لماذا قتل الأميركيون الروسَ بقسوة في سورية؟



من سيجيب على السؤال: لماذا لدينا دائمًا الكثير من الأعداء طوال تاريخنا؟

يرد القارئ الوطني قائلًا: “لدينا الكثير من الأراضي والموارد الطبيعية… وهي محط أطماع أعدائنا”!!

يرد المسيحي الوطني الروسي: “نحن أمة عظيمة”. جلبنا النور والخير للعالم، ولذلك نحن محط كراهية”!!

فقط رجل حكيم يقول: “هناك الكثير من الأسباب. ولكن يمكن القول إن خطيئة الأسد نزلت بنا لا بسوانا؛ فالحرب تجعلنا ننفق أموالنا على الدفاع، ووجود العدو يبرر معاناة الناس من الفقر، فالدفاع يأتي أولًا.. منذ القدم، نحن نزحف إلى بلدان أخرى؛ تارة بذريعة الوصول إلى المياه الدافئة، ومن ثم نشر الفكر الاشتراكي، وبعد ذلك حماية الأنظمة القمعية المجرمة، ومع ذلك نحتاج إلى معرفة رأي الجانب الآخر”.

ماذا سيقول لنا أميركي بسيط؟

– بول، مرحبًا. أنت مواطن معروف في أميركا، ولكن ولدت في أوكرانيا، وعملت في روسيا… نحن نعرف أنك إنسان ورع جدًا ومنطقي… ماذا يمكن أن تقول عن الوجود الروسي في سورية؟ ولماذا قتلت أميركا الجيش الروسي؟

= نعم، دخلت الحربُ في سورية مرحلة الحقيقة. للأسف ليس من الجانب الروسي. بلغ عدد العسكريين الروس الذين قتلوا في سورية 644 شخصًا، وهذه ليست معطيات دقيقة، فهناك مفقودون، وهناك من هرب خلال العمليات العسكرية، ولا نعلم عنهم شيئًا… وإلى روسيا، تم إرسال أشلاء مزقتها الانفجارات.

– يعني هناك حالة من الفوضى، وهناك الجحيم. “لماذا حدث هذا؟”.

= الحقيقة هي أن التحالف الموالي للأسد ومعهم روسيا، سيطروا على الأراضي، الفقيرة بالنفط. من حيث المبدأ، كان هذا هو الخلاف من أجل إطلاق العنان للحرب. قررت روسيا التصرف بوسائل مخادعة، ولكن بطريقة هادئة، ساعية وراء مصالحها، وتجاهل مصالح الآخرين.

علمت المخابرات الأميركية أن روسيا مع حلفائها تستعد لشن هجوم على منطقة غنية بالنفط، إلا أن روسيا سبق أن صرحت بأنها لا تعتزم شن أي هجوم. حذرها الأميركيون من أننا سندافع عن هذه الأراضي. لكن الروس قالوا: نحن نعلم أن هذه هي أقاليمكم، وأنها لا تهمنا، وبالتالي لا يمكننا التخطيط لأي هجوم. “حسنا!” أجاب الأميركيون. وعندما بدأت القوات الروسية بالهجوم، شنت أميركا واحدة من أشد العمليات العسكرية ضراوة.

– ما هي نسب الخسائر؟

= 644 قتيلًا من المهاجمين. وجرح واحد من جانب المدافعين. تم سحق المهاجمين حتى دون إعطائهم فرصة للتراجع.

انظر ما تقول وسائل الإعلام الروسية: الروس هاجموا أولًا، والأميركيون تراجعوا. قرر الروس أن النصر كان بالفعل على رؤوس أنوفهم، وبدؤوا في دفع المزيد من الاحتياط لتعزيز الصفوف إلا أن هذه الاحتياطيات تم قصفها. جرى استخدام سلاح المدفعية الدقيق، وبلحظات تم القضاء على الأباتشي وطائرات الموجهة… وتم تدمير ما يقارب 90 بالمئة من التكنولوجيا، و80 بالمئة من القوى المهاجمة قتلوا في الدقائق الأولى من المعركة.

– شيء مشين…

= ثم ظهرت الحقيقة؛ فمن لقي مصرعه هم شباب روسيا…

– حقيقة قاسية… “قاسية جدًا”.

= هل تريد أن تفهم لماذا حدث هذا؟

– نعم. نحن بحاجة إلى الموضوعية.

= مُعلِّقًا على الهجوم، قال وزير الدفاع الأميركي ما يلي: “طلبنا من الروس وقف الهجوم، لكنهم قالوا إن قواتهم ليست هناك، وإنها لا يمكن أن تؤثر على الوضع”.

نحن في أي مكان… نحن فقط في التوابيت… الرب وحده يعلم!!! روسيا ترسل الرجال إلى الذبح… إلى الذبح… وفي لحظة الحقيقة تتخلى عنهم على الفور… كابوس…

– نعم. ولكن قل لي، ماذا سيفعل الأميركيون في هذه الحالة؟ قرر الأميركيون الدفاع عن أنفسهم ضد هذا الهجوم. وهم لم يُطلقوا النار على الروس، أطلقوا النار على أولئك الذين بدؤوا الهجوم. هذا هو معنى ما قاله وزير الدفاع الأميركي:

= نعم… لم يُعرب أحد عن تعازيه لروسيا. لأن العالم كله يعرف ما حدث حقًا…

– مِنَ المدهش ردة فعل الجانب الروسي. لم يحفل الإعلام الروسي الرسمي بمقتل 215 شخصًا، أمر غير مهم. واستقبلت السلطات الروسية الخبر وكأنه شربة ماء. وفي اليوم التالي، ضربت (إسرائيل) 12 هدفًا في سورية، بما في ذلك ثلاثة مجمعات للدفاع الجوي. وأعرب بوتين عن استيائه من نتنياهو؛ فأجابت (إسرائيل) بأنها ستطارد وتقضي على الإرهابيين أينما رأت ذلك مناسبًا. والولايات المتحدة تؤيد (إسرائيل) تمامًا.

صمتت روسيا… ولم تعلن الحداد على قتلاها الذين تجاوزوا المئة… شهدنا بعد ذلك كارثة الطائرة المدنية (إن-148) التي انفجرت في الهواء، واحتلت الخبر الأول في الإعلام. يبدو لي شخصيًا أن هذين الحدثين مترابطين جدًا. أرى أن كارثة الطائرة غطت وحولت انتباه الروس عن المأساة التي حدث في سورية. ومرة أخرى لا حداد. الحكومة الروسية تعود إلى رشدها وأدركت تمامًا حقيقة دعايتها عن الجيش الذي لا يُقهر، في أول يوم من معركة حقيقية. أنا نفسي الآن أطرح السؤال: لماذا عبر الأميركيون الخط وبدؤوا في قتل الروس؟ وفي الوقت نفسه لديهم معرفة بالأسلحة النووية الروسية؟ هل تتذكرون تصريح ترامب؟ عند الإجابة على سؤال أحد الصحفيين: ماذا ستفعل إذا كانت الطائرة الروسية تحلق بالقرب من طائرته؟ أجاب: سأطلب من بوتين الابتعاد، وإذا لم يفعل؛ فسأدمّر الهدف. وهذا تأكيد واضح لما قاله ترامب. حذّر الروس فلم يستجيبوا لطلبه؛ فدمرهم. تخضع جميع حقول النفط الرئيسية لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة من أميركا، أي أنها منطقة مصالح أميركية، وعلى روسيا أن تستنتج: عدم الذهاب إلى حيث لم يُطلب منها.

– هل هناك استنتاج ثالث؟

= نعم. أظهر الأميركيون للعالم كيف يمكنهم القتال، وما هي إمكانية الجيش الأميركي في القتال الحقيقي.

– تحدثت وسائل الإعلام الروسية عن قسوة الأميركيين غير المسبوقة. صحيح أن وسائل الإعلام الروسية ليس لديها ما تقوله عن القسوة تجاه فقرائها، ولكن الإنترنت كله قد كتب عن قسوة شخص آخر.

= بعد ساعتين من القتال، طلب الروس من الأميركيين ساعة هدنة من أجل إخراج جثث القتلى. لكن الأميركيين رفضوا ذلك. لماذا؟ لأن هناك العديد من الأمثلة على خداع روسيا. فأي معاهدة مع هذا البلد لا قيمة لها. سبق لبسمارك أن قال جملة شهيرة: “إذا لم تكذب روسيا؛ فكل شيء سيكون مختلفًا”.

– يقول بافل: درسنا وثائق تاريخية مهمة حتى نتمكن من الدفاع عن بلدنا. أما الفترة الأخيرة من تاريخنا فهي مظلمة وتشوبها الأكاذيب والحقائق المزيفة. سبق أن دفنّا شبابنا في أفغانستان وأوكرانيا والشيشان، أما المعوقون من تلك الحروب فهم يعيشون في فقر مدقع. ولا أحد يُفكّر فيهم كأبطال، وقد ضحوا بحياتهم معتقدين أنهم كانوا على حق، ومارسوا فعل القتل بحق أبناء تلك البلدان. الآن العديد من الوثائق باتت مفتوحة، تقول إنهم كانوا كاذبون، عندما قالوا لنا إنه إذا لم نكن هناك؛ فستكون هناك أميركا… مع ظهور مفهوم الروسية، طفت على السطح أنواع أخرى من الكوابيس: مرتزقة وفقر وحرب وبطالة… جيشنا يشكو: الأميركيون ببساطة قتلونا… هذه الشكوى مثيرة للدهشة. إلى أين أرسلتم هؤلاء الصبية؟ وإذا كان ميزان القوى ليس في صالحكم؛ فستضطرون إلى استجداء الأميركيين حتى تقبيل أيديهم؟ ذهابكم إلى الحرب يعني إما أن تَقتل أو تُقتل. ألم تسمعوا بهذا الكلام من قبل!! يتعلم العالم العيش دون حروب. فهناك كل الإمكانات متاحة للتفاوض… وما دامت أرضك الطيبة قد قدمت لك النفط وغاز؛ فلماذا تذهب إلى منطقة أخرى؟ إذا لم تكن بهدف السرقة، وممارسة قوانين الغاب… كيف يمكن أن نعيش… دون عار، دون الإحساس بالعدالة.

عنوان المقالة الأصلي Почему американцы так жестоко убили россиян в Сирии? الكاتب أولغا وأليكساندر بيليافسكي المصدر АКИ  РАМА الرابط https://goo.gl/o94kUj المترجم هادي الدمشقي


هادي الدمشقي


المصدر
جيرون