“الحصار”.. كتابٌ يرصد حصار “حي الوعر” في حمص



“الحصار” مجموعة قصصية أصدرتها حديثًا (دار ميسلون للطباعة والنشر والتوزيع)، من تأليف الأديب القاص عبد الحفيظ الحافظ، كتبها خلال فترة الحصار الظالم لمدينته حمص/ الوعر، طوال ما يزيد عن خمس سنوات، راويًا فيها قصصًا حية طالت مناحي الحياة كلها، عن حياة عاشها كانت كابوسًا لا نهاية له، تحت وابل صنوف القذائف، من طلقة القناص إلى قذيفة الهاون.

جاءت هذه القصص مختلفةً عن مجموعاته القصصية السابقة التي كانت بلا حصار ولا قذائف، فقد تحدث فيها عن كوكبة من الأبطال (أشياء وحيوانات وبشر وشجر)، اشتركت في تسطير ملاحم الصمود والصبر والبطولة؛ حيث أكلوا ما لا يُؤكل وكان الموت يطاردهم وانتظروه بلا اكتراث. من حمص التي تنشد أهلًا غادروها مكرهين، من الثورة التي ما زالت على قدميها تهتف: الشعب يريد إسقاط النظام، يبثّ إلينا الكاتب صوره الملونة، وأحيانًا أبيضها وأسودها من تلبيسة؛ إذ لم تنسِه السنون ثدي أمّ فارقته، وهو بحجم وردة، ولم تبدد رياحٌ عبرت عطرها الذي لا ينفد.

تقدّم الدار عبد الحفيظ الحافظ في مجموعة قصصية جديدة، الكاتب الذي يزاول قلبه، والسياسي المناضل الذي جعل من حياته الغنية بالمعنى -لجيل واكبه ولأجيال لحقت به- مثالًا للوطنية كيف تكون، وكيف يتشبث المحاصَر بأثداء الأرض، وكيف يقارَع طغيان الظلم والاستبداد بصوت لا يخفت، وبكلمة لا يهزمها جبروت سيف.

يسرد فيها الأديب الحافظ، بصدق لا يدانيه صدق، ما يتوارى عن عيوننا، وما يلوذ بالعمق من معادلات الحياة ومفارقاتها، في قصص قصيرة لا تقيم وزنًا لغير ما يعنينا من حقائقها، وما يمس أغلبنا من أوجاعها، فيحبكها الحافظ في مخيلته السادّة لفجواتها؛ لتتنهّر لغةً حيةً، لا ضفاف لها، لغة تأنف التأطير، وتمهَر في تكعيب الأمل، وفي تسطيح اليأس، ثم محوه.


جيرون


المصدر
جيرون