الصراع على النفوذ هل ينتهي بتقسيم سورية
21 شباط (فبراير - فيفري)، 2018
تعاظم الحديث مؤخرًا عن وجود مخطط لتقسيم سورية، لا سيما وسط دعم تقدمه واشنطن لـ “قوات سورية الديمقراطية”، يقابله دعم تقدمه طهران للنظام، ككينونة طائفية قريبة منها تضمن تموضعها في سورية، في حين يعتقد باحثون أن التقسيم المحتمل والمُتحدث عنه غير قابل للتنفيذ في سورية.
يقول الكاتب عبد الباري عثمان، في حديث لـ (جيرون)، إنه لا يرى “غير مشروع أميركي واحد، هو تثبيت وجود واشنطن العسكري في المنطقة، من خلال بناء قاعدة أميركية دائمة كقاعدة (حميميم) الروسية، للحفاظ على مصالحهم”، مشيرًا إلى أن “مشروع (روج آفا) سيكون في حوض الجزيرة والفرات تحت حماية أميركية، حسب دراسة مركز (راند) الأميركي، وبإدارة ذاتية متفق عليها مع (قوات سورية الديمقراطية)”.
تابع: “أرى سورية غير قابلة للتقسيم في المدى البعيد، لكنها بالواقع الحالي مقسمة، حسب المصالح الدولية، والصراع الحاصل بين الدول الإقليمية وأميركا وروسيا مرده شعور بعض الدول الإقليمية بالغبن في حقها بسورية”.
من جانب آخر، قال الباحث بيان الحجار: “لو كان هناك مشروع أميركي قيد التنفيذ بإقامة كيان كردي مستقل في المنطقة؛ لكانت أميركا دعمت نتيجة الاستفتاء الذي جرى في كردستان العراق تمهيدًا لذلك، خصوصًا أن هدفه هو انفصال الإقليم عن العراق، وكان ذلك مناسبًا أكثر لأميركا، حتى تزعج إيران من الباب نفسه”.
أضاف لـ (جيرون): “أعتقد أن الأميركيين يديرون حربًا باردة مع الروس على الساحة السورية؛ كي يكون لهم كلمتهم الفاصلة في الحل السوري التي توازي الثقل الروسي، وصحيح أن أي كردي يحلم بدولة قومية لشعبه على أراض من سورية والعراق وإيران وتركيا، لكن الفاعلين منهم يدركون استحالة ذلك في المدى المنظور، ويكتفي المتشددون بتحقيق وضع محلي خاص بهم، مضافًا إليه حرية التنقل بين أقاليمهم، لذلك فإن أنصار أوجلان يطرحون مفاهيم من قبيل اتحاد شعوب شرق المتوسط، والأمة الديمقراطية، والمجتمع الديمقراطي الذي يتيح لهم حكمًا ذاتيًا واسع الصلاحيات عابر للحدود السياسية”.
الكاتب مازن عدي قال من جانبه: “على الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية صاحبة القرار الأكبر في مستقبل الوضع السوري، لكنها ليست اللاعب الوحيد”، وأضاف في حديث لـ (جيرون) أن “قواعد الصراع على النفوذ والسيطرة، بين الأطراف الدولية والإقليمية على الساحة السورية، تغيّرت في مرحلة ما بعد (داعش)، وما بعد سوتشي، وما زالت غير مستقرة، وما يُطرح من مشاريع وتصورات هي محاولات تكريس أمر واقع، وبعض المشاريع التي يجري تسريبها يمكن استخدامها كأوراق ضغط، ولا أعتقد أن المشروع المذكور قابل للتحقيق، لأن للأميركيين مصالحهم الاستراتيجية مع الدولة التركية، وهي أهمّ على المدى البعيد، من علاقتهم الوطيدة مع (حزب الاتحاد الديمقراطي) الذي يستخدمونه كأداة عسكرية تنفيذية لمشاريع سيطرتهم المباشرة على مناطق النفط والغاز، وحماية قواعدهم العسكرية الجديدة”.
أما الكاتب والمعارض السوري عبد الباسط حمودة، فيرى أن “القوى الدولية المتنافسة، قبل مئة عام، لم تكن متعاطفة مع شعوبنا في مساعيها للتحرر، وإنما ركزت على مصالحها في ثروات المنطقة. ومن هنا؛ شكلت مظالم شعوبنا الغطاء المناسب للقوى الكبرى، في إعادة ترسيم الحدود وفقًا لمصالحها”.
وأوضح خلال حديثه مع (جيرون) أن الباحثين “اكتشفوا لاحقًا أن الأساس الموضوعي لتقسيم (سايكس- بيكو) تمثل في ثروات المنطقة النفطية، مثلما كان توازن القوى الطائفي والديموغرافي داخل الدول الجديدة، وما حولها محددًا ومساندًا لهذه الخرائط، ومثلما تطلعت شعوب المشرق للخلاص والتحرر، قبل قرن مضى، يتطلع الشعب السوري اليوم إلى حريته وأمنه الذي يُستباح من قبل نظامه الفاشي والوظيفي المجرم، وتبدو تداعيات وعقابيل الثورة في سورية راهنًا غطاءً مناسبًا لخريطة جديدة للمشرق العربي”.
وتابع: “ليست خرائط التقسيم المُحتمل للمشرق العربي مجرد مؤامرات تُدبر بليل، وإنما توازنات قوى جديدة تعكس احتدام تنافس دولي على ثروات سورية، وينزل ذلك السيناريو إلى أرض الواقع، باستخدام حساسيات طائفية وتباينات جهوية، ظلت حاضرة وقائمة وكرستها الممارسات الفاشلة المستبدة للدولة في المشرق، طيلة العقود الممتدة من (سايكس- بيكو) إلى اليوم”.
ختم قائلًا: “كما فشل الاحتلال الفرنسي بفرض التقسيم حينذاك، سيفشل مشروع التقسيم الذي تروج له كل الاحتلالات القائمة والمعادية لثورتنا ولطموحات شعبنا، كل ذلك مرهون بالإرادة الثورية والوعي الجاد بضرورة توحيد نسيج قوى الثورة الوطني المعارض”.
أحمد مظهر سعدو
[sociallocker]
جيرون