"الخطوط الحمراء" لماكرون وترامب حول استخدام الكيماوي في سوريا موضع اختبار.. وباريس تراوغ



السورية نت - مراد الشامي

وضع الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون، "خطوطاً حمراء" في ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، لكن جدية هذه الخطوط أصبحت موضع اختبار الآن، لا سيما مع مواصلة نظام بشار الأسد لاستخدام تلك الأسلحة ضد المدنيين السوريين.

وأعلنت فرنسا يوم الأربعاء الفائت على لسان وزير خارجيتها جان ايف لودريان أن "كل الدلائل" تشير إلى استخدام النظام الكلور ضد قوات المعارضة.

في حين قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، يوم الإثنين الفائت، خلال اجتماع لمجلس الأمن حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا: "هناك أدلة واضحة من عشرات الضحايا" تؤكد استخدام الكلور في الهجمات على الغوطة الشرقية في ريف دمشق ومحافظة إدلب.

ورغم ذلك، لم يُعاقب نظام الأسد عسكرياً على هجماته الأخيرة باستخدامه الكلور، التي ارتكبها في في يناير/ كانون الثاني الماضي، وفبراير/ شباط الحالي.

ويقول محللون إن النظام قد يكون يختبر المسار الذي ستتخذه الأمور إذا ما استخدم هذا النوع من الأسلحة.

وقال ديفيد اديسنيك مدير الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات إن "الهجمات جزء من جهد قائم لاختبار ما إذا كان الرئيس ترامب سيلتزم بالخط الأحمر الذي حدده العام الفائت".

 "التزام برد الفعل"

وكان الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أول من رسم خطاً أحمر في 2012، حين حذر الأسد من أن استخدام أو التحرك لاستخدام أسلحة كيميائية، وقال إن ذلك سيضطر الولايات المتحدة للجوء إلى ضربات عسكرية انتقامية.

ولكن بعد هجوم بغاز السارين في العام التالي ضد الغوطة الشرقية قتل فيه نحو 1500 مدني في ريف دمشق، بحسب تعداد الاستخبارات الأميركية، تنازل أوباما عن اللجوء إلى الضربات الانتقامية وعوضاً عن ذلك توصل لاتفاق مع روسيا لتفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.

وفي نيسان/أبريل 2017، تسبب هجوم كبير بغاز السارين في خان شيخون، قتل فيه 88 شخصاً، بغضب دولي عارم وأدى لإصدار ترامب أوامر بشن ضربات جوية على قاعدة الشعيرات العسكرية التابعة لقوات النظام في ريف حمص، وقالت واشنطن إن الهجوم انطلق منها.

وبعد شهر واحد من انتخابه رئيسا لفرنساً، حدد ماكرون "خطاً أحمر واضحاً جداً" في ما يتعلق بهذه القضية، متعهداً بـ"انتقام ورد فوري من فرنسا" إذا تم استخدام أسلحة كيميائية من قبل النظام.

واتفقت باريس وواشنطن على استعدادهما للرد بشكل منسق على أي هجوم كيميائي يشنه نظام الأسد.

فرنسا تقف متفرجة

برونو تيرتراي مساعد مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس، قال إن "الخط الأحمر الذي وضعه ماكرون تم تجاوزه تماماً"، مضيفاً: "حين حدد خطه الأحمر من المحتمل أن يكون قد فكر في هجوم كبير مثل الهجمات الفتاكة في الغوطة أو خان شيخون، التي نفذها عملاء باستخدام السارين".

وعوضا عن ذلك، أطلقت فرنسا في يناير/ كانون الثاني 2018 "الشراكة ضد الحصانة"، وهي مبادرة وافقت عليها نحو 20 دولة لضمان تقديم مرتكبي الهجمات الكيميائية في سوريا إلى العدالة، معلنة أنها ستضع على لائحة سوداء الشركات والأفراد الذين يشتبه بارتباطهم بالبرنامج السوري للسلاح الكيميائي.

أما واشنطن فأعلنت "كما قال الرئيس ترامب في نيسان/أبريل الفائت، هو مستعد للنظر في جميع الخيارات" المتاحة، رافضة "التكهنات" حول ردود الفعل المحتملة.

ومثل فرنسا، تركز الولايات المتحدة جهدها على المسار السياسي فيما تطالب روسيا بردع حليفها الأسد من استخدام السلاح الكيميائي.

وقال تيرتراي "إذا كنت تعتقد أن العمل العسكري ستكون له عواقب مدمرة في البحث عن حل سياسي، فيمكن أن يكون من المشروع عدم القيام برد فعل"، على حد قوله.

في حين قال فرنسوا هايسبورغ، رئيس المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إن "الأمريكيين لا يعدون الكلور سلاحاً كيميائيا حقاً. لذا يتجنبون أي رد فعل"، وحذر من أن يكون ماكرون "قد جازف" بتحديده خطا أحمر، مضيفاً: "إذا قلنا وكررنا أن هناك هجمات كيميائية، فإننا نلزم أنفسنا برد فعل".

مراوغة

وعلى الرغم من تصريحات وزير الخارجية الفرنسية بتأكيد استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية، قالت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، اليوم الجمعة، إن "عدم تأكيد حصول هجمات كيماوية مفترضة في سوريا، يحمل على القول إنه لم يتم تجاوز الخط الأحمر الذي حدده الرئيس ماكرون للقيام برد فرنسي".

وأضافت رداً على سؤال لإذاعة "فرانس انتر" حول الخط الأحمر الذي حدده الرئيس ماكرون، قالت: "حتى الآن، ونظراً لانعدام تأكيد حول ما حصل، وعواقب ما حصل، لا يمكننا أن نقول أننا في المكان الذي تتحدثون عنه".

وأوضحت وزيرة الجيوش الفرنسية قائلةً أيضاً: "لدينا مؤشرات عن احتمال استخدام الكلور، لكن لا يتوافر لدينا تأكيد قاطع. لذلك فإننا نعمل مع آخرين على التحقق، لأن من الضروري تأكيد الوقائع".

يُشار إلى  أن مجلس الأمن اجتمع أمس الخميس من دون التوصل إلى نتيجة ملموسة حول إعلان هدنة إنسانية في سوريا.

اقرأ أيضا: تقرير: الوحدات الكردية تسيطر على معظم مصادر الطاقة بسوريا.. ماذا عن شراكتها النفطية مع النظام؟




المصدر