استمرار المجازر في الغوطة الشرقية رغم قرار الهدنة الإنسانية



صادق مجلس الأمن الدولي، في 24 شباط/ فبراير على القرار 2401، الذي يقضي بوقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا لأسباب إنسانية، في سائر أرجاء سورية، بما فيها الغوطة الشرقية، وذلك بعد مداولات ونقاشات حادة دامت عدة أيام. ومع ذلك، لا يبدو أن النظام السوري عازم على احترام هذا القرار الدولي؛ إذ شنّت القوات الموالية لبشار الأسد هجمات جديدة في المنطقة، بعد يوم من بدء سريان وقف إطلاق النار؛ ما أسفر عن مقتل أكثر من 530 مدنيًا و2500 مصاب، من بينهم 130 طفلًا، في الأسبوع الماضي وحده. كما تستمر عملية الحصار على الغوطة الشرقية واحتجاز ما يُقارب 400 ألف مواطن، منذ بداية النزاع السوري في عام 2011. ووفقًا لقناة (الجزيرة)، فإنّ قوات الأسد تهاجم منطقة الغوطة على عدة جبهات. ويشتبه في شنّ السلطات السورية هجومًا بغاز الكلور، مساء الأحد، أسفر عن مقتل طفل وإصابة أربعة عشر شخصًا آخرين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ووفقًا للمدنيين والناشطين في الغوطة، فشلت القوات السورية والروسية في احترام وقف إطلاق النار، واستمرت الغارات الجوية على المدارس والمستشفيات. وما يزال المدنيون، بمن فيهم الأطفال، يموتون بسبب الغارات التي تشهدها مناطق المتمردين. وفي الآونة الأخيرة، انتشر مقطع فيديو في صفحات (فيسبوك)، عن أمٍّ تحمل طفلها الصغير وهو يحتضر أمام أعينها. وتشرح الأم أنّ الطفل أخبرها أنّه يريد الموت والصعود إلى السماء، لوفرة الطعام هناك. يثبت هذا المقطع الظروف اللّاإنسانية التي يعاني منها المدنيون في المنطقة.

برّرت السلطات السورية والروسية غاراتها، بذريعة مكافحة الإرهاب في منطقة الغوطة الشرقية. ويُذكر أنّ الجماعة المسلحة الوحيدة المتهمة بارتباطها بجماعات إرهابية هي فصيل (هيئة تحرير الشام/ النصرة)، ولها ارتباط وثيق بتنظيم القاعدة. ويعتقد أنّ لـ (هيئة تحرير الشام) قرابة 400 مقاتل في الغوطة الشرقية. أمّا باقي الجماعات المسلحة في المنطقة فهم (جيش الإسلام) و(فيلق الرحمن)، ويقاتلون كجزء من الجيش السوري الحر. كِلا المجموعتين قابل للتفاوض، وهما مشاركتان في عمليات المفاوضات ومحادثات أستانا، كما أكّدتا على التزامهما بتسهيل مرور قوافل المساعدات الإنسانية والطبية.

من جانب آخر، قال السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار جعفري: إنّ وقف إطلاق النار لن يُطبق على الجماعات الإرهابية الموجودة في الغوطة، في سعي منه على إضفاء “الشرعية” على الهجمات المستمرة في المنطقة، رغم وقف إطلاق النار. الأمر الذي أكده الجنرال محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية والحرس الثوري الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري. ومع ذلك، ووفقًا لمصادر خاصة من أرض الغوطة، فإنّ (هيئة تحرير الشام) على استعداد لمغادرة المنطقة، بعد عملية التفاوض.

يدعو برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون (IVRPH) روسيا والنظام السوري، إلى التقيّد بقرار مجلس الأمن 2401، مع احترام وقف إطلاق النار الإنساني لمدة 30 يومًا، والسماح لمنظمات الإغاثة الانسانية بالوصول إلى المدنيين والمحتاجين. وعلاوةً على ذلك، يدعو برنامج الباحثين إلى التفاوض بشأن اتفاق مع (هيئة تحرير الشام)، يُمكِّنهم من مغادرة الغوطة الشرقية، ما سيجعل النظام السوري وروسيا غير قادرين على التذّرع بمحاربة الإرهاب، لتبرير غاراتهم على المنطقة. كما يدعو البرنامج النظام السوري والسلطات الروسية إلى وقف فوري للحصار المفروض على الغوطة الشرقية، والامتناع عن استهداف المدارس والمستشفيات، على نحو مخالف للقانون الدولي، ويحثّ الأمم المتحدة على تطبيق عقوبات صارمة على الدول التي تنتهك وقف إطلاق النار، من أجل ضمان نجاح خطة “تخفيض التصعيد” في المنطقة. أخيرًا، يتّهم البرنامج موسكو، بتأجيل الموافقة على وقف إطلاق النار، من أجل إعطاء المزيد من الوقت لنظام الأسد لاستعادة سيطرته على الغوطة الشرقية، وبالتحلل من التزاماتها، كعضو دائم في مجلس الأمن يقع على عاتقه واجب ومسؤولية تعزيز الأمن والسلم الدوليين.


برنامج الباحثين الزائرين الدوليين في مركز حرمون


المصدر
جيرون