لماذا أغلقت عدة مدن ألمانية أبوابها في وجه اللاجئين؟



السورية نت - رغداء زيدان

في الأشهر القليلة الماضية أعلنت عدة مدن ألمانية أنها لن تستقبل مزيداً من طالبي اللجوء واللاجئين، ومازالت مدن أخرى تطالب بذلك أو بوضع حد أقصى لأعداد اللاجئين فيها. فما هي الأسباب الكامنة وراء هذا التوجه لدى بعض المدن؟

يسعى عمدة مدينة فرايبيرغ في ولاية ساكسونيا الألمانية إلى إغلاق أبواب المدينة بوجه اللاجئين، وذلك على خطى أربع مدن في ولايات ألمانية أخرى.

فمدينة كوتبوس، ثاني أكبر مدينة في ولاية براندنبورغ، أعلنت أنها لن تستقبل المزيد من طالبي اللجوء، وذلك بعد مواجهات متواصلة بين ألمان من اليمين المتطرف ولاجئين. 

وكانت ثلاث مدن ألمانية أخرى قد سبقت كوتبوس في ذلك، حيث قررت بلديات كل من زالتسغيتر وفيلهيلمسهافن وديلمنهورست في ساكسونيا السفلى عدم قبول المزيد من اللاجئين، قبل حوالي ثلاثة أشهر، لأنهم يشكلون "عبئاً إضافياً" عليها.

وتعددت الأسباب التي ذكرتها المدن الخمس، تبريراً على إغلاق أبوابها أمام اللاجئين، ففي فرايبيرغ مثلاً، دعا العمدة سفين كروغر الولاية لعدم إرسال المزيد من اللاجئين إلى مدينته حتى نهاية عام 2019، وذلك بسبب وجود عدد كبير من اللاجئين وعدم توفر عدد كاف من المدارس ورياض الأطفال.

أما عمدة زالتسغيتر فرانك كلينغابيل فقد قال إن قرارهم جاء بسبب ازدياد عدد اللاجئين في المدينة، مؤكداً أن عدداً كبيراً من اللاجئين في الولاية كانوا يتوجهون للمدينة بسبب الأسعار المناسبة للسكن فيها. ويعيش في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف، الآن حوالي 5700 لاجئ.

أما في حالة كوتبوس فقد جاء الامتناع عن استقبال طالبي اللجوء بعد عدة أعمال عنف شهدتها المدينة بين متطرفين ألمان ولاجئين، وقال عمدة المدينة هولغر كيلش إنهم يعلمون أن عدم استقبال المزيد من اللاجئين ليس حلاً للمشكلة، ولكنه أكد في الوقت نفسه أنه قد يكون عاملاً مساعداً في ذلك. وكان عدد اللاجئين في المدينة التي تحوي حوالي 100 ألف نسمة، قد تضاعف من 4.5 بالمئة إلى 8.5 بالمئة خلال العامين الماضيين.

أوضاع اقتصادية

قد تكون الأوضاع الاقتصادية السيئة نسبياً في كوتبوس هي التي أدت إلى تفاقم التوترات، فوفقاً لوكالة العمل الاتحادية، بلغت البطالة في كوتبوس في ديسمبر/كانون الأول 2017 نسبة 6.9 في المئة، متجاوزة المتوسط ​​الوطني البالغ 5.6 في المئة تقريباً.

ويؤكد الخبير الاجتماعي أحمد عزالدين والمقيم في برلين على تأثير الأوضاع الاقتصادية في الولايات الشرقية على تعامل بعض الألمان هناك مع اللاجئين، ويضيف: "ما يزال الناس في الولايات الشرقية - المتأخرة اقتصادياً عن الولايات الغربية- يعانون من عوائق في التأقلم مع نظام العولمة وصعوبة في كيفية التعامل مع الأجانب"، ويتابع: "وهذا ما تستغله الأحزاب اليمينية لتحريك مشاعر الخوف من الغرباء بين الناس، من خلال أفكار سطحية تقول إن الأجانب هم سبب نقص فرص العمل أو أنهم يأخذون نقوداً إضافية من الدولة".

ويشدد عزالدين، مؤسس جمعية حوار الشرق والغرب، على أن امتناع بعض المدن عن استقبال اللاجئين أو طالبي اللجوء هو حل سياسي وليس حلاً واقعياً، ويضيف: "في الوقت الذي نعترف فيه بوجود مشكلة في الطاقة الاستيعابية لدى الكثير من المدن، وخاصة عند بداية موجة اللجوء، إلا أن إغلاق المدن بوجه اللاجئين ليس حلاً واقعياً ولن يحل المشاكل، بل هو حل سياسي".

ويتابع: "عندما لا يعرف السياسيون كيفية حل مشكلة معينة فإنهم يقدمون مادة سهلة الاستيعاب للرأي العام، كالامتناع عن استقبال اللاجئين"، مؤكداً في الوقت نفسه أن هناك جهوداً تبذل من قبل الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية باستمرار لحل مشكلة زيادة الأعداد.

وقد كان حزب البديل اليميني الذي دخل البرلمان الألماني لأول مرة في سبتمبر/أيلول الماضي، قد حصل على 24 بالمئة من الأصوات في كوتبوس خلال الانتخابات الأخيرة بعد قيادة حملة مناهضة للهجرة.

ولا يستبعد الخبير الاجتماعي أن تقوم مدن ألمانية أخرى بإغلاق أبوابها بوجه اللاجئين لكن ليس على نطاق واسع في ألمانيا، ويتابع: "التيار اليميني المتشدد مازال فعالاً في بعض المدن، وقد يستعمل فزاعة اللاجئين هناك أيضاً، لكن ذلك، إن حصل، سيكون في عدد قليل من المدن، لأن هناك صعود للقوى المقاومة للتيار اليميني أيضاً".

ويؤكد عزالدين أنه ماعدا المجرمين من اللاجئين، فإن بعض اللاجئين المنغلقين والرافضين للانفتاح على الثقافة الألمانية أيضاً يتحملون مسؤولية "عدم الترحيب بهم" في بعض المدن.

ويتابع: "بعض اللاجئين على درجة عالية من الانغلاق والتقوقع، وهذا ما قد يعزز خوف الناس الذين يحيطون بهم"، ويتابع: "على أولئك اللاجئين الانفتاح على الثقافة الألمانية والسعي للاندماج في المجتمع الألماني، وهنا يأتي دور المنظمات العربية والأجنبية في مساعدة اللاجئين على ذلك".

اقرأ أيضا: صفارات الإنذار تدوي في الجولان .. والجيش الإسرائيلي يعلن جاهزيته الكاملة




المصدر