ليست حربًا بل جريمة حرب



ما يجري في الغوطة ليس حربًا، بل هو جريمة حرب، لا يقوم بها إلا أحط أنواع الكائنات وأكثرها قذارة وحقارة.. جريمة حرب يقوم بها قتَلة سفَلة، يجب ردعهم، بأي وسيلة كانت، وينبغي تذكّر صورهم وأسمائهم ومواقعهم، لمحاكمتهم، ووضعهم في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه المجرمون، في يوم من الأيام، لا شك أنه آت.

ما يجري في الغوطة ليس جريمة، بل جريمة إبادة مُمنهجة، عن سبق إصرار وترصّد، جريمة بحق البشر والحجر والتاريخ والوطن، جريمة لا تُنسى ولا تُغتفر ولا تسقط بالتقادم، ولا يشملها أي عفو من أي نوع، جريمة منظمة يقوم بها نظام مجرم، مارق لا إنساني، يجب وضع حد له، ومعاقبته، مهما طال الزمن.

حتى في زمن الحروب، فإن من يقصف مدينة، أو بلدة، ويستبيحها وأهلها، بسلاح الطيران ومئات الراجمات والمدفعيات، ومن يحوّل مدن بلده إلى حفرة من جهنم، ويدّعي البطولة، ومن يقتل أهله وجيرانه المحاصرين، ويستقوي عليهم بالبراميل والمدافع، أو يُهجّرهم ويستولي على بيوتهم، ويدّعي الشجاعة؛ هو أحط أنواع الكائنات وأسفلها، ومجرم حرب.

من يقتل طفلًا أو امرأة، ولا ينفطر قلبه حزنًا، ولا يصحو ضميره، ولا يرى الكوابيس تحاصره، ليل نهار؛ فهو -بلا شك- أحط أنواع الكائنات، ومجرم حرب أيضًا.

من يُشجّع على قتل البشر، ويُحرّض، ويُحمّس، ويؤيد القتَلة، ويصفّق لهم، ويُبرّر لهم، ويحضهم على أن يزيدوا من عنفهم وبطشهم، ويبارك فعلهم؛ فهو -بالتأكيد- أحط أنواع الكائنات، ومجرم حرب أيضًا.

من يشمت بموت الأبرياء، أو المحاصرين، ولا تعنيه أرواحهم وحيواتهم، ولا يرى فيهم صورة أولاده وأسرته وأهله ورفاقه؛ فهو شريك لأحط أنواع الكائنات، وشريك لمجرم الحرب أيضًا.

ومن يقصف مشفى، أو يُدمّر مركزًا طبيًا، أو مدرسة، أو ملجأ أو مُخيّمًا، لأي سبب كان؛ فلا بد من القصاص منه، طال الزمن أو قصر.

كل هذه البشاعات والفظائع يُمارسها في الغوطة نظامُ الأسد وأسياده وعبيده، وضباط أمنه، وزبانيته، وشبيحته، ومرتزقته الطائفيون، ومؤيدوه، وأشباه مؤيديه من المتخفين بلباس معارضين. وكل هذه البشاعات والموبقات يُمارسها حلفاء النظام السوري، من روس وإيرانيين ولبنانيين وعراقيين، ومرتزقة يدعمونهم من كل أصقاع الأرض.

من يأخذ الصالح بذريعة أخذ الطالح، ومن يقتل من لم يُقاتل، ومن يقتل طفلًا أو امرأة أو شيخًا، ومن يهدم بيتًا ويحوله إلى ركام، ومن يحرق الأشجار المثمرة ويتركها فحمًا، أو يُحرّض على سفك دم البشر أو يرضى به؛ فسيلاحقه العار، ويرافقه الشنار، وتخيّم فوقه الكوابيس، وتخزه نِبالها، وسيناله الثأر لا محالة، وستبقى لعنة دم الأبرياء تركةً ثقيلةً، تتوارثها أُسرته جيلًا وراء جيل، إلى أبد الآبدين.


باسل العودات


المصدر
جيرون