سوريون يتضامنون مع الغوطة



تفاعل السوريون، في الداخل وفي دول اللجوء، مع ما يجري في الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، وحاول كل منهم التعبير عن تضامنه مع الأهالي المحاصرين والصابرين تحت حمم الحقد الذي تنصب عليهم من ميليشيات الأسد وإيران وروسيا، وعبّروا في صفحاتهم على (فيسبوك) عمّا يجول في خواطرهم من هول ما يرونه، ويصلهم من أخبار ومشاهد.

كتبت عفاف أبو إسماعيل تصف ما يحدث: “عار على جبين الإنسانية، تسحق البراعم تحت أقدام الهمجية، يرتجف الموت لآلام الأطفال، يبكي الحجر لآهات الثكالى، في عالم تسوده الوحوش البشرية، يغرق الضمير في غفوة أبدية”.

عبّر نائل بلاوي بطريقته أيضًا، وأوضح أن الشاعر محمود درويش عبر عن نفسه إبان حصار مدينة بيروت في 1982 قائلًا: “أكاد أُجن”، وتابع بلاوي معلقًا: “حصار بيروت هو محض نزهة قصيرة، حين تقارنه بالجحيم السوري الذي تجاوزت حدوده جميع حدود الرعب السابقة التي نعرف”، أردف بلاوي مستعيرًا قول درويش: “أكاد أُجن، ليس لأن القذائف تتساقط فوق رأسي وبيتي في الغوطة الآن، بل بفعل هذا الحصار السديمي المتحقق عبر برودة الكائنات على هذا الكوكب، وكأننا في قلب مغارة جليدية، يفقد ساكنها القدرة العادية على التعاطف والتضامن والإحساس بعذابات الآخر، وموته المُعلن والمرئي، على نحو صارخ وفاضح وجنائزي”.

وعلّق فراس قنطار على صورة لأطفال الغوطة القتلى، قائلًا: إن “الأسد الأهبل وصفهم بالميكروب في حزيران 2011، وتصرف على هذا الأساس، في ظل صمت دولي مخز أشبه بالشراكة في الجريمة”، ولفت إلى أن “التحالف الدولي المزعوم لمواجهة (داعش) لديه الوسائل لوقف الجريمة الأسدية التي فاقت جرائم (داعش) بآلاف المرات، لكنه لا يفعل، هذا الموت في الغوطة هو سقوط للإنسانية وقيمها ومكتسباتها وإنجازاتها الأخلاقية”.

من داخل الغوطة، كتب يمان السيد منشورًا باللهجة المحكية رأى فيه أن الغوطة “مو سيارين ومشاوي وزهر أبيض، مو مشمش وجانرك وعوجا وعآبية، مو فول وبزاليا وانكينار وملوخية، مو حليب وشمندور وجبنة ولبنة”، وتابع: “الغوطة ناس طيبين أياديهم عاركت التراب لتطعمينا طوال السنة كل الأكلات يلي منحط صورها عالفيس”.

أضاف السيد: “الغوطة ناس طيبين بيفيقوا من الفجر ليوصلولنا فطورنا، قبل ما يروحوا ولادنا عالمدارس من الصبح، ناس طيبين كانوا يستقبلونا بمحبة ويهزوا شجر التوت لناكل، والتوت الشامي لنعصر ونمون، الغوطة ناس طيبين طالبوا بإسقاط النظام الديكتاتوري طالبوا بالحرية، متل باقي دول العالم المتحضر، ما لهم علاقة لا بالنصرة ولا داعش ولا ماعش، صابرين عالمطرقة وعالسندان”.

قارن زكريا العقاد في منشوره، بين ما يجري مع الأسر حول العالم وفي الغوطة، على طريقته مشيرًا إلى أنه “في دول العربية والغريبة، تستيقظ الأمهات لتجهز أطفالها الذاهبين إلى المدارس وتعد لهم الطعام والشراب، إما في الغوطة الشرقية بريف دمشق، تستيقظ الأمهات لتلملم أشلاء أطفالها الذين مزقتهم طائرات الروس وصمت العرب”.

من جهة ثانية، دوّن محمد أحمد رؤيته أيضًا باللهجة المحكية قائلًا: المطلوب مننا نحن هلأ نكف شوي عن البكاء والتناثر ونبعد عن جو الحزن، نترك هل حزن بداخل صدرنا ونخبيه منيح ونقفل عليه، ما نخليه يطلع من صدرنا إلا بالزمن المناسب والمكان المناسب”، وأشار إلى أن “الأمر صعب، لكن هلأ مو وقت التشظّي والانكسار ونوقف عاجزين قدام حجم المصيبة يلي قدامنا، لازم نشتغل ونتساعد بالشي القادرين عليه وبين أيدينا”.

أعطى أحمد أمثلة عن طرق الوقوف مع الغوطة، وهي “تبرع أو مشاركة بمظاهرة أو اعتصام، نحكي لوسائل الإعلام، أي شي نعملوا، المهم ما نوقف عاجزين، أكيد يلي بالغوطة مو مبسوطين بأصواتهم يلي عم تطلع، والوضع يلي هن فيه والحزن يلي عم يعيشوه مع كل لحظة فقد ومع كل قذيفة وكل صوت آخ، أكيد هن ما بدن هل شي ولا بدن يانا نقعد نحزن ونبكي معهم وعليهم، بدن منا مساعدة مساندة ودعوة”.

فيما نقلت حنان معروف مشهدًا رأته في فيديو من الغوطة، بقولها “يا رب على براءة الأطفال، طفلة انتشلوها من تحت الأنقاض قالت للمنقذ: عمو لوين نحنا رايحين؟، قالها عالنقطة يا عمو، قالتله ما بدي إبرة عمو الله يوفقك”. علّقت معروف على ذلك: “كل شي عم يمر على راسهم ولسا بيخافوا من الإبرة”.

فيما وصف ركان الصفدي مشهدًا من جلسة مجلس الأمن، قائلًا “أصدق عبارة قيلت في جلسة مجلس الأمن قول مندوب السويد: نواجه اختبارًا اليوم، ليس بصفتنا سفراء وممثلين لدولنا، ولكن كبشر.. فغصّ مندوب روسيا بالماء!”. (ح.ق)


جيرون


المصدر
جيرون