مقتل مئات الفلسطينيين تحت التعذيب في سجون الأسد



قضى الشاب الفلسطيني “عبد الله فايز دياب”، تحت التعذيب في سجون النظام، وهو نجل الشيخ المحامي “فايز دياب دياب” الذي قضى أيضًا تحت التعذيب، في أحد أقبية الفروع الأمنية قبل عدة شهور، وبذلك يرتفع عدد ضحايا التعذيب الفلسطينيين في سجون الأسد، منذ بدء الثورة السورية، إلى 477 فلسطينيًا.

وفقًا لمنظمات وهيئات أهلية وحقوقية فلسطينية ناشطة في سورية، فإن الأعداد الحقيقية لضحايا التعذيب هي أكثر مما تم توثيقه، وذلك بسبب تكتم أجهزة النظام الأمنية عن أسماء ومعلومات المعتقلين لديه، إضافة إلى تخوف ذوي الضحايا من الإعلان عن وفاة أبنائهم تحت التعذيب، خشية الملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية الأسدية.

ووثقت (مجموعة العمل من أجل فلسطيني سورية)، وهي هيئة حقوقية فلسطينية تعنى برصد الانتهاكات التي يتعرض لها فلسطينيو سورية، اعتقال الأجهزة الأمنية السورية لـ 1644 فلسطينيًا بينهم 106 إناث.

إلى ذلك، قال ناشطون حقوقيون في دمشق إن أجهزة الأسد الأمنية تواصل اعتقال الشاب الفلسطيني “محمد أيمن أبو حسين” مواليد 1986، منذ أكثر من أربعة أعوام على التوالي، حيث اعتقله عناصر اللجان الشعبية التابعة لقوّات النظام، في جرمانا بدمشق يوم 27 نيسان/ أبريل 2013، واقتادوه إلى جهة غير معلومة، وحتى الآن لم ترد معلومات عن مصيره أو مكان اعتقاله، وهو من أبناء مخيّم اليرموك.

وكانت المجموعة الحقوقية، التي تتخد من لندن مقرها الرئيس، قد ذكرت على موقعها الإلكتروني، أن عدد الفلسطينيين السوريين الذين اعتُقلوا من أبناء مخيّم اليرموك في سجون النظام، منذ بداية الصراع الدائر في سورية، بلغ حتى اليوم 203 معتقلين.

وأفادت مصادر إعلامية فلسطينية بسورية أن الأجهزة الأمنية تواصل اعتقال الفلسطيني “عدنان ديب”، ونجليه: “سيف و مهند”، من سكان مخيّم اليرموك منذ أكثر من أربعة أعوام على التوالي، حيث اعتقل عناصر الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام الأب “عدنان ديب” مواليد 1966 على حاجز مخيّم اليرموك عام 2015، فيما اعتقل ولده “سيف عدنان ديب” مواليد 1997 من قبل عناصر حاجز صحنايا بدمشق عام 2015، في أثناء ذهابه إلى المشفى للعلاج من مرض السكري، فيما اعتقلت قوّات النظام ابنه الثاني “مهند عدنان ديب”، مواليد 1992 عام 2015 بعد مداهمة منزله في منطقة ركن الدين بدمشق.

وفي ريف دمشق، أكد ناشطون إعلاميون محليون من مخيّم (خان الشيح) للاجئين الفلسطينيين، نبأ اعتقال الشاب “مجد علي عجاج” مواليد 1996، من أبناء المخيّم منذ عدة أيام على أحد الحواجز الأمنية في دمشق، حيث اقتاده عناصر الأمن إلى جهة مجهولة.

ونقلت مواقع إعلامية فلسطينية معارضة، هذا الأسبوع، تأكيد عدد من الفلسطينيين، ممن أفرج النظام عنهم مؤخرًا، أن أجهزة الأمن اعتقلتهم، لكونهم من أسرة شخصٍ مطلوب للنظام أو عوضًا عنه، فيما قال آخرون إنهم اعتُقلوا لتشابه أسمائهم مع مطلوبين للأجهزة الأمنية.

ويؤكد ناشطون أن الكثير من الفلسطينيين اعتُقلوا من قبل قوّات النظام أو المجموعات الموالية له، دون أسباب تذكر، في حين قضى المئات منهم تحت التعذيب، لتشابه أسماء أو لأنه قريب أحد “المطلوبين” للنظام.

تشكل حواجز النظام كابوسًا يؤرق حياة الشباب الفلسطينيين، بعد نزوحهم من المخيّمات و”التفييش” لهؤلاء الشباب، والخوف من الاعتقال وسحبهم إلى التجنيد العسكري موجودًا، وحملات الاعتقال التي تمارسها الأجهزة الأمنية للشباب الفلسطيني من بيوتهم، لإجبارهم على الخدمة العسكرية الإلزامية.

مقتل أربعة فلسطينيين منذ بداية 2018

من ناحية ثانية، أفادت مصادر إعلامية فلسطينية أن أربعة فلسطينيين قضوا منذ بداية العام الحالي، من جراء الحرب الدائرة في البلد، ثلاثة منهم من العسكريين وآخر مدني والضحايا هم: “محمد حسين محسن أبو وليد” المسؤول العسكري لمنطقة المخيّمات الأولى، في حركة “فتح الانتفاضة” إحدى الفصائل الموالية للنظام، وقد قضى في الأول من كانون الثاني/ يناير الجاري، في أثناء مشاركته القتال إلى جانب قوّات النظام في المعارك الدائرة في حرستا بريف دمشق، أما في اليوم الثالث من هذا الشهر فقد قضى كل من “مصطفى عطية أبو درويش”، من أبناء مخيّم السيدة زينب، خلال مشاركته في القتال إلى جانب قوّات النظام في غوطة دمشق الشرقية، وقضى “حسن المطلق” أحد عناصر ما يسمى “لواء القدس” الفلسطيني، في أثناء مشاركته في القتال إلى جانب قوّات النظام، في معارك دير الزور شرقي سورية.

في حين قضى الشاب “خالد الزامل” 35 سنة، قبل أيام، في قصف للطيران الروسي استهدف مدينة حرستا وعدة مناطق بالغوطة الشرقية في ريف دمشق، وهو من أبناء حرستا.  وتشير مصادر حقوقية وإغاثية فلسطينية، إلى أنها وثقت بيانات 1148 ضحية من اللاجئين الفلسطينيين، قضوا بسبب القصف في سورية.

الحرس الجمهوري يجند فلسطينيين للقتال معه

اتهم ناشطون مؤسساتٍ أمنية وعسكرية تابعة للنظام السوري، بتجنيد الشبان الفلسطينيين لصالحها، من أجل القتال إلى جانب قوّات النظام مقابل رواتب شهرية، وتشكيل مجموعات تابعة لها تمارس أجندات تخدم مصالح تلك المؤسسات على الأرض. ويأتي على رأس تلك المؤسسات “الحرس الجمهوري”، و”الفرقة الرابعة”، ومجموعات أمنية وعسكرية تحت مسمى “الدفاع الوطني”، ومجموعات تابعة للمخابرات الجوية السورية وفرعي “فلسطين” و”المنطقة”.

وتستهدف هذه المؤسسات من تبقى من الشباب الفلسطيني في منطقة الزاهرة ومخيّمات جرمانا وخان دنون والسيدة زينب، ومن نازحي مخيّم اليرموك والسبينة ومخيّمات أخرى، وفي مناطق بريف دمشق كصحنايا وجديدة عرطوز، بالإضافة إلى المخيّمات الفلسطينية الأخرى في سورية والواقعة تحت سيطرة قوّات النظام، كمخيّمات النيرب وحندرات وحمص.
ونقلت تقارير إعلامية فلسطينية، عن ناشط ميداني، لقاءه بالمدعو “أبو خالد” (وهو اسم مستعار)، وهو لاجئ فلسطيني ممن يعملون في إحدى مجموعات ما يسمى “الدفاع الوطني”، قوله: “بعد نزوحنا من مخيّم اليرموك؛ وجدنا أنفسنا في بؤر أمنية تضم عناصر الجيش والأمن السوري، وتحت الضغط والتهديد الأمني وإرهاب عناصر المجموعات وقولهم لنا: (إما معنا أو علينا)؛ لم أجد إلا التطوع في إحدى المجموعات، خاصة مع عدم القدرة على مغادرة سورية، وها أنا أقاتل ضمن أحد المقار التابعة لجهاز الدفاع الوطني”.

فيما أكدت هيئة حقوقية فلسطينية، توثيقها لعدد من الفلسطينيين الذين قضوا ضمن صفوف “الحرس الجمهوري” في قتال مجموعات المعارضة، منهم اللاجئ “طارق عادل أحمد” و”محمد أحمد تيم” و”حسان محمد عبد الله حسين”، حيث قضوا في اشتباكات جرت مع مقاتلي المعارضة في معارك ريف دمشق، وكل من “نزار محمود عوض”، و”سالم محمد سالم”، حيث قضيا خلال قتالهما في صفوف “الفرقة الرابعة”.

ويعدّ “الحرس الجمهوري” و”الفرقة الرابعة” فرقتين تابعتين للجيش النظامي، ولا يُضمان في صفوفهما فلسطينيين، لكن خلال سنوات حرب الأسد ضد السوريين، تم تشكيل مجموعات موالية لهما، تعمل تحت إمرتها لسد العجز والنقص في صفوفها وإرسال الشباب الفلسطيني لساحات القتال.

يُذكر أنه على مدار سنوات الحرب السبعة الماضية، لم يكف النظام السوري عن محاولاته الزج بالفلسطينيين، الذين كان عددهم يزيد عن نصف مليون نسمة في سورية، في المعارك التي يخوضها على العديد من الجبهات، مستخدمًا غالبًا وسائل الإكراه، ومستغلًا الظروف الصعبة التي يعيشونها من جراء الحرب، وهو ما دفع بنحو نصفهم إلى مغادرة البلد، والتوجه إلى شتى أصقاع العالم، خصوصًا الدول الأوروبية والإسكندنافية.

ومنذ الشهور الأولى لقمع الانتفاضة الشعبية ضد الأسد، لعبت فصائل فلسطينية، معروفة بقربها منذ عقود، من نظام الأسدين (الأب والابن)، مثل “القيادة العامة/ الجبهة الشعبية”، أمينها العام أحمد جبريل، وحركة “فتح الانتفاضة”، المنشقة عن (حركة التحرير الفلسطينية/ فتح) منذ العام 1983، و”قوّات الصاعقة”، وهي الذراع العسكري لحزب “البعث” (الفرع الفلسطيني–السوري)، و”جبهة النضال الشعبي الفلسطيني”، بقيادة خالد عبد المجيد، إضافة إلى حركة “فلسطين حرة”، بقيادة ياسر قشلق، والتي أنشأها النظام قبل عدة سنوات، دورًا متناميًا في الإسناد العسكري لقوّات نظام بشار الأسد.


غسان ناصر


المصدر
جيرون