الأطباء الأحرار: الإمكانات الشحيحة لا تكفي ضحايا الغوطة



يتفاقم الوضع الإنساني في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، مع كل يوم يجدد فيه طيران نظام الأسد وروسيا القصف، الذي يستهدف جميع مقومات الحياة، بما فيها المنشآت الطبية التي تعمل بطاقتها المتواضعة جدًا، جراء منع قوات النظام إدخال المساعدات الطبية؛ الأمر الذي دفع (اتحاد الأطباء السوريين الأحرار) إلى إصدار بيان، حول تصاعد القصف العنيف الذي تتعرض له الغوطة الشرقية، وتحديدًا منذ صباح يوم الإثنين الفائت حتى الآن.

ناشد الأطباء، عبر البيان الذي أصدروه أمس الأربعاء، المجتمعَ الدولي والأمم المتحدة، وجميع المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، التدخلَ الفوري والمباشر؛ لإنهاء معاناة المدنيين، والضغط على النظام من أجل فك الحصار عن الغوطة الشرقية وإدخال الدواء والغذاء.

نوّه البيان إلى أن “الجناح الطبي العامل في الغوطة الشرقية بكل جوانبه، يتعرض للأخطار المحتّمة في كل يوم، من أجل إنقاذ أرواح المدنيين، على الرغم من شح المواد الطبية. وخلال اليومين الماضيين، فقدنا 5 أشخاص من الكوادر الطبية، ما بين مسعفين وممرضين، بسبب القصف الهمجي”.

وبحسب البيان، بلغ عدد الشهداء، خلال اليومين الماضيين، أكثر من 115 مدنيًا بينهم أطفال، إضافة إلى ما يفوق 1000 جريح، كانت جراح بعضهم خطرة جدًا.

العنف الدموي على مدنيي الغوطة الشرقية المحاصرة، تصاعد بشكل دفع الأمم المتحدة إلى إصدار نداء عاجل لوقف إطلاق النار لمدة شهر؛ ما يسمح بإيصال المساعدات، وإجلاء المرضى والمصابين.

الدكتور باسل من (اتحاد الأطباء السوريين الأحرار)، تحدث لـ (جيرون) قائلًا: “معظم الإصابات التي كانت تأتينا، خلال الأيام الثلاثة الماضية، هي لنساء وأطفال، بنسبة مقدارها نحو 70 بالمئة، نتيجة استهداف المجمعات السكنية. الغوطة الشرقية حاليًا تعيش حالة شبه حظر تجول”.

وعن كيفية تعاملهم مع الأعداد الهائلة من الجرحى، خلال اليومين الماضيين، أوضح الدكتور باسل قائلًا: “الأدوية والمستلزمات الطبية بالعموم شحيحة جدًا في الغوطة الشرقية، حتى تلك التي كانت تدخل عبر قوافل الأمم المتحدة قبل شهرين لا تغطي إصابات الحرب. نحن بحاجة ماسة إلى كل ما يلزم العمليات الجراحية من أدوية ومعدات، كالمسكنات وأدوية التخدير ومضادات الالتهاب”.

لا يرى الدكتور باسل أي أملٍ يلوح في الأفق، إزاء إنهاء معاناة المدنيين في الغوطة الشرقية. وأوضح: “نحن لم نطلق البيان بهدف إحداث تغيير على أرض الواقع، لكن رغبة منا في أن لا نموت بصمت.. نحن لا نرى أي أمل لتحرك المنظمات الإنسانية أو البيانات الصحفية التي تطلقها الأمم المتحدة، لأنها غير قادرة على تغيير الواقع المأسوي الذي نعيشه”.

من جانب آخر، يرى الناشط محمد أبو الهدى، من الغوطة الشرقية، أنه لا توجد كلمات لوصف حجم المعاناة. وأضاف في حديث لـ (جيرون): “اليوم صباحًا، كنت في أحد المشافي، ورأيت طفلًا فقد ساقيه بسبب القصف. وهناك عائلات كاملة راحت ضحية القصف الروسي وطيران النظام”.

بحسب أبو الهدى، فإن “الوضع الإنساني في الغوطة كان سيئًا في الأساس، لكن ارتفاع حدة القصف خلال اليومين الماضيين زاد من كارثية الموقف”. وأضاف موضحًا: “الناس هنا تأكل وجبة واحدة يوميًا، هذا إذا افترضنا قدرتهم على شراء تلك الوجبة؛ فهم لا يستطيعون العمل بسبب القصف”.

وكان النظام قد أوقف جميع عمليات إدخال المواد الغذائية والمساعدات إلى الغوطة الشرقية، حيث يحتجز نحو 400 ألف شخص، منذ نحو شهرين.

تعدّ الغوطة الشرقية المحاصرة من المناطق المشمولة باتفاق “خفض التصعيد” الذي تم التوصل إليه في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، بين روسيا وتركيا وإيران. وكان من المفترض أن يؤدي الاتفاق إلى الحد من العنف في هذه المناطق، والسماح بالوصول الإنساني، مع مراعاة وقف دائم لإطلاق النار. لكن ما حدث كان معاكسًا لذلك، إذ ازدادت أوضاع المدنيين سوءًا، وواصل نظام الأسد القيود المفروضة على وصول المساعدات. (ن أ)


جيرون


المصدر
جيرون