“الهيئة” و”جبهة التحرير”.. صراع الظفر بالشمال السوري



امتدت الاشتباكات المستمرة، منذ خمسة أيام حتى اليوم السبت، بين (جبهة تحرير سورية)، و(هيئة تحرير الشام) إلى الحدود السورية مع تركيا بريف إدلب الشمالي، وذكر ناشطون أن اشتباكات عنيفة بين الجانبين تدور الآن في عدة مناطق، منها محيط قرية أطمة، طريق دير بلوط، منطقة الكراسي.

بدأت إرهاصات الخلاف بين الفصيلين، منذ أعلِن عن تشكيل (جبهة تحرير سورية)، في 19 شباط/ فبراير الجاري، من قبل فصيلين مناوئين لـ (هيئة تحرير الشام) هما حركتا (نور الدين الزنكي) و(أحرار الشام). إذ عدّت الهيئة أن سعي الجبهة لتوسيع مناطق نفوذها في الشمال السوري، يشكل خطرًا على بقائها؛ فسارعت لاتهامها بمقتل القيادي البارز فيها، أبو أيمن المصري، على حاجز للزنكي بريف حلب الغربي، حيث كان يشغل مهام مسؤول التعليم في إدارة المهجرين التابعة للهيئة.

ونفت (جبهة تحرير سورية/ الزنكي) -بحسب بيانات رسمية- مسؤوليتها عن مقتل القيادي في الهيئة، إلا أن الأخيرة حشدت لاقتحام مناطق الجبهة في ريف حلب الغربي، مستخدمة الأسلحة الثقيلة في محيط (قبتان، عويجل، أورم الكبرى، محيط الفوج 111، وعنجارة)، ثم ما لبث أن وصل القتال بين الجانبين إلى ريفي إدلب الشمالي والشرقي.

قال محمد أديب، عضو المكتب الإعلامي في (جبهة تحرير سورية)، لـ (جيرون): إن مقاتلي الجبهة “سيطروا على (معرة مصرين، حزارين، ورويحة، ومعسكر الشيخ بحر قرب معرة مصرين)”، وأشار إلى “وجود اشتباكات عنيفة، في عدد من مناطق ريفي حلب الغربي وإدلب، حيث تدور معارك طاحنة بين الهيئة والجبهة في قرى (عويجل، بسرطون، كفرناها)، بريف حلب الغربي، وخان السبل بريف إدلب”.

بيّن أديب أن مقاتلي الجبهة “قتلوا عشرات العناصر من الهيئة، إثر محاولة الأخيرة اقتحام عدة قرى وبلدات، تخضع لسيطرة (تحرير سورية) بريفي حلب الغربي وريف إدلب”، من دون أن يشير إلى أعداد القتلى والأسرى من الجانبين.

إلى ذلك، قال قائد عسكري في الهيئة، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ (جيرون): إننا “نحارب فئة باغية، تستبيح دماء المسلمين، وسيستمر القتال حتى القضاء عليها”. في إشارة إلى (جبهة تحرير سورية).

وفيما أعلن (جيش الأحرار)، المنشق حديثًا عن (هيئة تحرير الشام)، عدم وقوفه على الحياد في ظل ما وصفه بـ “بغي الهيئة”، وعدم ردها للمظالم، اتهم (الحزب الإسلامي التركستاني لنصرة أهل الشام) فصيلَ (الجبهة) بالاعتداء على مقارّه في عدة مناطق بريف إدلب وحلب الغربي.

من جهة ثانية، تداول ناشطون تعميمًا، نُسب إلى محمد الشيخ رئيس حكومة الإنقاذ (الجناح المدني للهيئة)، يدعو فيه وزيرَ الداخلية في حكومته إلى التعميم على عناصره، بضرورة القتال إلى جانب الهيئة ضد من وصفهم البيان بـ “الفئة الباغية”.

لكن الدكتور بسام صهيوني، رئيس الهيئة التأسيسة التي انبثقت عنها (الإنقاذ)، نفى وجود بيان، وقال لـ (جيرون): إن “موقفنا واضح، وهو الحياد الإيجابي، ودعَونا إلى وقف الاقتتال، وقد أصدرنا بيانًا واضحًا بهذا الشأن”.

في السياق ذاته، دعا عدد من الدعاة الإسلاميين في الساحة الفصائلية، وعلى رأسهم السعودي عبد الله المحيسني، “المتخاصمين إلى وقف القتال، والرضوخ إلى محكمة شرعية، يرتضيها الطرفان”، لكن دعوته لم تجد صدًى على الأرض حتى الآن.

خلّفت الاشتباكات، بين الطرفين، عشرات الجرحى المدنيين؛ ففي مخيم أطمة للنازحين السوريين، على الحدود السورية مع تركية، أصيب خمسة مدنيين، بينهم طفل وسيدة، بجروح بالغة؛ إثر اختراق مقذوفات نارية الخيام؛ ما دفع أهالي المخيم إلى التظاهر ضد الاقتتال الفصائلي، داعين إلى وقف الاقتتال، وتحييد المدنيين عن ساحة المعارك بين الجانبين.

وتوقع قائد عسكري بارز في الشمال السوري، فضل عدم نشر اسمه، أن “يكون الاقتتال الحالي هو بداية نهاية الهيئة”، وقال لـ (جيرون): إن “الهيئة انكسرت في القتال الجاري، بشكل غير مسبوق، حيث خسرت معاقلها في حماة بشكل كامل، وريف حلب الجنوبي، ومناطق واسعة في جبل الزاوية وريف إدلب الشمالي”.

ويرى مراقبون أن “الاقتتال بين الجانبين سيتواصل، حتى يسيطر فصيل واحد على الساحة؛ وتكون لديه القدرة على تطبيق التفاهمات الدولية والإقليمية على الأرض”، وبذلك “تسدل الجولة الحالية من الاقتتال الستارَ على دور الهيئة في الشمال السوري، والتخلص من عبئها الثقيل على كاهل المعارضة بشقيها (السياسي والعسكري)”.


جيرون


المصدر
جيرون