سوتشي لتشكيل لجنة دستورية ومصدر معارض: الروس نجحوا في تشتيت الملف



أنهى “مؤتمر الحوار السوري” في المدينة الروسية سوتشي أعماله، أمس الثلاثاء -بعد خلافات كبيرة ومطبات كثيرة- وخرج ببيان ختامي، نصّ على تشكيل لجنة دستورية، تضم شريحة واسعة من مكونات الشعب السوري، ورشح المؤتمر نحو 168 شخصية للعمل على هذا الملف، وقال ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى سورية إن اللجنة يجب تشكيلها “في أسرع وقت ممكن”، في حين قال مصدر معارض إن مؤتمر سوتشي حقق الغاية الروسية، في تشتيت الملف السوري، بشكل كامل.

نص البيان الختامي للمؤتمر على أن اللجنة الدستورية “تتشكل من وفد حكومة الجمهورية العربية السورية ووفد معارض واسع التمثيل، وذلك بغرض صياغة إصلاح دستوري، يسهم في التسوية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي 2254″، موضحًا أن “الاتفاق النهائي على ولاية وصلاحيات ولائحة إجراءات ومعايير اختيار أعضاء هذه اللجنة الدستورية (يكون) عبر العملية التي تقودها الأمم المتحدة في جنيف”.

أشار البيان إلى أن اللجنة “ستضم، بالحد الأدنى، ممثلين للحكومة وممثلي المعارضة المشاركة في المحادثات السورية-السورية، وخبراء سوريين وممثلين للمجتمع المدني ومستقلين وقيادات قبلية ونساء”. ونصّ البيان على الالتزام “بالوحدة الوطنية، مع التمثيل العادل على مستوى الإدارة المحلية”، فضلًا عن “الالتزام الكامل بسيادة دولة سورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها أرضًا وشعبًا”.

دعا البيان أيضًا إلى أن تكون الدولة في سورية “غير طائفية، تقوم على التعددية السياسية”، و”بناء جيش وطني قوي وموحد، تتمثل مهماته في حماية الحدود الوطنية والسكان من التهديدات الخارجية والإرهاب”.

علمت (جيرون) من مصدر معارض -حضر المؤتمر- أنه تم ترشيح 168 اسمًا، من أجل اللجنة الدستورية من بينهم قدري جميل، رندة قسيس، منذر أقبيق، خالد خزعل، أحمد عوض، أحمد كزبري، أمل يازجي، نضال أسد، وآخرون.

وقال المصدر، إن “المؤتمر شهد عدة عقبات، ومحاولات انسحاب من قبل شخصيات معارضة، لكن الروس حاولوا احتواء الخلافات وإعادة المنسحبين من المؤتمر، الأمر الذي نجح حقيقة”، وأضاف: “كان هناك توجه واضح من قبل أزلام النظام، من أجل استفزاز المعارضين -وخصوصًا أنهم (المؤيدين) أكثر عددًا- سواء بالشعارات، أو بالمقاطعات”.

تابع: “نجح الروس في مسعاهم، وأنهوا المؤتمر بمنصة جديدة -أو لجنة جديدة- ستدخل أروقة الأمم المتحدة في المفاوضات القادمة؛ ما يعني بطبيعة الحال أن هذه المنصة ستُحسب -بطريقة أو بأخرى- على المعارضة والنظام، لتدخل الصفوف بروية، وتشتت المشهد والأصوات والتوافقات السورية”.

عدّ المصدر أيضًا أن قائمة الأسماء التي تم اقتراحها هي “قائمة مُعدّة سابقًا، حيث إن مكتب فاروق الشرع كان يتواصل مع معارضين، من أجل بحث ملف لجنة تشكيل الدستور وتعديله، في الوقت الذي كان النظام والمعارضة يحضرون مفاوضات جنيف ثمانية وبعده فيينا.. إذًا يمكن القول إنه في الوقت الذي كانت المعارضة تواجه تعنت النظام في المحفل الدولي، كان مكتب تابع للنظام يُعد المشهد الذي حضرناه أمس في سوتشي”.

وفق المصدر، فإن كلمة المبعوث الأممي في نهاية المؤتمر ثبّتت إسفين الروس في الملف السوري، حيث دعا دي ميستورا إلى الإسراع في تشكيل اللجنة، وقال في ختام المؤتمر: “إنني أحيطكم علمًا بأن المشاركين في هذا المؤتمر يقرون بأن اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها ستتألف من قوى تمثل الحكومة والمعارضة”، مشيرًا إلى أن اللجنة يجب أن “تضم على الأقل ممثلي الحكومة والمعارضة الذين يشاركون في المفاوضات السورية-السورية في جنيف، وخبراء سوريين وممثلين عن المجتمع المدني السوري إضافة إلى قبائل ونساء.. لا بد من ضمان التمثيل الملائم للمكونات العرقية والدينية”.

تابع: القرار النهائي ينبغي أن يتم اتخاذه “في إطار العملية الجارية في جنيف، تحت رعاية الأمم المتحدة”، منوهًا، في تصريحات صحفية عقب المؤتمر، إلى أنه ينوي إعداد قائمة “من 45 إلى 50 شخصًا” سيكونون في اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها. وأضاف أن اللجنة سيتم الإعلان عنها “في جنيف”، معقبًا أن “تعيين مواعيد محددة أمر بالغ الخطورة، في ظروف الأزمة السورية”.

في السياق، قال النائب في مجلس الشعب السوري (التابع للنظام) عن (حزب البعث العربي الاشتراكي) أحمد الكزبري: “لا يوجد شيء اسمه لجنة دستورية، هي لجنة لمناقشة الدستور الحالي.. وضع دستور أو إجراء تعديل على الدستور الحالي يتم بتشكيل لجنة من قبل السلطة التشريعية التي هي مجلس الشعب أو عن طريق قرار رئاسي”. وتابع: “اللجنة التي سيجري تشكيلها في سوتشي ستقدم مقترحات ليس لها أي شيء ملزم”، معتبرًا أن “أي تعديلات على الدستور أو صياغة آخر جديد يجب أن تكون في سورية”، وفق قوله.

من جهة ثانية، قالت رندة قسيس، في تصريحات لوكالة (فرانس برس): “نطالب البدء بكتابة دستور جديد”، معقبة أن “المشكلة أن النظام لا يقبل حتى أن يبدأ بذلك، فكيف من الممكن أن ننطلق بعملية سياسية من دون قاعدة لها؟ يريدون منا أن نعود إلى العام 2010”.


جيرون


المصدر
جيرون