"الأقبية" الملجأ الوحيد في ظل استمرار القصف على الغوطة الشرقية رغم الهدنة (فيتشر)



سمارت ــ ريف دمشق

لم يتمكن أهالي الغوطة الشرقية للعاصمة السورية دمشق، رؤية سماء غوطتهم إلا لساعات قليلة جدا، عقب الإعلان عن هدنة الـ30 يوما في سوريا، والتي خرقها النظام السوري بعد فترة قصيرة، ما دفع الأهالي للعودة إلى أقبية المنازل التي تفتقر لمقومات الحياة الأساسية والتجهيزات اللازمة للسكن، حيث باتت تلك الأماكن مأوى جل العائلات منذ تصعيد القصف على الغوطة.

قال الناشط الميداني عبد الله الحافي في حديث لـ"سمارت" الأحد، إنه وعقب إعلان مجلس الأمن الدولي عن الهدنة منتصف الليلة الماضية، فضّل جل الناس البقاء في الأقبية لينعموا بنوم هادئ بعيدا عن أصوات القصف والطائرات، ويستطيعوا الخروج صباحا لرؤية ضوء النهار الذي حرموا منه لأيام.

وتابع "الحافي" أنه مع ساعات الفجر الأولى خرجت الكثير من العائلات إلى شوارع مدن وبلدات الغوطة الشرقية مشبها ما رآه بـ"أول أيام العيد"، ولكن ما لبث أن بدأ النظام بقصف مدن وبلدات الغوطة الشرقية بقذائف الهاون في الساعة السابعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي، لتعاود تلك العائلات النزول إلى الأقبية، حيث تبع ذلك قصف آخر بالطائرات الحربية، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المدنيين.

وأشار "الحافي" إلى أن الوضع في الأقبية سيء جدا لكونها لا تعتبر ملاجئ مجهزة مسبقا لمثل هذه الحالات، وإنما هي عبارة عن أقبية معظمها غير صالح للسكن ولا توجد فيها أي وسيلة من وسائل الحياة، لافتا إلى صعوبة تأمين الطعام للعائلات التي تسكن هناك، بسبب استمرار القصف، رغم الجهود التي تبذلها المجالس المحلية والمكاتب والمنظمات الإغاثية والإنسانية.

من جانبه رفض ناشط ميداني آخر، إطلاق كلمة ملجئ على مكان اختباء الناس قائلا "كلمة ملجأ لها أبعاد وتعني أن هناك مكان آمن تحت الأرض يستطيع  الإنسان الاحتماء به، (..) وما يوجد في الغوطة عبارة عن أقبية تفتقر للمياه والكهرباء والطعام، والعائلات تعمل بشتى الوسائل على تأمين قوت يومها للاستمرار في الحياة، وبعضها يعيش طوال اليوم على رغيف من الخبز". 

أما "حبيبة" إحدى المحاصرات في مدن الغوطة قالت إن العائلات في المكان الذي تحتمي به لم تتجرأ على الخروج من الأقبية رغم إعلان الهدنة لأنها لا تثق بالنظام، معبرة عن قلقها شديد على حياة طفلها أكثر من نفسها، والذي يختبئ معها في القبو منذ أيام، 

وعن الوضع الإنساني أضافت "عندما يوزعون الطعام نأكل وعندما لا يأت الطعام لنا لا نأكل أي شيء، (..) أمس استيقظت في الليل لأني جائعة ولم أستطع النوم بسبب ذلك الشعور".

من جانبها كتبت الناشطة "ورد" من الغوطة على حسابها في موقع "فيسبوك"، معبرة عن وضع الغوطة الشرقية بطريقة ساخرة: " أعلن من موقعي أن الطيار لا يريد أخذ إجازة وها هو يستمر في القصف، وكذلك الراجمات تقصف والأهداف جميعها من المدنيين، الوضع في الغوطة أسوء من قبل لأن بعض العائلات كانت تأمل خير من هدنة مجلس الأمن وكانت تقرر الخروج من الأقبية".

وكان مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة أعلن مساء أمس السبت عن هدنة في سوريا، حيث دعت  الدول الأعضاء فيه، للضغط على النظام السوري من أجل تطبيق القرار الأممي 2401، الذي نال موافقتها بالإجماع، إلا أنها لم تحدد موعد سريانه.

وخرق النظام الهدنة بعد ساعات من سريانها ما أسفر عنمقتل 24 مدنيا وجرح آخرين في الغوطة الشرقية، كما استخدم بحسب ما أكد ناشطون والدفاع المدني "غاز الكلور" السام في بلدة الشيفونية الواقعة تحت سيطرة "جيش الإسلام"، ما أسفر عن سقوط حالات اختناق، وسط محاولات لاقتحام الغوطة من عدة محاور.

وفي وقت رحبت فيه عدة "فصائل" في سوريا بقرار الهدنة، قالت "هيئة التفاوض" المنبثقة عن مؤتمر "الرياض2" ، إن افتقاد قرار مجلس الأمن الدولي لآليات التنفيذ وضمان التطبيق الدقيق وبيان عواقب التعطيل أو الاختراق ستفقده مصداقيته، كما لم تستبعد في الوقت نفسه خرق النظام لهذا القرار "مثلما حصل سابقا، ما دام يأمن من العقاب والمساءلة القانونية".

 




المصدر
أمنة رياض