حقوقيون سوريون: قصف الغوطة الشرقية “جريمة حرب”



يواصل طيران النظام والطيران الروسي، لليوم الخامس على التوالي، استهداف المدنيين والتجمعات السكنية والنقاط الطبية، بشكل عنيف؛ ما أسفر عن استشهاد أكثر من 300 مدني، بينهم 76 طفلًا، وإصابة أكثر من 1650 آخرين بجروح، وسط حملة عسكرية هي “الأشرس” منذ عام 2013 حتى الآن.

ومن المحتمل أن يصوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الخميس، على مشروع قانون يطالب بوقفٍ لإطلاق النار لمدة ثلاثين يومًا؛ لإفساح المجال أمام وصول المساعدات الإنسانية، وعمليات إجلاء المرضى والمصابين، وسط مخاوف من استخدام روسيا حق النقض (الفيتو)، لمنع تبني مشروع القرار.

أعرب ستيفان دي ميستورا موفد الأمم المتحدة في سورية، عن أمله في “أن يوافق مجلس الأمن الدولي على قرارٍ يدعو إلى وقف لإطلاق النار في الغوطة الشرقية”، لكنه حذر من أن الأمر لن يكون سهلًا.

(منظمة العفو الدولية) وصفَت ما يرتكبه النظام السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية، بأنه “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. لافتة إلى “أنها ليست المرة الأولى التي يقف فيها المجتمع الدولي متفرجًا على الانتهاكات التي يرتكبها النظام بحق المدنيين في سورية؛ الأمر الذي أدى إلى إفلاته من العقاب، حتى بات يسقط يوميًا عشرات الضحايا في الغوطة الشرقية”.

ديانا سمعان، الباحثة المعنية بالشأن السوري في المنظمة، قالت: “إن النظام السوري، بدعم من روسيا، يستهدف عمدًا المدنيين في الغوطة الشرقية. فالسكان لم يعانوا حصارًا قاسيًا، خلال السنوات الست الماضية فحسب، بل إنهم محاصرون الآن تحت وابل يومي من الهجمات التي تتعمد قتلهم وتشويههم، والتي تشكل جرائم حرب سافرة”.

دعت سمعان مجلسَ الأمن الدولي لتنفيذ قراراته الخاصة التي تدعو إلى إنهاء الحصار على المناطق المدنية، ووضع حد للهجمات على المدنيين، والعمل على وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. مؤكدة ضرورة أن “يبعث مجلس الأمن رسالة قوية، مفادها أن لن يكون هناك إفلات من العقاب لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. فهذه الكارثة الواقعة في الغوطة الشرقية ما هي إلا مثال حي على الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون، من جراء الإفلات من العقاب على ما ارتُكب من فظائع جماعية”.

قال المحامي السوري أنور البني، رئيس المركز السوري للأبحاث والدراسات القانونية: “إن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سورية لم تبدأ اليوم، وإنما منذ بداية الثورة”. وأضاف في تصريح خاص لـ (جيرون): “للأسف، سبل العدالة ومحاكمة المجرمين مغلقة بالـ (فيتو) الروسي الصيني، أمام مجلس الأمن الدولي، ولا يمكن فتح ملف الجرائم أمام محكمة الجنايات الدولية دون قرار منه”.

أضاف البني: “هناك أمل باستخدام الصلاحية العالمية لدى محاكم بعض الدول، لكن هذه الصلاحية تحتاج إلى أدلة قضائية حسية ومقنعة، وليس فقط إلى توثيق حقوقي وبيانات”. وتابع: “وبالتالي؛ جرائم مثل تلك التي تُرتكب في الغوطة الشرقية أو غيرها من الجرائم، كالبراميل المتفجرة والكيمياوي والتهجير القسري والإبادة الجماعية، تحتاج إلى تحقيق على الأرض من قبل لجنة دولية مختصة، وتحتاج إلى شهود يقابلهم القضاة الدوليون شخصيًا”.

يرى البني أن “التوثيق الذي يتم الآن من قبل المنظمات الحقوقية سيكون مهمًا جدًا في المستقبل، عندما تفتح أبواب محاكم العدالة الانتقالية في سورية مستقبلًا، وذلك من أجل إثبات الجرائم والحكم على مرتكبيها”.

فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، نفى أي إمكانية في الوقت الحالي لإجراء أي تحرك قانوني يدين النظام وروسيا، لعدم وجود محكمة دولية تستطيع أن تقاضيهم. وأضاف لـ (جيرون): “كل ما نستطيع عمله حاليًا هو تجهيز ملفات توثق انتهاكات النظام وحلفائه، لتكون جاهزة عندما يكون هناك محكمة مختصة تستطيع ادانة النظام”. وتابع موضحًا: “هذا الأمر يُفترض أن تقوم به آلية التحقيق الدولية المستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2016”.

يرى عبد الغني أن “العجز الدولي عن إحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، أعطى الضوء الأخضر للنظام وحلفائه لارتكاب المزيد من الجرائم، لقناعتهم بأنهم سيفلتون من العقاب”. لكنه أكد أن “مثل هذه الانتهاكات والجرائم لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وأن النظام لن يفلت من العقاب مستقبلًا”.

يشار إلى أن مشروع القرار الذي من المرجح أن يصوّت عليه مجلس الأمن اليوم، يُفترض أن يمهد لبدء هدنةٍ، تدخل حيز التنفيذ بعد 72 ساعة على تبنيه وبدء إيصال المساعدات وعمليات الإجلاء الطبي بعد 48 ساعة على ذلك.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون