في اليوم العالمي للمهجّرين.. السوريون يتصدّرون المعاناة



يصادف يوم 20 من كانون الثاني/ يناير، من كل عام، ذكرى اليوم العالمي للاجئين والمهجّرين، ويُخصّص هذا اليوم لاستعراض هموم وقضايا ومشكلات اللاجئين، والأشخاص الذين تتعرّض حياتهم في أوطانهم للتهديد، وتسليط الضوء على معاناتهم، وبحث سُبُل تقديم المزيد من العون لهم، وذلك برعايةٍ من (المفوضية العليا لشؤون اللاجئين) التابعة للأمم المتحدة.

نشر مركز (كارنيغي للشرق الأوسط) أمس الخميس، آراءَ بعض الخبراء الأمميين والأكاديميين العاملين في المجال الإنساني، حول أوضاع اللاجئين والنازحين، وآليات تكثيف العمل لتقديم الدعم والمساندة لهم. قال فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: “يثبت القرن الحادي والعشرين أنه زمن ترحال. لكن ما هو مأسوي أن رحلات الناس، التي ضربت رقمًا قياسيًا، ليست طوعية. إنهم يفرّون من الحروب وعمليات الاضطهاد المتزايدة بحثًا عن الأمان. أكثر من 66 مليون شخص حول العالم يتأثّرون الآن بالتهجير القسري“.

أضاف: “أسفرت الحرب الضروس والمريرة في سورية، التي تقترب الآن من الذكرى السنوية السابعة، عن تشريد 5.4 ملايين شخص عبر حدود البلاد، بما في ذلك نحو مليون شخص إلى لبنان، وأكثر من 3 ملايين إلى تركيا، إضافة إلى نزوح 6 ملايين آخرين في الداخل السوري. الضرورة تقتضي راهنًا السعي إلى إيجاد حل سلمي لهذه الأزمة وغيرها من الأزمات، في جميع أنحاء العالم، على غرار تلك المندلعة في ميانمار وجنوب السودان واليمن، ومعالجة أسبابها الجذرية، التي تتمثّل في كثير من الحالات في سوء الحكم، والإفقار، والقمع، والتدهور البيئي، واللامساواة المتنامية”.

ركّز غراندي على ضرورة إيجاد حلول سريعة تضمن -على الأقل- عدم موت المزيد من اللاجئين، بسبب ظروفهم “لا بد من بذل المزيد من الجهود، لضمان عدم ترك ملايين المشردين، من رجال ونساء وأطفال، قابعين في غياهب المجهول، وبالتالي تمكينهم من عيش حياة كريمة ومُرضية، وبناء مستقبل لهم. ومن خلال تعزيز تقاسم المسؤولية على المستوى العالمي، يجب الحرص على أن يكون اللاجئون محطّ ترحيب، وأن يحظوا بالحماية، وتتوافر لديهم فرص العمل والتعليم، وأن تتلقى الدول المجاورة التي تستقبل الغالبية العظمى من اللاجئين دعمًا دوليًا كافيًا، وأن يتمّ الترحيب باللاجئين في دول أخرى خارج مناطقهم، عبر منح تأشيرات دخول وتوفير برامج إعادة التوطين”.

بلغ التهجير القسري في سورية أشدّه، خلال العام الماضي، إذ تمكّن النظام -بمساعدة روسية- من إبرام اتفاقات مصالحة مع قيادات المناطق الخارجة عن سيطرته، أفضت إلى خروج السكان من بيوتهم، والتشرّد داخليًا في مناطق سوريّةٍ أخرى، في حين فشلت محادثات (أستانا) في تثبيت (تخفيف التصعيد) في المناطق الأربع المتنفق عليها منذ منتصف 2017، وخلق القصف الكثيف المستمر منذ نحو شهر، على ريفي إدلب وحماة، حركة نزوح خيالية، ويعيش النازحون في ظروف الشتاء أوضاعًا، يصفها ناشطون بأنها “أقسى من بقائهم تحت حمم الطائرات والقصف”.

في هذا السياق، تطرّقت مهى يحيى، مديرة مركز (كارنيغي للشرق الأوسط) إلى وضع النازحين داخليًا الذين فقدوا كل وسائل العيش، ولا تقدّم لهم دولهم -سورية أنموذجًا- أي مساعدات أو تسهيلات، ولا يحظون بالاهتمام الدولي والدعم اللازم، وقالت: “وضع اللاجئين يفطر القلب، والنظام الدولي ليس مُعدًّا للتعاطي بفاعلية مع هذه الأعداد الهائلة من الناس المُتنقلين عبر الحدود، وهذا يشمل أكثر من 65 مليون إنسان، أجبِروا على سلوك رحلات خطِرة، وغادروا عبر البر والبحر للوصول إلى ملاذات آمنة أو حياة أفضل، أو يسعون للعثور على ملجأ يقيهم غائلة العنف داخل وطنهم. لقد كانت ردّات الفعل الدولية مجتزأة ومشتتة، وغالبًا ما ركّزت على معالجة هذه الأوضاع، بكونها أزمات إنسانية. بَيد أن الملايين يسقطون بشكل مطّرد في وهدة الفقر، والآلاف فقدوا أرواحهم، فيما خسرت أجيال كاملة إمكانات التعلّم وفرص بناء مستقبل أفضل. وفي هذه الأثناء، يُترك مصير السكان النازحين داخليًا، في مهبّ نزوات وأهواء دول (كسورية) هي في طليعة مُرتكبي العنف الذي أجبر النازحين أصلًا على المغادرة”.

اعتبرت مهى أن ملف اللاجئين لا يمكن فصله عن الملفات السياسية العالقة، وقالت: “لقد آن الأوان للاعتراف بالجذور السياسية لمعضلة اللاجئين والمهاجرين، وهذا يعني البدء بوضع هيكلية إقليمية ودولية للتنمية تستند إلى الموارد المحلية والوطنية، وتخلق الأسس لنمو مُستدام وعادل. وثمّة ضرورة أيضًا لبُنية سلامٍ، تقوم على مبادىء الكرامة والعدالة والمساواة والمحاسبة. من دون الاعتراف بكل ذلك، سيبقى السلام سرابًا، وسيبقى الناس عُرضة إلى التشريد، وسط ظروف فظيعة”.


جيرون


المصدر
جيرون