نظام الطبول والبراميل



قال عضو في مجلس النواب السوري “المتجانس” إن النظام بحاجة إلى “طبل وزمر”. في إشارة إلى حاجته إلى الإعلام لتغطية “انتصارات” يدّعيها، وعَكس هذا العضو -كغيره من أعضاء النظام- ثقافة وفكر ومستوى انحدار “المتجانسين” الذين يتفاخر النظام بهم.

لم يأتِ عضو مجلس النواب بجديد، فلطالما كان الإعلام السوري إعلام “طبل وزمر”، إعلام سلطة شمولية تعتبره ملكها وحدها، لا ينبغي أن يرى إلا بعينها، ولا يتسع صدره للآخر، ويكون داعية لمنجزاتها الحكومية، يغمض العينين عن أخطاء الحكومة والمسؤولين والمتنفذين، ويُحوّل فشلها في عديد من مهماتها إلى نجاحات وهمية، وممنوع عليه الخروج قيد أنملة من “حظيرة” النظام؛ ما أوصل وسائل الإعلام إلى أن تكون “طبل وزمر”، ووسائل تنفيذية لما تأمر به السلطة السياسية.

طوال خمسين عامًا، لم تضع الدولة أي سياسة إعلامية “مكتوبة”، فالسياسة -بمعناها الحقيقي- غير موجودة، بل يجب أن لا تكون موجودة، مما حوّل الخطاب الإعلامي والثقافي إلى خطابٍ من مرسل إلى متلق دون أي علاقة جدلية بينهما؛ فكان إعلامَ الرأي الواحد والموقف الواحد، وتحوّل إلى “طبل وزمر” للرئيس وأسرته، ولرئاسة الدولة، والأجهزة الأمنية، والحكومة، والوزراء، و”عظام الرقبة”، وحتى للمديرين من الدرجتين الثانية والثالثة.

منذ أن استلم الأسد الأب السلطة، حوّل الإعلام السوري إلى “بوق” له، تملكه الحكومة، وليس لديه ميثاق شرف، إعلام مدّعٍ كاذب أفّاق يديره “مسّيحة الخوج”، إعلام راقَب كل كلمة تُكتب، وبحَش في الأدمغة عن كلمات خبأها أصحابها، ليعاقبهم على ما قد يكتبونه، وعدّ أنفاس الصحافيين وكتمها أحيانًا، وعاقبهم بأحكام استثنائية أقسى بدرجات من نصوص القانون، واستدعتهم الأجهزة الأمنية لمحاسبتهم على (حرف) زائد في كتاباتهم، وزجّت الكثير منهم في السجون وأخفت البعض، وأهانتهم في فروعها، وتعاملت معهم كمجرمين.

جاء الابن ليزيد في الطنبور نغمًا، فأصدر قانون إعلام أسوأ من قانون أبيه، وكرّس كل وسائل إعلام الدولة لـ “التطبيل والتزمير” وتلميع صورة نظامه، ولخدمة حربه ضد الشعب، وعلى هامش حربه العسكرية المُدمّرة، حشد منظومته الإعلامية للتحريض الطائفي والمناطقي، ولبث الكراهية والحقد بين السوريين، دون رادع أخلاقي أو إنساني أو قِيَمي.

ولضرورة “التطبيل والتزمير”، صنع النظام طبولًا له وأبواقًا، من شخوصٍ بلا مبادئ ولا قيم ولا إنسانية، تنزّ الطائفية والحقد من بين أسنانهم، شخوصٍ عقيمين شعبويين، أهانوا سورية -تاريخًا وحاضرًا- ونشروا القيء في كل مكان.

أمر طبيعي أن يكون لنظام “البراميل” إعلام “طبل وزمر”، وأمر طبيعي أن يكون لـ “الفران البشري” أبواق “تجعر” للدفاع عنه، وأن يكون فهمه للسياسة والإعلام، بهذا المستوى الوطيء، وأن يكون نوابه، على شاكلته، منسجمين معه ومع سياساته وثقافته وفهمه ومستواه الأخلاقي.


باسل العودات


المصدر
جيرون