بيان الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون اللاجئون السوريون يتجمدون حتى الموت في جبال لبنان



ظهرَت صور لمجموعة من الجثامين المتجمدة، في منطقة “المصنع” في جبل لبنان. ووفقًا للقوات المسلحة اللبنانية، عُثر على جثامين العديد من اللاجئين السوريين، ممن عبروا الحدود السورية اللبنانية باتجاه لبنان، خلال الأسابيع الماضية، وقد تجمدت حتى الموت، على طول ممرات الجبال في المنطقة الحدودية.

تشير التقارير إلى أنّه عُثر على الجثامين في مسار طريق تهريب معروفة، في الساعات الأولى من يوم الجمعة 19 كانون الثاني/ يناير، بعد أن اجتاحت منطقة “المصنع” عاصفة ثلجية عنيفة. وأفادت التقارير أيضًا، بأنّه عُثِر على جثامين تعود لستة نساء وطفلين، من بين الضحايا. وقد انخفضت درجات الحرارة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث تأثرت المنطقة الحدودية بعواصف شتوية قوية، ما زاد من معاناة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في مخيمات مؤقتة، في وادي البقاع على بعد 60 كيلومترًا إلى الشمال من منطقة المصنع. واستطاعت القوات اللبنانية إنقاذ ستة أشخاص، توفي أحدهم في طريقهم إلى المشفى، ليصل مجموع الوفيات إلى خمسة عشر.

تتحمل السلطات اللبنانية مسؤولية هذه الحادثة؛ لأنّ الوضع هو نتيجة مباشرة لسياستها غير الإنسانية، المتمثلة بوضع قيود على الوصول القانوني والآمن للاجئين السوريين الفارين من الحرب؛ ما يجبرهم على الاعتماد على المهربين والسفر على طول طرق التهريب الخطرة.

بصفة عامة، تؤشر هذه الحادثة على المعاناة التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان، وهي دولة تستقبل العدد الأكبر من عدد اللاجئين [بالنسبة إلى عدد السكان الأصليين]، منذ بداية الأزمة السورية. ومع ذلك، كافح لبنان من أجل الحفاظ على مستوى معيشي لائق للآلاف الفارين إلى حدوده، على مدى السنوات الماضية. ووفقًا لتقارير المنظمات غير الحكومية والمدافعين عن حقوق الإنسان، يواجه اللاجئون السوريون عددًا من التحديات الكبيرة لبقائهم على قيد الحياة، خلال أشهر الشتاء القادمة، فضلًا عن عدم توفر ممر آمن، يمكِّنهم من الوصول إلى الأراضي اللبنانية.

تفرض السلطات اللبنانية على السوريين، الذين يودون عبور الحدود إلى لبنان، الوفاء بعدة شروط؛ لكي يحصلوا عن إذن قانوني بدخول البلد و/أو البقاء فيه، منها أن يثبتوا للسلطات أنّ هنالك ضرورة شديدة لبقائهم في لبنان، أو أن لديهم سببًا مقنِعًا لدخولهم البلد، كحيازة الممتلكات، أو أنّهم قادمون لمراجعة السفارات أو القنصليات الأجنبية، أو أن يكون بحوزتهم تصريح إقامة ساري المفعول. لذلك، من المستحيل، بالنسبة إلى كثير من السوريين، الدخول إلى لبنان بشكل “قانوني”، أو تأمين تصريح الإقامة المؤقتة، أو استخراج تصاريح عمل، إذ يواجه الكثيرون منهم الاعتقال؛ إذا ما اكتُشف وجودهم غير القانوني في لبنان. وعلاوةً على ذلك، يعيش كثير من اللاجئين غير المسجلين في ظروف غير ملائمة. وكثيرًا ما تشاد المنازل من الأغطية البلاستيكية التي لا توفر أدنى مستويات الحماية للاجئين من البرد والمطر والثلوج، وسط انعدام تام للوقود، ونقص حاد في الملابس المناسبة وفي المواد الغذائية، وبخاصة خلال أشهر الشتاء.

سلّطت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) الضوءَ باستمرار على عدم حصولها على الأموال الكافية لدعم اللاجئين السوريين في لبنان. وفي العام الماضي، طلبت مبلغ 228 مليون دولار، ولكّنها تلقت أقل من ذلك بـ 60 بالمئة من المبلغ المطلوب، لدعم نحو 1.8 مليون لاجئ سوري، يقيمون حاليًا داخل الأراضي اللبنانية.

وعلى الرغم من عدم مصادقة لبنان على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فإنّ برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون (IVRPH) يُذَّكر لبنان بوجوب الالتزام بقانون اللاجئين العرفي، وكذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان. وفي ضوء ذلك، يدعو البرنامج السلطات اللبنانية إلى توفير مرور آمن وقانوني لهؤلاء السوريين الفارين من النزاع. ومن الأهمية بمكان أن يُسمح للراغبين في الحصول على اللجوء، بالبقاء في ظلّ ظروف آمنة وإنسانية، وأن تتاح لهم المساعدة الإنسانية الكافية. كما يدعو البرنامج إلى امتناع لبنان عن إعادة اللاجئين إلى سورية، الأمر الذي يُعدّ انتهاكًا لمبدأ “عدم الإعادة القسرية”. ومع ذلك، يذكر برنامج الباحثين الدوليين المجتمع الدولي، بأنّ دعم هذه الفئة من المدنيين ليست مسؤولية لبنان وحده. ولهذا، يجب على المجتمع الدولي أن يدعم لبنان في توفير كافة المتطلبات الضرورية للاجئين السوريين، وبخاصة في منطقة المخيمات العشوائية على طول الحدود السورية اللبنانية، من خلال تزويد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) بالأموال والموارد اللازمة؛ لتسجيلهم الرسمي وتأمين الغذاء والوقود والملابس والسلع الحيوية الأخرى، الضرورية بصورة خاصة خلال فصل الشتاء. إذ لا ينبغي قطعًا أن يكون دعم اللاجئين من مسؤولية دولة وحدها، بل تقع المسؤولية على عاتق المجتمع الدولي، والكثير من الدول التي لها مصلحة في إطالة أمد الصراع في سورية.


برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون


المصدر
جيرون