‘مراسلات الغوطة: “يمكننا تغيير هذا الواقع”’
26 شباط (فبراير - فيفري)، 2018
عندما بدأت القنابل بالسقوط على الغوطة الشرقية المحاصرة في سورية؛ تجمع اثنا عشر شخصًا من البالغين والأطفال في غرفة واحدة، في منزل الناشطة بيان ريحان، شبكوا أيديهم معًا وعانق بعضهم بعضًا، وهم يحاولون خلق الأمل.
قالت ريحان التي عاشَت نصف عقدٍ من عمرها تحت الحصار: “أضع ابنة أخي البالغة خمس من عمرها في حضني، أسرد لها قصصًا عن الأشياء الجميلة، وأنا أحاول أن أُنسيها أصوات القصف”. وأكملت: “عندما يتوقف القصف قليلًا؛ نذهب لإعداد بعض الطعام الذي يدرأ عنا الموت جوعًا، وعلى الرغم من أن وضعي صعب جدًا، فإني أفضل حالًا من آلاف الأسر الأخرى؛ لأنني ما أزال أملك بعض القمح، وصلصة الطماطم التي تعد من أطعمة المترفين في الغوطة، في هذه الأيام”.
ريحان ناشطة في مجال حقوق الإنسان وضابطة نسائية في مجلس محلي، وهي إحدى النساء اللواتي بقين في الغوطة الشرقية، ويضطلعن الآن بدور بارز في الجهود الرامية إلى تبادل أخبار حملة القصف الوحشي التي تقوم بها القوات الداعمة لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
من جانب آخر، تقول الصحفية السورية المنفية زينة إرحيم: “النساء هن المصادر لمعظم القصص التي نسمعها أو نقرؤها، أستطيع أن أذكر ثماني نساء في الغوطة، أتابعهن للحصول على الأخبار اليومية، مقابل اثنين فقط من الناشطين الذكور. حتى إن النساء هن وجوه البؤس والمذابح”.
أكملت إرحيم: “في ظل وجود نحو 400 ألف شخص محاصر، في المنطقة التي كانت تُعدّ منبع الخيرات في دمشق، ويواجهون إحدى أشد الاعتداءات في حرب طويلة ومريرة، فإن المزيد من النساء يُخبرن قصصهن أمام الكاميرا وخلفها، كما يقمن ببث تسجيلات مصورة، يتحدثن فيها إلى الجمهور، وينشرن قصصهن الشخصية وقصص غيرهن، على نحو يومي، ويتحدثن إلى وسائل الإعلام، وينقلن ما يحدث كشهود العيان”.
وأضافت: “في مناطق أخرى يسيطر عليها الثوار، حتى في أثناء الأزمات مثل حصار حلب، تم تهميش أصوات النساء. أحيانًا من قبل المحافظين داخل مجتمعاتهن المحلية، وأحيانًا بسبب تأثير المتطرفين المتشددين من الخارج. في حلب، يمكن أن ترى أفلامًا قد تصل مدتها إلى ساعة كاملة دون أن تمر امرأة أمام الكاميرا”.
وقد يكون جزء من أهمية المرأة، في الغوطة الشرقية حاليًا، هو فقدان الكثير من الرجال الذين قُتلوا أو احتجزتهم قوات تابعة للنظام، في السنوات الأولى من الحرب، أو قُتلوا في المعارك، أو ما زالوا يعملون على خط الجبهة. وقد شغلت النساء الآن الكثير من أدوارهم في وقت السلم.
كما أن موقع المنطقة على مشارف دمشق قد يسهل أيضًا على النساء أن يتدخلن في الأدوار العامة، على الرغم من وجود مجتمع محافظ نسبيًا. وكان من السهل على النساء السفر إلى العاصمة، للعمل أو التعلّم، في السنوات التي سبقت الحرب، والعديد منهن فعل ذلك.
قالت طبيبة الأطفال أماني بللور في شريط فيديو، قبل وقت قصير من بدء الهجوم الأخير: “النساء في الغوطة هنّ الأغلبية، وأعدادهن تتجاوز أعداد الرجال. لقد ضحوا وعانوا أكثر من الرجال من أجل الثورة”.
في العديد من المناطق، تحولت الثورة التي بدأها الرجال والنساء معًا، إلى حربٍ يهيمن عليها الإسلاميون المتشددون الذين يحملون أفكارًا متشددة للغاية، وهذا خلق تحديات ومخاطر إضافية على النساء. كما قالت إرحيم: “إن الأدوار المبنية على أساس التفرقة بين الجنسين استفحلت أكثر، بسبب الحرب التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة الذكورية”.
وبينما يعاني الجميع في الغوطة الشرقية، بعد سنوات من الحصار، تواجه النساء تحديات إضافية. تقول الناشطة لبنى القنواتي، في شريط فيديو عن الحياة في المنطقة: “أثناء الحيض، لم أكن أعرف ماذا أفعل، إذ لم يكن هناك فوط صحية! كان هذا مجرد شيء صغير بالمقارنة مع جميع المشكلات الأخرى، لكنه كان كبيرًا بالنسبة إليّ، كامرأة تعيش وحدها”. وأضافت: “بعد فترة من الوقت، بدؤوا صنع فوط محلية الصنع، وتم بيعها على الأكشاك في السوق. كانت محبوكة بطبقة من البلاستيك، وكان استخدامها شبه مستحيل”.
غادرت القنواتي الغوطة، منذ ذلك الوقت، وكان جزء من مغادرتها بسبب قلقها من تسلل المتطرفين إلى المنطقة، والقمع ضد الناشطات، لكنها الآن تعمل لصالح منظمة تدعم النساء على الأرض. وتقوم النساء السوريات بحملة لتحدي القوالب النمطية بين الجنسين حتى أثناء الحرب، وترفض نساء مثل ريحان وبلور أن يبقوا.
قالت الطبيبة بللور: “أسمع الكثير من الانتقادات من الناس هنا -على سبيل المثال- يقولون لماذا هذه المرأة مسؤولة عن المستشفى؟ أليس لدينا أطباء من الذكور؟ يقولون هذا بصراحة. لكن -في رأيي- يمكننا تغيير هذا الواقع. يرى مجتمعنا أشياء من وجهة نظر معينة، وسوف يستمر بهذه الطريقة إلى الأبد؛ إذا بقينا خائفين، وبقينا في المنزل، ورهنّا جميع قراراتنا بيد مجتمعنا”.
اسم المقالة الأصلي: We can change this reality’: the women sharing news of war in Ghouta
الموقع: ذا غارديان
اسم الكاتب: إيما غرانب هاريسون
تاريخ النشر: السبت 24 شباط/ فبراير
لينك المقالة الأصلي: https://www.theguardian.com/world/2018/feb/24/syria-eastern-ghouta-the-women-sharing-news-of-war
روشان بوظو
[sociallocker]
جيرون