الهيئة العليا للمفاوضات تستجمع خياراتها وأوراقها



تحاول الهيئة العليا للمفاوضات السورية تجميع أوراقها وخياراتها -وفق ما قال مصدر معارض لـ (جيرون)- وذلك عبر لقاءات مكثفة مع مسؤولين دوليين وفعاليات ثورية سورية، في وقتٍ يُتوقع فيه أن يكون دي ميستورا قد وضع المعارضة السورية، أمس الجمعة، أمام خيارات محدودة لها في المرحلة القادمة، في ظل تشابك السلال السياسية في سورية، ما بين جنيف وأستانا وسوتشي ومجلس الأمن.

ذكر المصدر -الذي حضر مؤتمر سوتشي- أن المبعوث الأممي وضَع المعارضة السورية -متمثلة في الهيئة- أمام حقيقة دورها المتوقع في إطار جهود الأمم المتحدة القادمة لحل القضية السورية؛ ما يعني أن الخيارات أمام الهيئة ستكون محدودة في أروقة الأمم المتحدة، وسيكون أمامها القليل من الوقت حتى تتخذ مسارها وتستجمع أوراقها.

كما علمت (جيرون) من مصدر آخر -فضل عدم الكشف عن اسمه- أن ملف سوتشي الذي يبدو أنه معلق حتى اللحظة هو بانتظار قرار من الأمم المتحدة؛ لجعل مخرجاته مسارًا جديدًا في الملف السوري، ومن غير المستبعد أن نشهد في المرحلة القادمة قرارًا أمميًا، يذهب تجاه اللجنة الدستورية والانتخابات الرئاسية في سورية.

في السياق، التقى وفد الهيئة العليا للمفاوضات، برئاسة نصر الحريري، الأمينَ العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس، والمبعوثَ الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أمس الجمعة على هامش أعمال مؤتمر الأمن في ميونخ. وبحثوا تطورات الملف السوري، لا سيما “التحضيرات الجارية لجولة المفاوضات القادمة والجهود المبذولة لتحقيق حل سياسي منصف وعادل، تحت سقف قرارات الأمم المتحدة”، وفق ما ذكرت الهيئة عبر موقعها الرسمي.

جرى خلال اللقاء “استعراض مستجدات تشكيل اللجنة الدستورية التي كُلف بها المبعوث الدولي”، حيث أكد الحريري أن “دفع عملية الحل السياسي واجب أممي، لا بدّ من قيام المجتمع الدولي به بأسرع وقت ممكن”. في حين صرّح الأمين العام للأمم المتحدة بأن “الأمم المتحدة لن تدخر جهدًا تجاه الوضع الإنساني ووقف تدهوره… وستبذل ما بوسعها لإنجاح الجولة القادمة من المفاوضات”.

من جانب آخر، قال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري المعارض يحيى مكتبي: إن “الهيئة العليا للمفاوضات حتى الآن تخوض معركة المفاوضات بطريقة جيدة، والممكنات تبنى على مسألة رئيسية، هي تطبيق بيان جنيف رقم 1 والقرار 2254، وجوهر هذا الأمر هو عملية انتقال سياسي”.

أضاف في تصريحات لـ (جيرون) أن “هناك العديد من التراجعات بالنسبة للوضع السياسي في سورية، وهو ما جعل الدول تتراخى في بعض الزوايا، لكن في نهاية المطاف يجب أن يكون هناك تمسك بجوهر العملية (السياسية) وإلا؛ فلن يكون هناك تحول حقيقي في سورية -من نظام الاستبداد إلى نظام الديمقراطية، ومن جيش غرق في دماء السوريين إلى جيش وطني يحمي الوطن والمواطن- هذه الأمور لا يمكن أن تحصل دون انتقال سياسي”.

عدّ مكتبي أن “التحديات كبيرة أمام الهيئة العليا للمفاوضات”، معقبًا في الوقت ذاته: “هناك اجتهاد من قبلهم (الوفد المفاوض)، من أجل مواجهة هذه التحديات في أفضل وضعية ممكنة”، مشيرًا إلى أنه “منذ شهرين أو ثلاثة أشهر، بدأت تطل الدبلوماسية الأميركية على المشهد في سورية، ولقاء وزير الخارجية الأميركي مع وفد الهيئة، قبل أيام، مؤشرٌ إيجابي”.

شدد أيضًا على ضرورة “عودة واشنطن بفاعلية، لتدفع العملية السياسية إلى الأمام من خلال جر نظام الأسد إلى طاولة المفاوضات، والضغط على الجانب الروسي من أجل وقف عمليات القصف الجوي -خصوصًا في الغوطة الشرقية وإدلب- ولو وجدت الإرادة الأميركية؛ فسيكون هناك تغير في ملامح المشهد السوري على الصعيدين السياسي والميداني”.

إلى ذلك، التقى الوفد المعارض، أمس الجمعة، وزيرة خارجية النرويج أينه سوريدا، وكبير أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني جون واد بل، وتطرق الحضور إلى الملف “الإنساني الحرج الذي وصلت إليه معظم المناطق في سورية، كإدلب والغوطة التي قصفها النظام بالأسلحة المحرمة دوليًا، واستهدافه للبنية التحتية والمستشفيات ومراكز الإسعاف بالأسلحة الثقيلة”، وفق ما ذكر موقع الهيئة.

وكانت الهيئة قد التقت قبل أيام -في العاصمة الأردنية عمان- وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، كلا على حدة، وذكرت الهيئة أن اللقاء مع الجانب الأميركي كان مثمرًا، وعكس اتفاقًا بين الطرفين حيال القضايا الرئيسية في الملف السوري.


صبحي فرنجية


المصدر
جيرون