط مجحفة بحقهم”.

تقتصر مجالات عمل اللاجئين -بحسب خلود- على الزراعة والبناء، بالنسبة إلى الرجال والأطفال، وتنظيف المنازل وورشات الخياطة ومحلات الهاتف بالنسبة إلى النساء. وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن 30 في المئة من النساء اللاجئات في لبنان هن المسؤولات عن إعالة أسرهن. وتعتقد خلود أن هذه النسبة تتفاوت من منطقة إلى أخرى، “فمثلًا نسبة النساء العاملات في عرسال مرتفعة جدًا مقارنة بالبقاع وبعلبك”.

على الرغم من هذا الكم من المشكلات التي يعيشها السوريون في لبنان، أشار الاستطلاع إلى إحراز خطوات كبيرة في الالتحاق بالدراسة، حيث بلغت نسبة الأطفال الملتحقين بالتعليم، ممن تراوح أعمارهم بين 6 إلى 14 عامًا، 70 في المئة على المستوى الوطني، مقارنة بـ 52 في المئة في عام 2016. وأكمل 12 في المئة فقط من المراهقين بين 17 و19 عامًا الصف التاسع. وإضافة إلى ذلك، كان احتمال التحاق البنين في المرحلة الثانوية أقل من البنات. وبحسب استطلاعات آراء اللاجئين، كانت تكلفة التعليم الحاجز الأكبر، مثل تكاليف النقل ولوازم الدراسة والملابس.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون