جهود تربوية لاحتواء الصراعات بمدارس برلين بين اللاجئين وأبناء العرب المقيمين



السورية نت - رغداء زيدان

يعمل السيد عبد الله عقدة منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن كمرشد اجتماعي  في  المدارس البرلينية، تجسد عمله بالخصوص في إدماج تلاميذ الابتدائي وطلبة المعاهد الثانوية في الحياة المدرسية البرلينية.

وتمثلت همة المرشد العربي هذا بالدرجة الأولى في تذليل ظاهرة العنف بين الأطفال في فضاء المؤسسة التربوية. اليوم يكثف عمله في مواجهة العداء والقطيعة بين الوافدين الجدد من الطلبة وأندادهم من العرب المقيمين في برلين.

"لقد أضحت العلاقة في مدرستنا بين الفئتين من الطلبة العرب، من اللاجئين من ناحية و مواليد برلين من ناحية ثانية، حميمية وتطورت علاقات الأطفال لتصل مستوى الصداقة."  هكذا وصف المرشد الاجتماعي السيد عقدة النجاحات التي حققها في عمله المدرسي.

ثم استرسل يقول مبتسماً بأن التطور الايجابي بين الأطفال طال العائلات التي باتت تربطها علاقات حميمية وزيارات متبادلة على غرار الطالب أشرف الذي  لولاه لما تعرفت عائلته على عائلة أبي محمد الحلبية. 

ويقول أشرف البالغ من العمر 14 ربيعاً بأن الصورة التي كان يحملها عن الوافدين الجدد سلبية واصفاً إياهم بالعنف والفوضى وأنهم يشوهون سمعة العرب في برلين.

ويبدو أن جهل الفئتين لبعضها بعضاً والفجوة الكبيرة بين الفئتين كانتا غالباً السبب الرئيس في العداء والرفض والعنف بين الطرفين.

وكلف المرشد الاجتماعي عبد الله المحنك في هذا النوع من المشكلات الاجتماعية من قبل مدير المدرسة بمواجهة  الصعوبات التي باتت تشكل خطراً على أمن واستقرار المدرسة البرلينية الواقعة في حي نويكولن، المعروف بنسبة كبيرة من المهاجرين بين سكانه.

جهود تربوية

وحول تبلور الفكرة من أجل تقريب الفئتين العربيتين من بعضها يقول المرشد الاجتماعي العربي السوري: "لقد تفاقمت ظاهرة العنف بين الطرفين وازداد التلاسن  والرفض المتبادل الذي بات واضحاً للعيان حتى لدى الأولياء".

وحتى تتمكن المؤسسة  التربوية من التغلب على ظاهرة العنف وتحويل الفضاء التربوي إلى مكان يطيب فيه اللقاء وتقبل العلم شرع المرشد الاجتماعي في تقريب الأطفال ببعضهم عبر أنشطة متنوعة داخل المدرسة وخارجها.

حول الطريقة التي توخاها يمضي عبدالله (50 عاماً) يقول والابتسامة لم تفارق محياه: "لقد كنت أدرك جلياً أن سبب العداء بين الفئتين يعود بالدرجة الأولى إلى جهلهم لبعضهم، لذلك شرعت في تنظيم  أنشطة متنوعة  بالتعاون مع الأولياء والمعلمين، مثل لعب كرة القدم والطبخ الجماعي وزيارة المتاحف".

ويرى المرشد أن الطريقة التي استعملها كان لها الفضل الكبير في تقريب الأطفال والأولياء من بعضهم بعضاً.

ويعد أبو محمد  الحلبي الذي يعيش في برلين منذ سنتين مع عائلته من الأولياء الناشطين في المشروع المعد من قبل المدرسة لمعالجة الصعوبات بين الأطفال العرب من الفئتين وحول دوره في هذا العمل التربوي يقول أبو محمد حول سبب مشاركته في البرنامج التربوي: "لقد كان ابني سامي يرفض الذهاب إلى المدرسة كان يعود منها وعلى جسمه علامات العنف لاحظت أن الشكوى لدى المدرسة لم تأتي بثمارها بل عقدت الأمور بين الأولياء والأطفال".

التطور السلبي هذا، كما يضيف أبو محمد، حثه على دعم العمل الاجتماعي في المدرسة بمشاركة السيد عقدة حيث يشارك مع ثلة من الأولياء في تنظيم لقاءات حوارية وطبخ جماعي، ويسترسل السيد أبو محمد قائلاً: "إن الاحتكاك المباشر مع مشاركة الأولياء في الفعاليات والأنشطة الثقافية جعل الرؤى تقترب بين مختلف الأطراف ولم نعد نحن السوريون الجدد في ألمانيا غرباء عن بني جلدتنا"

ففي الوقت الذي يرى فيه هذا الأب السوري  الجديد في ألمانيا على غرار السيد عبدالله أن سبب الرفض ونشوب العنف بين الأطفال يعود أساساً إلى جهل وعدم الاستعداد لتفهم الآخر ناهيك عن الغرور في بعض الأحيان.

 يقول السيد أبو رامي (30 عاماً) الذي التقيناه أمام مدخل المدرسة: "إن الأطفال السوريين هنا في المدرسة عنيفون جداً ولا يعرفون الاحترام أنهم لا يريدون الاندماج هنا في ألمانيا".

ويضيف أبو رامي ذو الأصول الفلسطينية والذي كبر وترعرع في برلين أن الأطفال اللاجئين من السوريين لا يمثلون قدوة حسنة وهم القادمون من منطقة حرب ولذا يرفض الأب الفلسطيني الشاب أي مشاركة في الأنشطة التي تنظم في فضاء المدرسة.

وحول مثل هذه الفئة من الأولياء يقول لنا السيد عبد الله عقدة إن هنالك من الأولياء العرب متعصبون ويرفضون حتى الحديث مع اللاجئين لكن مثل هذه الفئة لا تمثل الأغلبية.

ويضيف السيد عبدالله مؤكداً على الرغبة في تحسين ما يمكن تحسينه فيقول: "لقد تكونت علاقات حميمية بين الأطفال والأولياء من الطرفين وقد أضحى البعض منهم  يؤدون الزيارات العائلية."

تجربة نموذجية

هذا ما أكده لنا أيضاً السيد "فولكر مولر" مدير المدرسة الذي قال بأنه لم يكن ينتظر مثل هذه النتيجة الإيجابية التي حققها السيد عبدالله في مدة وجيزة.

وحول سبب نجاح المشروع الذي انطلق عند ابتداء السنة الدراسية أي حوالي نصف سنة يقول السيد "فولكر": "لاشك أن عامل اللغة والثقافة والعقلية العربية لدى المرشد الاجتماعي ساعدت جميعها بقسط وافر على مكافحة العنف ومحاربة الأحكام المسبقة وتقريب الفئتين من الطلبة في فضاء المدرسة عبر أنشطة ذات بعد تربوي".

كما أشاد مدير المدرسة يتفاعل الطاقم التربوي في مدرسته الذي كان هو أيضاً ملتزماً بهذا الموضوع وفي هذا الشأن يقول السيد "مولر" وهو سعيد بما تم الوصول إليه: "لقد استثمر البعض من طاقم التعليم أوقات فراغهم في هذا المشروع وقاموا بزيارات الأولياء وشاركوا في الأنشطة الرياضية والترفيهية".

واختتم السيد "مولر" كلامه مشيداً بالتجربة الناجحة في مدرسته والتي باتت اليوم مثالاً تحتذى  به المدارس الأخرى في العاصمة الألمانية برلين.

اقرأ أيضا: بحجة منع الهدر.. حكومة النظام تعتزم تصغير حجم رغيف الخبز




المصدر