إيران والطريق المسدود
25 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2018
[ad_1]
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي نشرت صحيفة «ذي تايمز» اللندنية قصة تناولت فيها الطرق والأساليب الجهنمية لممارسة الفساد والخدع الاستثمارية المالية في البنوك التي يمتلكها ملالي النظام الإيراني وحلفاؤهم، وحيث يمارسون الاحتيال على ألوف المدخرين وفقاً لما يعرف باسم «مخططات بونزي»، وحيث يتم الإعلان عن استثمارات ذات أرباح نقدية سريعة، فيتقدم المستثمرون ليقعوا في أفخاخ النصب والاحتيال. وهناك أيضاً الفساد الإداري في التعامل مع البيئة والذي كان أحد أسباب المعاناة يواجهها الإيرانيون.
ولم يتورع ملالي النظام ورجال الحرس الثوري عن إفراغ إيران من كل ثرواتها الوطنية بنفس الطريقة التي استحوذوا بها أموال المدّخرين. والآن، أصبح التغير المناخي يعمل عمله في تضخيم التداعيات الخطيرة للفساد الإداري والسياسي.
ولا يبدو أن الرئيس الأميركي من النوع الذي يمكنه أن يعتقد بأن التغير المناخي هو أمر يستحق أن يحرر حوله التغريدات، إلا أنه يشكل في حقيقة الأمر سبباً مهماً ودليلاً آخر، ذلك أن أخطر المعاناة الإيرانية وأعنفها توجد في المناطق التي تعرضت لمواسم جفاف متواصلة.
ويقول الجيولوجي الإيراني «نيكاهانج كوسار»، الذي يعيش في المنفى، وهو ابن عالم متخصص في هندسة مصادر المياه: «عندما يفقد الناس أراضيهم، فإنهم يفقدون كل شيء، ولا يخافون بعد ذلك من أي شيء». ويضيف: «إن أزمة نقص المياه تكاد تقضي على البلد. لقد أصبحنا نشهد معدلات متناقصة لتساقط الأمطار مقابل ارتفاع في عدد السكان. وتعاني الزراعة من السياسات الفاشلة ومن سوء التحكم في تأمين وتوزيع مصادر المياه. وقد أصبحنا وكأننا ننتظر انفجار قنبلة موقوتة».
ويتوقع سياسيون عارفون بالشأن الإيراني أن ملايين الإيرانيين سوف يهجرون مناطقهم داخل إيران، وكثير منهم إلى خارجها، قبل نهاية القرن الحادي والعشرين.
وإليكم الأسباب الحقيقية وراء ذلك. فمنذ ثورة الخميني في عام 1979، عمدت السلطات الإيرانية الجديدة لبناء عدد ضخم من سدود توليد الطاقة الكهربائية. وقد وردت في تقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» في شهر مارس من عام 2015، الفقرة التالية: «خلال العقود الثلاثة الماضية، شيّدت إيران 600 سد بمعدل 20 سداً في العام، من أجل ريّ المزارع وتأمين مصادر للطاقة الكهربائية. وبسبب غياب الشفافية، ليس من الواضح كم تكلفت هذه المشاريع. وكانت تكاليف تمويلها تصبّ كلها في حسابات مقاولين كبار من ذوي الروابط الوثيقة بالحرس الثوري. وبسبب سوء التخطيط والجفاف الذي استمر لفترة 14 عاماً متتابعة في البلاد، فقد أصبحت معظم تلك السدود بلا فائدة، بل إنها ساهمت في بعض الحالات في الإضرار بالبيئة في هذا البلد الذي يتألف من مناطق قاحلة واسعة، وفقاً لما يقوله الخبراء.
ولاحظ بعض المزارعين بأنهم لن يتمكنوا من الحصول على الماء لري مزارعهم منذ بعض الوقت، وذلك لعدة أسباب من بينها الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية، وتحويل مجاري المياه إلى المشاريع الزراعية الضخمة التي ينفذها النظام، وارتفاع درجة الحرارة لأن السدود جففت البحيرات وزادت مساحات الأراضي القاحلة. وهذا ما دفع أعداداً كبيرة من الفلاحين إلى الهجرة والاستقرار في ضواحي المدن بحثاً عن فرص عمل جديدة تقيهم شرور الجوع والعطش.
وقال كوسار: «تحرص الحكومة على تجنب ذكر الأرقام حول عدد الإيرانيين الذين نزحوا من الأرياف إلى ضواحي المدن ليعيشوا في بيوت الصفيح والعشوائيات، لكن من المؤكد أن الرقم يزيد على 16 مليوناً بعد أن كان 11 مليوناً في عام 2013».
ولنتذكر أيضاً ما حدث في سوريا بين عامي 2006 و2011 عندما تعرضت 60 بالمئة من الأراضي الزراعية لجفاف وقحط ليس له مثيل، بما دفع ما بين 800 ألف ومليون مزارع للنزوح باتجاه المدن الكبرى. ولم يفعل نظام الأسد أي شيء لمواجهة هذا التدفق البشري، لذا كان هؤلاء النازحون من أوائل المشاركين في الثورة ضد النظام.
(*) كاتب أميركي
الاتحاد
[ad_1]
[ad_2]
[sociallocker]
جيرون