معبر رفح معاناة فلسطينية لا تحتمل



السورية نت - رغداء زيدان

فور إعلان السلطات المصرية، المفاجئ عن فتح معبر رفح البري، المتنفس الوحيد لأكثر من مليوني نسمة يقطون قطاع غزة، أمس، لمدة 3 أيام، تدفق الآلاف من المحتاجين للسفر، لبوابة المعبر، على أمل التمكن من المغادرة.

ويكشف مشهد تكدس العالقين أمام بوابة المعبر، وفي صالة السفر في خارجه من الجانب الفلسطيني، والصالة الأخرى في محافظة خان يونس المجاورة (خاصة بتجمع المسافرين)، حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء العالقين، وتعطشهم للخروج من قطاع غزة، لأغراض مختلفة كالعلاج، أو الدراسة، أو الالتحاق بالعمل، أو الزواج، وغيرها من الاحتياجات.

وعلى جانبي الطريق المؤدي للمعبر، اصطفت مئات مركبات المسافرين منذ مساء أمس، أمام صالات المسافرين، مُحدثة حالة كبيرة من الزحام.

وتكرر المشهد أمام بوابة المعبر، التي وقف أمامها المئات، خاصة من فئة "الزوجات العالقات"، واللواتي حاولن منع عبور الحافلات للمعبر، احتجاجاً على عدم ضمهن لقوائم السفر العاجلة.

وكان لافتاً اكتظاظ الحافلات من الداخل، بالمسافرين، حيث ضمت الحافلة الواحدة أكثر من 100 مسافر، رغم أنها لا تتسع سوى لـ50، فيما أحاط بها أعداد كبيرة من المسافرين، في محاولة لركوبها والتمكن من العبور للمعبر. كما حاول بعض المسافرين تسلق حاوية خاصة لنقل حقائب المسافرين، والاختباء داخلها.

مجيدة اليعقوبي، "36عاماً"، مغربية الأصل، متزوجة في غزة منذ "11عاماً"، وقفت وحيدة تبكي بُحرقة، عند أسوار المعبر، تبحث عن شخص يُمكنها من اجتياز المعبر، كي ترى والديهما اللذين لم تراهما منذ زواجها، وكادا أن ينسيا ملامحها، كما تقول.

وتوضح اليعقوبي وهي تبكي بحُرقة، أنها سجلت للسفر منذ عام "2015"، وأعطوها موعداً للسفر في شهر نوفمبر/شباط 2017، لكن المعبر لم يُفتح حينها، ولم يُدرج اسمها حتى اليوم ضمن كشوفات السفر الجديدة.

وتضيف: "كلما سمعت بخبر فتح المعبر، هرولت مسرعةً له، وأعود بُخفي حُنين!"

وتشير إلى أنها توجهت لعدة جهات ومسؤولين في غزة لإيصال صوتها دون جدوى، حتى انتهى تاريخ صلاحية جواز سفرها، وتمكنت من استصدار جواز مؤقت عبر منظمة التحرير الفلسطينية، يُمكنها من السفر.

وقالت: "أنا أجنبية، من حقي أن أسافر لأرى أهلي، فلا أنا قادرة للذهاب لهم، ولا هم قادرين للوصول إليّ"

وتضيف اليعقوبي: "توفي عدد من أعمامي وأخوالي، دون أن أتمكن من رؤيتهم والمشاركة في جنازاتهم، وأخشى أن يتوفى والدي المريض قبل أن أراه، أنا هنا غريبة بمفردي، وعشت ثلاثة حروب هنا، وتجرعت الخوف والمعاناة والألم لوحدي"

وتتابع: "أشعر بالندم أنني أتيت لغزة، فهي عبارة عن سجن، يُسمح لمن بداخله بحركة محدودة، فهي باتت لا تصلح للحياة"

ومضت قائلة: "نحن لسنا إرهابيين ولا نحمل أحزمةً ناسفة، صحيح أنني مغربية ولستُ فلسطينية، لكن لماذا هذا يحدث لنا جميعاً، ما هو ذنب الأطفال، والنساء، والطلبة الذين ضاع مستقبلهم، والزوجات، والمرضى؟!؛ نحن كل ما نريد السفر وهو حق مكفول فقط!"

أما زايدة الصوفي، "65 عاماً"، والتي تنتظر السفر منذ مايو/ أيار 2016، للعلاج على نفقة شقيقها في الأردن، فتقول: "جئت للمعبر أكثر من 10 مرات، على أمل السفر، ولم أتمكن، ولم يفدني أحد بأي شيء"

وتضيف أنها تعاني من عدة أمراض أهمها مرض القلب، والضغط، وبحاجة لإجراء عمليات جراحية عاجلة.

ولا يختلف كثيراً حال المريض عوني النجار "74عاماً"، الذي جلس على كرسيٍ مُتحرك تحت أشعة الشمس، وبجواره ابنته التي ترافقه، فيما وكل نجله الأكبر للبحث عن طريقة لتمكينه من السفر للعلاج في مصر، حيث يحتاج لعملية تركيب مفصل في ساقه.

ويشير النجار، إلى أنه سجل للسفر منذ عام وستة أشهر، وينتظر دوره في السفر.

ويقول: "كلما يُفتح المعبر نأتي ونعود بلا فائدة، كما أن التحويلة الطبية تنتهي ويجب تجديدها شهرياً".

ويدير المعبر، في الوقت الحالي، حكومة الوفاق الفلسطينية، بعد أن تسلمت معابر قطاع غزة، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، من حركة "حماس"، تطبيقاً لاتفاق المصالحة الموقع في 12 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

ويربط معبر رفح البري قطاع غزة بمصر التي تغلقه بشكل شبه كامل منذ يوليو/تموز 2013، وتفتحه بشكل استثنائي على فترات متباعدة لعبور الحالات الإنسانية.

اقرأ أيضا: تقرير للأمم المتحدة يحذر: تنظيم القاعدة مازال صامداً بشكل لافت




المصدر