الشيطان حين يخجل



خَرق النظام السوري قرار مجلس الأمن الدولي (رقم 2118 لعام 2013) حول حظر استخدام الأسلحة الكيميائية 40 مرة، كما خرق القرار الدولي (رقم 2209 لعام 2015) حول حظر استخدام الكلور السام 105 مرات، واليوم يرفع عدد خروقاته هنا وهناك، وتُلقي مروحياته براميل الكلور والسارين على سراقب.

هذه المرة، قرر النظام السوري تحويل سراقب إلى جهنم، وفعلها، سراقب التي كانت عبر التاريخ محطة راحة للقوافل، وبقعة أمل واستراحة وأمان، صارت بفضل النظام السوري جهنم تصلى بالنار من كل طرف، ويفتك بها الكيماوي من كل جانب، يقتل الصغير قبل الكبير، المرأة قبل الرجل، والضيف قبل المقيم.

كل هذه الخروقات والجرائم المستمرة حتى اللحظة لم تهز شعرة في رأس النظام، ولم ترمش له ولزبانيته عينٌ بسببها، ولم تُقلق أتباعه ومؤيديه، كما أن كل هذه الجرائم لم تهز المجتمع الدولي، ويُخشى أنها لن تهزه إلا بمقدار “رفع العتب”، وهو أمرٌ لم يعد يهم السوريين أساسًا، لأنهم فقدوا الأمل بأن يأتي أي فرج عن طريق هذا المجتمع الدولي.

يقف الشيطان اليوم خجِلًا، لعدم قدرته على مجاراة نظامٍ يقوم بقتل شعبه بهذه الوحشية، النساء والأطفال والشيوخ والشباب، جملة وفرادى، في كل حدب وصوب، وبكل الوسائل والأسلحة، المسموحة والمحرمة، التي تُميّز الهدف والتي لا تُميّزه.

يقف الشيطان اليوم خجِلًا، لعدم قدرته على مجاراة نظام يستخدم البراميل المتفجرة والطيران والصواريخ ليقتل شعبه، ويستخدم الأفران لحرق البشر، والصواريخ الحارقة والرجاجة والعنقودية لإبادتهم، والأقبية والسجون لتعذيبهم وقتلهم، والكلور والسارين لخنقهم، في عمليات إبادة ممنهجة ومبرمجة.

يقف الشيطان اليوم خجِلًا، لعدم قدرته على مجاراة نظام استخدم الطائفية في حربه، وخرّب الروابط الوطنية، ودمّر العيش المشترك، وحرّض البشر ضد بعضها، وهيّج الرعاع ليكونوا وقودًا لحربه، وليَقتلوا ويُقتلوا دون حساب.

يقف الشيطان اليوم خجِلًا، لعدم قدرته على مجاراة نظام أدخل حثالة البشر إلى سورية، من لبنان والعراق وأفغانستان واليمن والشيشان، ليشاركوه حفلات القتل والتدمير، وأدخل أسوأ البشر ليصنع منهم تنظيمات تقتل باسم الله، وتنظيمات تقتل بحجة حماية المراقد الدينية، وتنظيمات تقتل بحجة الأحلام القومية، وصنّع من كل هذا وذاك وقودًا لجهنّمه.

كانت هناك شريحة من السوريين -الواهمين- تعتقد أن تغيير النظام يجب أن يكون تدريجيًا، وأن مشاركته في المرحلة الانتقالية أمرٌ مهم، حتى لا يحصل الخراب، وأن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية ممكنة، وأن التعديل المتدرج للدستور والقوانين أمرٌ لازم، لكن الآن، بعد خجل الشيطان من جرائم نظامهم، إن لم يتحولوا بدورهم إلى ثائرين عليه وناقمين، ومطالبين بتغييره جذريًا، واقتلاعه من أساسه، وإلغاء كل أجهزته الأمنية والعسكرية؛ فإن “موقفهم” يدفع -براحة ضمير- إلى اتهامهم بأنهم شركاء له في أعماله “الشيطانية”، ومن حق كل سوري في سورية المستقبل، أن يطلب محاكمتهم فردًا فردًا، بتهمة الشراكة مع مَن خجل الشيطان من أعماله.


باسل العودات


المصدر
جيرون