مقتل (تومان) في سورية.. “الدور المستتر” للقوات الروسية



كشف مقتل القائد العسكري الروسي فاليري أسابوف في سورية -وهو الذي كان الأوكرانيون يلقبونه (تومان)، ومعناها “الضباب” باللغة الروسية- عن أسرار عسكرية عميقة متعددة الأوجه والمهمات، تقوم بها القوات الروسية في كل من سورية وأوكرانيا.

ذكرت (رويترز) في تقرير أن (تومان) كان يوقّع على الوثائق باسم (الجنرال بريماكوف)، وعندما قُتل في سورية في 2017، خلال مهمة عسكرية رسمية، “اتضح أن اسمه كان زائفًا، للتمويه على دور روسيا في الصراع الأوكراني”، حيث كانت القيادة الروسية تنفي دورها في ما يدور على الأرض، ليظهر بأن “(تومان)، أو بريماكوف، أو فاليري أسابوف، هو جنرال روسي يعمل سرًا”.

أوضح تقرير الوكالة الذي صدر أمس الإثنين أنه، على الرغم من إعلان روسيا أن دورها المعلن هو تنفيذ غارات جوية لمساندة نظام بشار الأسد، مع وجود محدود من القوات الخاصة والمستشارين العسكريين على الأرض، فإن “عمق هذا الدور مستتر”، وقد كان أسابوف في سورية “كبير المستشارين العسكريين الروس”، كما أعلنت وزارة الدفاع عند مقتله.

أكد رئيس هيئة أركان الجيش الروسي فاليري جيراسيموف، في أثناء جنازة أسابوف، أنه “كان قائد الفيلق الخامس للقوات الهجومية من المتطوعين في سورية”، وهو الفيلق الذي شُكل في نهاية 2016، كقوة جديدة داعمة لقوات نظام الأسد. ووفق التقرير “لم تتضح الأهمية العسكرية لمثل هذه الوحدات من المتطوعين، سواء في سورية أو أوكرانيا”. وفي أوكرانيا، قال أحد الضباط الكبار: إن أسابوف “ركز فيما يبدو على التدريب، كون معظم القتال العنيف انتهى، عندما وصل إلى هناك عام 2015”.

أوضح عدد من عناصر القوات الانفصالية التابعة لروسيا في أوكرانيا أن أسابوف “كان قائدًا للقوات المسلحة في واحدة من الدولتين، وهي جمهورية دنيتسك الشعبية”، وأكد اثنان من هؤلاء أنه كان “يرأس الفرقة المسلحة الرئيسية للمتمردين، وهي فيلق الجيش الأول”، وقال شقيقه الأصغر فياتشيسلاف إن أسابوف خدم في أوكرانيا بمهمة مدة “عام كامل”، وأكد أفراد من القوات الانفصالية في أوكرانيا أن هذا الجنرال لم يكن الأول، وأن “الروس مستمرون في التناوب على قيادة قواتهم”، فيما وزارة الدفاع في جمهورية دونيتسك الشعبية “لا تلعب دورًا عسكريًا، بل دورها ينحصر في التعامل مع السياسة والأنشطة الإنسانية فقط”.

أضاف التقرير أن ما تبين من قصة أسابوف “يظهر من جديد أن الدور الروسي، في حربي سورية وأوكرانيا، أعمق مما تعترف به موسكو، كما يوضح الأساليب السرية في استراتيجية (الحرب الهجين) التي تبرز من خلالها روسيا القوة، عن طريق دسّ أفراد يعملون سرًا في قيادة القوات المحلية، دون أن تخاطر علنًا بإرسال أعداد كبيرة من القوات إلى أرض المعركة”.

أدرِجَ اسم أسابوف في عام 2016، في قائمة العقوبات الغربية على شخصيات روسية وأوكرانية، بسبب القتال في أوكرانيا، ووصفته الاستخبارات الأوكرانية بأنه “مجرم حرب، حيث إنه يتمتع بمنصب رفيع في قيادة قوات الانفصاليين”، وقد منحه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمقابل، بمرسوم رئاسي، “رتبة (لفتنانت جنرال) في 2016.

لفت أحد الضباط الانفصاليين في أوكرانيا إلى أن أسابوف، عندما وصل إلى القاعدة، “كان يرتدي زيًا بلا شارات”، ولكنهم قدموه للضباط بقولهم: “قائدنا وصل”، وكان الكثير منهم يعرف أنه جنرال روسي، دون معرفة اسمه، ولم يخبرهم أحد بذلك، ولم يعرف أنه هو الذي كان يوقّع باسم بريماكوف، إلا عندما “شاهد صوره في تقارير عن موته في سورية”.

أكد فياتشيسلاف (شقيق أسابوف) أن السلطات أبلغته بأن شقيقه “كان على الخط الأمامي، يقوم بتنسيق تحركات القوات السورية، وقد قُتل بقذيفة”، وكان عمره 51 عامًا، وتم دفنه في أيلول/ سبتمبر الماضي، في المقبرة العسكرية الاتحادية خارج موسكو.

يشار إلى أن أسابوف يُعدّ أعلى مسؤول عسكري روسي يقتل في سورية، منذ تدخلها المباشر أيلول/ سبتمبر 2015، وقال فرانتس كلينتسيفيتش، النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس (الدوما)، إنه قُتل نتيجة “خيانة”، وأوضحت تقارير صحفية أن أسابوف قاد العمليات العسكرية الروسية، في الشيشان وجورجيا وأوكرانيا، وأخيرًا في سورية، حيث قُتل.


حافظ قرقوط


المصدر
جيرون