المخاوف الإسرائيلية من توسع إيران تؤجج التكهنات: هل الحرب قادمة ؟



أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أيام، حول حزم “إسرائيل” في منع إيران من تعزيز وجودها في سورية، كثيًرا من التحليلات بشأن إمكانية حدوث تصادم عسكري بين “إسرائيل” وإيران على الأراضي السورية، في حين ذهب البعض إلى أن هذه التصريحات لا تعدو كونها تحذيرات.

قال نتنياهو، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (للمرة السابعة خلال عامين) في موسكو، قبل أيام: إن “(إسرائيل) لن تسمح لإيران بتعزيز وجودها في سورية، وتحويل لبنان إلى مصنع للصواريخ دقيقة التوجيه… لقد أوضحتُ لبوتين أننا سنوقفها عند حدّها؛ إذا لم تتوقف بنفسها”.

يرى الباحث السوري سليمان الشمر أن “لهذه التصريحات الكثيرة التي تحمل المضمون التحذيري نفسه، ويرددها المسؤولون الإسرائيليون، غايتين: أولاهما تحضير المجتمع الإسرائيلي لتقبل فكرة حرب جديدة وتحريض بيئة الطرف الآخر، والثانية كسب تعاطف أو تأييد الولايات المتحدة والغرب لحربها المقبلة، إن وقعت”.

أضاف لـ (جيرون): “الصراع في سورية دخل مراحله النهائية، وتريد (إسرائيل) ضمان حصتها من النفوذ في سورية، كما تريد مساعدة روسيا في ذلك، وسيكون ذلك على حساب النفوذ الإيراني، وإذا لم تحصل عليه؛ فإن الحرب واقعة، لكن أين؟ أفي لبنان أم في سورية أم في كلتيهما؟ هذا يتوقف على طبيعة الرد الإيراني، لأنها ستكون حربًا بالوكالة من قبل إيران”.

من جهة ثانية، قال الكاتب السوري عبد الرحيم خليفة: إن “الحرب بين (إسرائيل) وإيران مشتعلة فعليًا في سورية، حيث استهدفت (إسرائيل) القوات السورية عدة مرات، وتم تداول معلومات، من مصادر عدة، عن استهداف مستودعات ذخيرة وأرتال عسكرية، خلال السنوات الماضية، وهناك معلومات عن تحضيرات لضربةٍ لـ (حزب الله)، ما يعني أن (إسرائيل) لن تسمح لإيران بأن تحقق أهداف مشروعها، بالتمدد والوصول إلى لبنان، وبالتالي إلى حدودها”.

وأضاف خلال حديثه مع (جيرون) أن “زيارة نتنياهو السابعة لروسيا تزامنت مع مؤتمر سوتشي؛ ما يعني أن (إسرائيل) قالت كلمتها، في موضوع التسوية و(السلام) في سورية، وفي هذا الشأن، بالطبع، الحديث عن مستقبل الوجود الإيراني برمته في سورية. يجب أن ندرك أيضًا أن هناك الآن علاقات على المستوى الاستراتيجي بعيد المدى، بين (إسرائيل) وروسيا، وتفاهمات على مختلف قضايا المنطقة”.

يعتقد الكاتب والمعارض السوري ماجد علوش أن “زيارات نتنياهو المتكررة إلى موسكو تتعلق دائمًا بالبحث في نقطتين أساسيتين: الأولى تنسيق العمليات العسكرية الجوية والصاروخية، بين روسيا و(إسرائيل) في الأجواء والأراضي السورية، بموجب تفاهم 2015. والثانية بحث الوجود العسكري الإيراني المباشر وغير المباشر في سورية ولبنان، إضافة إلى المسائل الروتينية، كالقضية الفلسطينية والعلاقة الثنائية وغيرها”.

وأوضح لـ (جيرون) أن “(إسرائيل) تريد الحفاظ على ترتيبات سياسية مع الدول الفاعلة، تقرُّ بحقها في مجال حيوي يحفظ لها أمنها، كي تتصرف لاحقًا وفق ذاك الإقرار الدولي، وتتكفل هي بالحفاظ على الترتيبات العسكرية المحققة للهدف السابق، وطبيعة المشروع الفارسي الذي يهدف هو الآخر للسيطرة على المنطقة العربية، باعتقاد أصحابه أنه السبيل إلى الجلوس على الطاولة الدولية جنبًا إلى جنب مع الكبار.. من هنا، فإن التعاطي مع المشروع الفارسي، إسرائيليًا وأميركيًا، يحمل الكثير من التناقضات، فمن جهة هو أفضل أداة لتدمير المجتمعات العربية الهشة من الداخل.. ومن جهة أخرى، السيطرة الفارسية على المنطقة العربية تعزز احتمالات الصدام في لحظة ما بين (إسرائيل) وإيران، إذا استشعرت الأخيرة القوة، أو إذا افترقت مصالح الدولتين بشكل جدي”.

تابع: “أعتقد أن (إسرائيل) ستظل معتمدة على قواها الذاتية، وتفاهماتها الدولية ماضية في منع سيطرة إيران على المنطقة والاستفادة من دورها التخريبي، ولن يقع الصدام، إلا إذا ارتكبت إيران حماقة من العيار الثقيل”.

أما الكاتب والمعارض السوري فؤاد إيليا، فقد قال: إن “شرارة الأحداث في سورية ما زالت تشكل خطرًا، لتفجير منطقة الشرق الأوسط بكاملها. ومن الواضح أن (إسرائيل) تراقب عن كثب تطور الأوضاع في المنطقة، خوفًا من أن يصيبها شيء ما من الأحداث”.

أضاف خلال حديث مع (جيرون) أن (إسرائيل) “وإن كانت حتى الآن لم تظهر على أنها لاعب إقليمي في المنطقة، لكننا يجب أن نعرف أنها اللاعب الأهم في كل الأحداث، بسبب علاقاتها المتشعبة مع الدول المتصارعة في المنطقة، وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا اللتان تعملان على ضمان أمنها، ومن الواضح أن العلاقات الإيرانية الإسرائيلية اختلفت، بعد سقوط شاه إيران. وما أظهرته إيران من حالة عدائية تجاه (إسرائيل) إنما كانت حالة دعائية، من أجل كسب الشارع العربي والإسلامي، من خلال تبني العداء لها”.

وعدّ أن “تكديس الأسلحة في لبنان ليس من أجل ضرب (إسرائيل)، وإنما لفرض نفوذ (حزب الله) في لبنان بقوة السلاح، ومحاولة لإيجاد موطئ قدم لإيران على ساحل المتوسط، علها تفرض نفسها لاعبًا إقليميًا في المنطقة. هذا السلوك الإيراني يتضارب في مكان مع مصالح (إسرائيل)؛ ما يدفعها إلى حالة من الترقب والطلب من الجهات المؤثرة الآن في الساحة السورية، وهي في هذه الحالة (روسيا)، فكان لا بدّ من تكرار اللقاءات مع الروس المؤثرين عسكريًا في سورية، والمتناقضين في هذه النقطة مع المصالح والتطلعات الإيرانية”.

ختم إيليا: “من هذه الرؤية؛ أنا أستبعد أن تتفجر العلاقة الإسرائيلية الإيرانية، ذلك لأن هذا التفجر قد يؤدي إلى تطورات خطيرة، على مستوى العلاقات الدولية التي يحاول الجميع الآن ضبطها، وعدم انتقال شرارات الحرب إلى ما هو أبعد”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون