نظام الأسد والميليشيات الكردية ..عقود من التعاون وتقاطع المصالح



السورية نت - شادي السيد

أظهرت التطورات الأخيرة، ولا سيما بعد سيطرة ميليشيا "حزب الاتحاد الديمقراطي(ب ي د)" والذي يعد امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني (بي كا كا)" المصنف إرهابيا، على مساحات كبيرة شمالي سوريا، حجم التعاون الوثيق الذي يمتد لعقود بين نظام بشار الأسد والتنظيم الإرهابي.

وحسب معلومات جمعتها وكالة "الأناضول" من مصادر موثوقة، يعود تاريخ وجود تنظيم "بي كا كا" الإرهابي في سوريا إلى عام 1979، مع هروب زعيم التنظيم، عبد الله أوجلان إلى هناك.

وفي سوريا، عقد أوجلان، العديد من المؤتمرات والفعاليات بإشراف النظام، إبان حكم (الراحل) حافظ الأسد؛ حيث أدار أوجلان تنظيمه الإرهابي من هناك لمدة 19 عاما.

بدوره، أعفى نظام الأسد، الأكراد الذين ينتمون إلى "بي كا كا"، من خدمة الجيش، حتى أنه في تسعينيات القرن الماضي، شكل السوريون السواد الأكبر من التنظيم الإرهابي، بسبب دعم وتسهيل نظام الأسد الانضمام إليه.

كما درب النظام مسلحي "بي كا كا" لسنوات طويلة في مخيمات عسكرية، وهدف من وراء ذلك، إرسالهم إلى تركيا.

لكن عقب اتفاقية أضنة بين تركيا وسوريا عام 1998، تم طرد أوجلان من سوريا.

وبعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، أخفت النظام بالاغتيالات صوت المعارضة الكردية، وعلى رأسهم "مشعل تمو" زعيم حزب "تيار المستقبل"، وبالمقابل سهلت من حركة تنظيم "بي كا كا" داخل الأكراد.

وعقب تأسيس المجلس الوطني الكردي في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، في مدينة أربيل العراقية، بدأ ميليشيا "ب ي د" في سوريا (تصنفها أنقرة إرهابي)، باعتقال أعضاء المجلس.

ومع اندلاع الأحداث في سوريا أطلق نظام بشار الأسد، سراح حوالي 700 سجين من "ب ي د" من المعتقلات.

وشكل 900 شخص من "بي كا كا"، العمود الفقري للتنظيم الذي سيظهر بقناع جديد في سوريا تحت اسم "ب ي د".

وبعد قضاء "ب ي د" على معارضيه في المناطق الكردية، بدأ النظام بسحب قواته من مناطق عفرين وعين العرب والقامشلي، ليترك إدارتها لتنظيم "ب ي د".

ونهاية 2012، دعم نظام الأسد مسلحي "ي ب ك" في مناطق القامشلي والدرباسية والمالكية، القريبة من الحدود التركية بالسلاح والذخيرة، وأعطى النظام حصة من عائدات حقل رميلان النفطي لتنظيم "ب ي د".

من جهة أخرى، بدأ التنظيم في الحصول على الأسلحة والدعم الجوي من الولايات المتحدة بعد حصار تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي مدينة "عين العرب (كوباني)" التابعة لمحافظة حلب، شمالي سوريا (2014)، وحاول التنظيم توحيد المناطق التي سيطرة عيها مستفيدا من التحالف مع الولايات المتحدة ونظام الأسد.

وعقب سيطرته على "تل أبيض" في 2015 (مدينة تابعة لمحافظة الرقة شمالي سوريا)، نفذ عمليات تطهير عرقي وتهجير بحق سكانها العرب والتركمان، وشكّل خطا يربط بين "عين العرب" ومناطق شمال شرقي سوريا.

واستمر دعم أمريكا والنظام المقدم للتنظيم الإرهابي خلال عمليات السيطرة على مدينة "منبج" (تابعة لحلب) في أغسطس/آب 2016 ، ومحافظة الرقة في 2017، وذلك بعد أن كانتا تحت حكم "تنظيم الدولة".

وإبان عملية "درع الفرات" التي أطلقها الجيش السوري الحر بدعم من الجيش التركي في 2016، ضد تنظيمي "ب ي د"، و"تنظيم الدولة"، عاد "ب ي د"، واتفق مع النظام مرة أخرى لمنع تقدم قوات "درع الفرات" نحو "منبج" (غربي نهر الفرات)، وسلّم الجزء الغربي منها إلى نظام الأسد.

ونفذت قوات الجيش التركي، خلال الفترة من أغسطس/آب 2016 وحتى مارس/آذار 2017، عملية "درع الفرات" دعما للجيش السوري الحر، ونجحت العملية في طرد "تنظيم الدولة" الإرهابي، من مناطق واسعة شمالي سوريا، بلغت مساحتها ألفين و55 كيلومترا مربعا.

وعقب انطلاق عملية "غصن الزيتون" في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، اقترح "ب ي د" تسليم المدينة للنظام من أجل ما أسماه "حماية المدينة التي هي جزء لا يتجزأ من سوريا"، بحسب بيان صادر عنه.

ويواصل الجيشان التركي و"السوري الحر" منذ 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، عملية "غصن الزيتون" التي تستهدف المواقع العسكرية للتنظيمات الإرهابية شمالي سوريا، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتجنيب المدنيين أية أضرار.

وفي مقابلة مع "الأناضول"، قال رئيس قسم العلاقات الدولية في كلية العلوم الاقتصادية والإدارية بجامعة "يلدز" التقنية بإسطنبول، محمد عاكف أوكور، إن "التنظيم يقيم علاقات مع جميع القوى تقريبا في سوريا، بعضها بشكل كثيف، وأخرى أقل كثافة،.. عندما تتغير الظروف والتوازنات، يبحث التنظيم عن رعاة وأسياد جدد لهم".

وأضاف: "في حال اقتنع التنظيم بفكرة إمكانية توصل تركيا وأمريكا لاتفاق في نقطة ما، عندها سيبدأ في البحث عن راعي آخر له".

اقرأ أيضا: اليد الطولى للموالين والشرخ واضح بين أحيائها.. صحيفة تستطلع خفايا سيطرة النظام على مدينة حمص




المصدر