الغارديان: حملة الأسد على إدلب قد تفضي إلى “كارثة” لاجئين



يمكن للاجئين السوريين أن يندفعوا نحو تركيا حيث يفرُّ الآلاف نتيجةً للقصف على المحافظة الأخيرة التي يسيطر عليها المتمردون.

طفل مشرد في مخيم أطمة على الحدود السورية التركية، حيث يعيش الآن أكثر من 20000 أسرة هناك. تصوير: يحيى نعمة/ وكالة حماية البيئة

“إنَّ الهجوم الذي يشنّه نظام بشار الأسد على المحافظة السورية الأخيرة المتبقية تحت سيطرة المتمردين قد يثير موجةً جديدة من الهجرة”، كما حذّر مسؤولٌ تركيّ رفيع المستوى، وسط انزعاجٍ متزايد من حملةٍ شردّت أكثر من مئة ألف شخص.

لقد أثار القتال الدائر في إدلب الذي تكثَّف في الأيام الأخيرة، وسط الهجمات المضادة للمتمردين، مخاوف من وقوع كارثةٍ إنسانية في منطقةٍ مزدحمة بالفعل باللاجئين. قال منير مصطفى نائب رئيس منظمة الدفاع المدني المعروفة باسم “الخوذ البيضاء: “إنَّ هذا النزوح لربما هو الأكبر في الثورة السورية، منذ بدايتها حتى اليوم”.

لقد فرَّ عشرات الآلاف من الناس من الجبهات في إدلب، التي كانت حتى وقتٍ قريب المحافظة الوحيدة التي يسيطر عليها بالكامل المتمردون الذين يقاتلون للإطاحة بالحكومة في دمشق. ووفقًا للأمم المتحدة، انتقل في الأسبوع الماضي 30,000 لاجئ إلى مدن إدلب المكتظة بالسكان، وكذلك على طول الحدود التركية، مما أدى إلى ازدحامهم في المخيمات القائمة في ظل برد الشتاء القارس. وتقول السلطات المحلية إن الرقم أكبر من هذا بكثير.

وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديرم، في تصريحاتٍ نشرتها وكالة (الأناضول) الحكومية: “إنَّ الهجمات المكثّفة في إدلب ستؤدي إلى موجةٍ جديدة من الهجرة، وتسبب بمعاناة جديدة”. منذرًا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي عقدت صفقةً مع أنقرة لوقف تدفق اللاجئين، والمهاجرين عبر بحر إيجة التي قللت من عدد الاشخاص الذين يحاولون السفر من تركيا. وكان العديد من أولئك الذين هربوا من تقدم الأسد الجديد يعيشون من تربية المواشي في جنوب إدلب وشمال حماة، حيث أدى تشريدهم باتجاه الشمال إلى تركهم من دون سبل عيش. وقالت لجنة الإنقاذ الدولية التي تساعد بعض اللاجئين الجدد: إنَّ ثلثيّ المشردين يعيشون في خيامٍ مؤقتة، وتقريبًا ثلاث عائلات في كلِّ خيمة، وإنَّ العديد من المواقع لا يوجد فيها دورات مياه.

غارة جوية على قرية كفر بطيخ في محافظة إدلب، أسفرت عن مقتل 14 شخصا في 13 كانون الثاني/ يناير. تصوير: وكالة الأناضول/ صور جيتي

قال توماس غاروفالو، وهو مسؤولٌ في لجنة الإنقاذ الدولية لشؤون الشرق الأوسط: “نحن قلقون جدًا على سلامة 2.6 مليون شخص يعيشون في إدلب، إذا ما استمر القتال”. وأضاف: “لقد أخبرنا الناسَ أنَّه لا خيارَ أمامهم سوى الرحيل ثانيةً والتوجه إلى الشمال، حيث سيرحلون إلى مخيمات النزوح التي تتجاوز بكثير القدرة على استيعابهم، مما يعني أنَّ وضعهم سيزداد سوءًا في ظل شتاءٍ رطب وبارد”. وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان، زيد رعد الحسين: إنَّ هجوم الأسد “يهدد سلامة مئات الآلاف من المدنيين”.

في ربيع عام 2015، اجتاح ائتلافٌ من المتمردين الإسلاميين، بما فيهم (جبهة النصرة) التابعة لتنظيم القاعدة، إدلب مطيحين الموالين للحكومة. ومنذ ذلك الحين تتعرض المنطقة لقصفٍ عنيف، بما في ذلك هجماتٌ استُخدم فيها غاز الكلور والسارين. كما اندفع اللاجئون من أجزاءٍ أخرى من سورية إلى زيادة عدد سكان إدلب إلى أكثر من مليوني شخص، الذين انتقلوا إلى هناك بعد صفقات استسلام المتمردين.

إنَّ (هيئة تحرير الشام/ النصرة)، وهي تحالفٌ مكوّن من اندماج جبهة النصرة مع جماعاتٍ إسلامية أصغر، تتمتع بهيمنةٍ عسكرية في المحافظة، حيث أثارت مراسيمها المتشددة احتجاجاتٍ من سكان آخرين يعارضون حكومة الأسد أيضًا. ويشعر عمال الإغاثة بالقلق من أنَّ الجيش السوري سيستخدم وجود الجماعة في إدلب كذريعةٍ لقصف المراكز المدنية المزدحمة بشدة. وقد قُتل العشرات بالفعل في القصف الجوي والمدفعي.

“إنَّ القصف مستمرٌ، إنَّه على مدار الساعة يوميًا، وعلى المنطقة كلها، ويبدو أنَّه عشوائيٌّ تمامًا، والأمر الذي يضرنا أكثر هو الضربات المزدوجة، حيث يقوم النظام بقصف المنطقة، وبعد أنْ نذهب إليها بعد تلقي مكالمات الطوارئ، يقصفها مرةً أخرى. إنَّ نزوح [اللاجئين] عادةً ما يكون بسبب الخوف من القصف العشوائي”، كما قال مصطفى الحاج يوسف، وهو نائب رئيس منظمة (الخوذ البيضاء) في إدلب.

يبدو أنَّ تقدّم نظام الأسد يهدف إلى تأمين موطئ قدمٍ له في المحافظة، مع حملةٍ مستمرة نحو مجمع/ مطار (أبو الظهور) العسكري. ولكنْ هذا الهجوم العنيف، بعد أيامٍ من المكاسب الأولية، يواجه بمقاومةٍ شديدة وهجومٍ مضاد للمتمردين، وهناك تقاريرٌ عن معركةٍ عنيفة جارية.

يشكّل إطلاق هذه الحملة الأرضية ضربةً للمتمردين الذين ظهروا، وكأنهم حققوا انتصارًا شاملًا ضد الأسد المتأرجح عندما استولوا على إدلب. لكنّ التدخّل الحاسم من جانب روسيا، مع الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، أعطى الأسد الزخم العسكري، واستغل ميزته هذه في محاولةٍ لتعطيل مفاوضات السلام، وضمان انتصارٍ خالٍ من التنازلات.

ترافقت حملة النظام مع هجومٍ متجدد على المستشفيات، حيث استُهدفت ثمانيةٌ منها على الأقل في إدلب، في الأسابيع الأخيرة. وقد تم التخلي عن القرى بالجملة بالقرب من خطوط الجبهات.

لقد أثار العنف شكوكًا في المساعي المبذولة للتوصل إلى تسويةٍ سلمية سورية، توسطت فيها روسيا وتركيا وإيران. وكانت قد وصفتْ صفقة جديدة إدلب، ومناطق أخرى من سورية بأنّها “مناطق تخفيف التصعيد” لوقف العنف، وتهيئة الظروف للمحادثات.

كانت موسكو قد حددّت أواخر كانون الثاني/ يناير موعدًا لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي بروسيا، لكنَّ المسؤولين الأتراك قالوا إنَّ القصف على إدلب يعرّض هذه المحادثات للخطر، حيث استدعت تركيا السفيرين الروسي والإيراني للتعبير عن مخاوفها.

وقال مصطفى، من منظمة (الخوذ البيضاء): “إنَّ الشعب السوري فقد كلّ ثقةٍ بالمجتمع الدولي، ولا يعتقد بإمكانية أنْ يوقف أحدٌ قتل السوريين هذا”. وأضاف: “لكنّنا نأملُ أنْ تتحمل منظمات الإغاثة مسؤولياتها، وأن تقدّم أيّ مساعدةٍ ضرورية لهؤلاء الأشخاص الذين يضطرون إلى مغادرة منازلهم، إلى مناطق أخرى نتيجة للقصف”.

اسم المقالة الأصلي Assad crackdown on Idlib could trigger a refugee ‘catastrophe’ الكاتب كريم شاهين، Kareem Shaheen مكان النشر وتاريخه الغارديان، The guardian، 13/1 رابط المقالة https://www.theguardian.com/world/2018/jan/13/syria-idlib-refugees-assad-migration-rebels عدد الكلمات 851 ترجمة أحمد عيشة


أحمد عيشة


المصدر
جيرون