في ذكرى الإضراب العام والمفتوح في الجولان السوري المحتل
14 شباط (فبراير - فيفري)، 2018
[ad_1]
مضت سنوات عديدة على الإضراب التاريخي الذي نفذته جماهير شعبنا في الجولان السوري المحتل، رفضًا لقرار الضم والإلحاق التعسفي إلى دولة الكيان الصهيوني، في الرابع عشر من كانون الأول/ ديسمبر 1981، ورفضًا لكافة الممارسات الاحتلالية، وتأكيدًا على انتماء الجولان أرضًا وشعبًا وهوية إلى الوطن الأم سورية.
سنوات متتالية، وكان الرابع عشر من شباط/ فبراير من كل عام، شاهدًا على عظمة هذا الشعب، ومجد أيامه البطولية التي كانت للعالم أجمع عنوانَ صمود وتحد وتأكيد على أن سوريي الجولان كانوا -وما زالوا وسيبقون إلى الأبد- يفخرون بانتمائهم إلى الوطن السوري، وعنه لن يرضوا بديلًا.
اليوم، بعد مضي كل تلك السنوات، نقف بالنقد والتحليل والتقييم لهذه التجربة، علّنا نستطيع من خلالها أن نرصد بعض المهام لمستقبلنا الغامض، بعد مضي أكثر من خمسين عامًا على الاحتلال الإسرائيلي للجولان، وفي ظل محاولات “الأسرلة” التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وتوغله داخل الوطن السوري بلا رقيب أو حسيب.
مقدمات ضم الجولان إلى الدولة العبرية
مع ضمان سيطرتها على كامل الأراضي السورية في الجولان المحتل؛ بدأت دولة الاحتلال العمل على محو الآثار السورية في الجولان، وتغيير معالمها الجغرافية والتاريخية، فباشرت في عمليات هدم القرى، بعد طرد أصحابها الشرعيين أثناء الحرب العدوانية عام 1967، وأقامت مكانها المستوطنات اليهودية، واستبدلت أسماءها بأخرى عبرية، وأعلنت عن عثورها على اكتشافات أثرية مزعومة، تؤكد ملكية اليهود للأراضي السورية في الجولان، تعود إلى عهود توراتية قديمة، وباشرت فور استتباب الأمن باستبدال مناهج التدريس السورية، وفصل المعلمين والمديرين وإقالتهم من سلك التدريس، وأعلنت عن كل مناطق الجولان المحتل مناطق تحت وصاية الحكم العسكري، الذي طارد ولاحق الوطنيين، وصادر المياه والأراضي، والمرافق الاقتصادية الصغيرة التي يملكها السكان، بذريعة أنها أملاك للغائبين “الذين طردتهم بقوة السلاح عن ديارهم”، وفرض مجالس محلية عميلة، ومحاكم مذهبية دينية، ومنع قيام جمعيات خيرية ونوادي محلية، وبالمقابل فرض نوادي “الهستدروت” الإسرائيلي في محاولة لتنظيم السكان، ودمجهم في المؤسسات الإسرائيلية.
في غضون ذلك، كانت الدولة العبرية تعد العدة لتنفيذ مشروعها السياسي، في ضم الجولان من خلال وسائل إعلامها التي استخدمت ذرائع وأكاذيب شتى، لمنح خطوتها الصبغة القانونية والأخلاقية للإعلان عن ضم الجولان، من خلال حث العملاء الذين رهنوا مصيرهم مع مصير الدولة العبرية، للمطالبة في ضم الجولان بذريعة أن السكان السوريين يرغبون في ذلك، للعيش مع إخوانهم من عرب فلسطين “الدروز”. ولإيهام الرأي العام المحلي والدولي برغبة السكان هذه؛ أصدر الكنيست الإسرائيلي قانونًا يخوّل وزير الداخلية منح هويات مدنية مقرونة بالجنسية الإسرائيلية لمواطني الجولان المحتل، قُبيل إعلان قانون ضم الجولان، وبدء تطبيق القوانين القانونية والإدارية على مناطق الجولان المحتل. وقد سبق قانون ضم الجولان رسميًا إلى الدولة العبرية خطوات عملية عديدة، كان أبرزها، الضغط على المواطنين لتعبئة نماذج يتم من خلالها حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، والإعلان عن ذلك في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وإجبار كل من يتقدم بأي طلبٍ إلى سلطات الحكم العسكري، لحاجة صحية أو معيشية أو تعليمية أو أي حاجة أخرى، على التقدم بطلبٍ، لمنحه الجنسية الإسرائيلية، قبل الموافقة أو الرد على طلبه، وتجلى ذلك بوضوح، من خلال رفض السلطات الإسرائيلية تسجيل الولادات والوفيات إلا لمن تقدم وطلب الجنسية الإسرائيلية.
المقاومة الشعبية
أدرك مواطنو الجولان خطورة السياسة الإسرائيلية الرامية إلى سلخهم عن انتمائهم الوطني والقومي، وتجريدهم من جنسيتهم السورية الموروثة من الأباء والأجداد، وأعلنوا رفضهم القاطع استلام الجنسية الإسرائيلية، ودعت الهيئات الوطنية إلى اجتماع عام تقرر فيه مقاومة المشروع الإسرائيلي وأدواته المأجورين من العملاء الذين حملوا السلاح إلى جانب قوات الأمن الإسرائيلية في أثناء مداهمة البيوت وحملات الاعتقال والتفتيش وعلى الحواجز العسكرية، وساهموا في تشويه إرادة مواطني الجولان إعلاميًا، وقرر المجتمعون بالإجماع الإعلان عن الحرمان والمقاطعة الاجتماعية والاقتصادية الكاملة “لكل من تسول له نفسه استلام الجنسية الإسرائيلية، ومقاطعة العملاء ومحلاتهم التجارية، ومنع التزاوج منهم، وحظر المشاركة في أفراحهم وأحزانهم، وعدم التحدث معهم، ورفض أي تعامل معهم”. وأصدر المجتمعون “الوثيقة الوطنية لمواطني الجولان” التي تضمنت قرارات تدعو إلى مقاومة محاولات تطبيق القانون الإسرائيلي على الجولان أرضًا وشعبًا، وقد تحولت الوثيقة إلى قانون مُقدّس ينظم العلاقات الداخلية لمواطني الجولان، لصون الوحدة الوطنية أولًا، وركيزة للعمل المقاوم ضد المحتل ثانيًا.
ردّت السلطات الإسرائيلية على خطوات المواطنين بالقوة، وتسليح العملاء، والتعرض للأماكن الدينية المقدسة التي كانت مراكز للقرارات والاجتماعات الشعبية الوطنية، والتعرض لممتلكات المواطنين بالحرق والتخريب، وتحوّل الجولان بأكمله إلى سجن مغلق، واعتُقل عدد كبير من أهل الجولان، وصدرت بحقهم أحكام جائرة بتهمة التحريض ضد الأمن.
لاقى قانون ضم الجولان تأييدًا واسعًا من المستوطنين في أرض الجولان، الذين طالبوا بطرد كل من يقاوم القانون من الجولان، وضرب أي مقاومة بيد من حديد. في المقابل بلغ التضامن القومي الواسع والشامل من عرب فلسطين مع نضال مواطني الجولان أرقى أشكاله، من خلال الزيارات الشعبية والوفود الرسمية، والدعم المعنوي والمادي والعلاجي، الذي وصل إلى الجولان من فلسطين، ردًا على حصار السلطات الإسرائيلية.
إعلان الإضراب العام والمفتوح في الجولان السوري المحتل
طالب مواطنو الجولان حكومةَ الاحتلال، باحترام مشاعر السكان الوطنية والقومية، والكف عن الممارسات الإرهابية والإجرامية، والإفراج عن كافة المعتقلين، وإلغاء قرار الضم والإلحاق، والكف عن محاولات فرض الجنسية الإسرائيلية، إلا أن السلطات الإسرائيلية رفضت مطالب مواطني الجولان، وردّت بالمزيد من الاعتقالات وتشديد القبضة الحديدية؛ فتقرر في اجتماع شعبي عام في 13/ 2/ 1982 حضره الآلاف من مواطني الجولان، الإعلانُ عن إضراب مفتوح يشمل كافة المرافق الاقتصادية والتعليمية والتجارية، احتجاجًا على الممارسات التعسفية الرامية إلى تطبيق القانون الإسرائيلي على أبناء الجولان، بخلاف رغباتهم وأحلامهم ومطالبهم وبخلاف المواثيق القرارات الدولية، ويمكن إجمال مطالب السكان بالنقاط التالية:
إلغاء قانون ضم الجولان، واعتبار الجولان منطقة محتلة من قبل جيش المحتل الإسرائيلي.
إطلاق سراح كافة المعتقلين.
الكف عن مضايقة السكان وعدم المس بالمصالح والممتلكات التي يملكها السكان، عدم تبديل الهوية العسكرية بأي هوية مدنية أخرى.
إعادة الأراضي والأملاك المصادرة، والسماح لسكان الجولان باستخدام مياههم.
معاملة سكان الجولان حسب المواثيق الدولية التي أقرتها الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية.
إفرازات الانتفاضة الجولانية
استمر الإضراب العام والمفتوح ستة أشهر متواصلة، عانى فيها السكان من النقص الشديد للدواء والعلاج والغذاء، ولا سيّما الأطفال، بعد أن أحرق العملاء مخازن علف المواشي، وقد كان غزو “إسرائيل” للبنان أحد أسباب إنهاء الإضراب في العشرين من تموز/ يوليو 1982، إضافة إلى رغبة “إسرائيل” في تهدئة الأوضاع الداخلية، وتحول اهتمام الرأي العام المحلي والدولي إلى ما يحدث على الساحة اللبنانية، بعد أن كان الاهتمام على الساحة الجولانية.
كان قرار إنهاء الإضراب شعبيًا في اجتماع عام حضره الآلاف من المواطنين، حيث استعرضوا النتائج التي أفرزتها المفاوضات وأهمها: الامتناع عن فرض الجنسية الإسرائيلية على السكان إلا لمن يطلبها دون ضغوطات، ومنع التجنيد الإجباري في جيش الاحتلال، وإطلاق سراح كل المعتقلين السوريين دون شروط، وإبراز اسم هضبة الجولان في بطاقة الهوية محل اسم “إسرائيل”.
الإصرار على الطابع السلمي
تميّزت المظاهر التي تمّ من خلالها إحياء ذكرى هذه المناسبة بطابعها التقليدي، غير العنفي، واقتصرت المظاهر التي تجلى بها الرابع عشر من شباط/ فبراير على إعلان الإضراب العام، والدعوة إلى مسيرات جماهيرية، تترافق مع مهرجان خطابي يُقام على خط وقف إطلاق النار، وغالبًا ما كان يمضي هذا اليوم دون أي احتكاك مع قوات المحتل. أمام ذلك، يتبادر إلى الذهن التساؤلات: لماذا لم تتدخل قوات الاحتلال؟ ولماذا لم تبادر الجماهير إلى تصعيد موقفها، بحيث تتصادم وتشتبك مع قوات الشرطة؟ وحتى تأخذ الإجابة على هذه التساؤلات بعدها الشمولي والعام، لا بد من استعراض جملة من العوامل المحركة والمسببة لسيادة هذا الطابع السلمي على مجمل الفعاليات التي أفرزتها أحداث ما بعد العام 1982.
أولًا – على صعيد الحركة الوطنية الجماهيرية
كان لمرحلة الإضراب، بكل ما رافقه من نمو واضح في الشعور الوطني والقومي، الأثر في نزوع الجماهير الجولانية، وعلى وجه الخصوص قواها التقدمية الواعية والمثقفة، لتركيز الجهود والنضالات في بوتقة العمل المنظم بأشكاله البدائية البسيطة، قياسًا مع المراحل العليا التي تتجلى بها عادة أي حركة وطنية، حيث الأحزاب والقوى السياسية الناضجة والنقابات، وكان لهذا الإسهام الكبير في تبلور نمط مميز من المواجهة والتعبير عن الطموحات الوطنية، وكان لجملة هذه المعطيات التي بدأت تشق طريقها الأثر في كيفية إحياء المناسبات الوطنية عمومًا وذكرى 14 شباط/ فبراير خاصة.
ثانيًا – على صعيد الزعامات التقليدية
لا يخفى على أحد حقيقة الدور الذي لعبته هذه القوى في مساهمتها بصياغة الموقف الوطني الرافض لقرار الضم، ولا أحد ينكر تأثيرها الكبير في حركة الجماهير وخطواتها أثناء الإضراب، غير أننا -من باب التقويم والنقد- لا نستطيع إنكار محدودية فعلها على كافة الصعد، لكن يجب التأكيد على أن طابع هذه القيادة المشكل من وجهاء العائلات عادة، وطابع رؤيتها لآلية الكفاح ضد المحتلين، انعكس بشكل مباشر على كيفية إحياء هذه المناسبة، وعلى طابعها التقليدي الذي استمر سنوات متقدمة، فالمسيرة والمهرجان يتوافقان مع الرؤية الكلاسيكية لهذه القيادات، استنادًا إلى فكرة الاكتفاء بالتعبير عن رفض الاحتلال.
ثالثًا: على صعيد سياسة الاحتلال وطابعها
عملية الترويض التي عمدت السلطة إلى تطبيقها وتجربتها على جماهير الجولان، ابتداءً من اليوم الأول للاحتلال، وعلى مجمل الصعد، جعلت العدو أسير اعتقاده بأن ضم الجولان وفرض القوانين الصهيونية على سكانه لن يواجه بالرفض، لهذا اعتقدت السلطات في محاولة تمرير سياستها وسائل مباشرة وعلنية، في بداية اكتشافها لفشل مشروعها، إضافة إلى أنها كانت، في أحايين عديدة، تتجنب الاشتباك مع الجماهير وتعزف عن محاولات منعها من إحياء مناسباتها. وهذا الأسلوب الهادئ نسبيًا في ظاهره ساهم في الإبقاء على حالة التصعيد الجماهيري، ضمن مستوى محدود، انطلاقًا من فهم القانون القائل إن العنف لا يولد إلا العنف، وكانت مرحلة الأعوام الأولى من الإضراب بمثابة المخاض لنشوء ونمو ظروف نضالية وقوى أكثر جذرية بمستويات أكثر حدة مما سبقها.
14 شباط/ فبراير 1986 – 1990
لم تنتهِ جملة العوامل والظروف التي لعبت دورًا مهمًا في مجمل الأحداث، وفي كيفية إحياء 14/ 2 انتهاءً تامًا، وإنما طرأ عليها جملة من التطورات التي تلاءمت بالضرورة مع الظروف الجديدة؛ فالقيادات التقليدية ضعف دورها وتلاشى إلى حدود التأثير الطفيف على مجريات الأمور، بينما المؤسسات ازدادت تطورًا وزخمًا في مجمل نشاطاتها وفعالياتها، والنوادي الرياضية التي كان نشاطها ينحصر في العمل الرياضي أصبحت مقارّ للندوات ومنطلقًا للعمل المؤسساتي الجماهيري، جنبًا إلى جنب مع رابطة الجامعيين التي انطلقت ببرنامج اجتماعي سياسي تثقيفي شامل، وأدّت دورًا مهمًا وحاسمًا في مجمل نواحي العملية النضالية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى ذلك تبدّلت سياسة الاحتلال وأخذت شكلًا تعسفيًا أكثر، من خلال تحرك أجهزة الاستخبارات الصهيونية بالطرق السرية، لضرب الصف الوطني وتشتيته، ولإسقاط وتحييد أكبر عدد ممكن من الشباب الوطني الصاعد. وتتلخص أهم مفاصل هذه المرحلة بالنقاط التالية:
ازدياد الوعي الوطني والقومي وتجذره لدى قطاعات واسعة من جماهيرنا، وتحديدًا الشباب، وهذا أدى إلى ازدياد العمل الوطني واتساع شموليته وتنوع أشكاله، وكانت (حركة المقاومة السرية) التنظيم العسكري السري المنظم الأول.
ازدياد النضج لدى المؤسسات الوطنية واتساع جماهيريتها، حيث استقطبت قطاعات شبابية واسعة من المثقفين والوطنيين الشباب.
ازدياد الشعور لدى الناس بالخطر الذي تشكله أجهزة الاستخبارات.
تفجر الانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وما أحدثته من تأثير بالغ على الجماهير.
إجمالًا، تطورت العملية النضالية في الجولان، خلال سنيّ ما بعد الإضراب حتى العام 1990، وهنا لا بد من الإشارة إلى الإخفاقات التي رافقت المسيرة النضالية، والتي انعكست على الحياة السياسية في الجولان منها: بروز بعض الخلافات السياسية والفكرية بين المؤسسات الوطنية وانعكاسها على جماهيرنا وبقائها دون حلول مدة طويلة، وهذا ما أدى إلى انخفاض مستوى العمل الوطني ومستوى النضال، نتيجة الابتعاد عن روح العمل الوحدوي الجماعي القائم على التنسيق والتشاور وصياغة البرنامج. وإقدام العدو عبر عملائه بزرع الدسائس والمكائد في صفوف الوطنيين، والتأثير على فاعليتهم، ونشر الخلافات وتعزيزها بينهم، ولعل الخلافات التي كانت تحدث قبيل المخيمات الصيفية مع أطراف اجتماعية ضيقة الأفق والتفكير، ومرحلة الفاكسات والوشايات وتأسيس الجمعية العربية للتطوير (الجولان للتنمية لاحقًا) بعد السماح للبعض من زيارة الوطن، خير مثال على ذلك. واستمرار بعض الفئات اللاوطنية “والمحايدة ظاهريًا” بلعب دور الوسيط والمهادن بين جماهيرنا وسلطة الاحتلال، واستمرارها بتأدية دور المهدئ في أي مواجهة ومعارضتها للتصعيد في العلن والسر على السواء.
خلاصة القول أن الحركة الوطنية الجماهيرية في الجولان استمرت في عطائها، رغمًا عن الخلافات التي تتلاشى، ورغم العراقيل التي وضعها البعض عن قصد أو دون قصد، حيث كان لا بد لشعبنا في الجولان، أن يتدارك الواقع الذي آلت إليه الأمور في الجولان، من انفلات وفوضى بسبب انعدام السلطة الوطنية المركزية، وانعدام وجود القوة الرادعة لأي متسيب ومتهور لقضايا مجتمعنا، بخاصة أن البدائل التي من المفروض عليها أن تقوم بهذه الوظائف الاجتماعية عاجزة عن تقديم البرامج والحلول، فالمؤسسة الدينية التي دفعها الشباب الوطني الواعي فيما مضى، ليكون لها الدور الأكبر في صنع المواجهات مع المحتل، أصبح كل همها واهتمامها بالجوانب الاجتماعية السطحية، والأمور الشخصية، متجاهلة حجم الأعباء وحجم الخطر الكبير الذي يتهدد أبناء مجتمعنا، سياسيًا وتربويًا واجتماعيًا. والمؤسسات الوطنية اهتمت بمشكلاتها وصراعاتها الداخلية، وتناسى وأهمل أعضاؤها حجم وأهمية الدور والواجب الملقى على كواهلها، خاصة في ظل ظروف محلية وعربية ودولية تستوجب منها الوقوف بحزم، أمام محاولة السلطة الإسرائيلية ووسائل إعلامها الترويج للأسرلة، ووصم النضال والمقاومة بالإرهاب، وتغذية القيم الاستهلاكية لتحل محل القيم التربوية والإنسانية، التي ميزت مجتمعاتنا الشرقية عامة، وفرض سياسة التجهيل التام في المدارس والمؤسسات التعليمية في تاريخ منطقتنا وتجاهل الإشراقات الحضارية التي يملكها شعبنا.
سنوات طويلة مضت منذ الإضراب التاريخي لسكان الجولان، كانت عبارة عن حرب إرادات يومية، لاجتثاث الانتماء وأصول هذا الشعب العريق الذي يصارع من أجل بقائه ووجوده بحرية وكرامة منذ سبعة أعوام، بعد أن انقض حكامه عليه، واستجلبوا هذه الحرب الدولية القذرة على ثرى الوطن السوري.
أيمن أبو جبل
[ad_1]
[ad_2]
[sociallocker]
جيرون